جميعنا يعرف أهمية القلب وأنه العضو الأساسي في الجهاز الدوراني، فإنه يقوم بضخ الدم إلى جميع أعضاء الجسم عن طريق الإنقباض بشكل منتظم لضخ الدم وتوزيعه في الجسم خلال الأوعية الدموية، خسارة القلب تعني الموت.
هشام بن الحكم يشرح لنا أهمية القلب من زاوية أخرى، عن يونس بن يعقوب قال: كان عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من أصحابه فيهم حمران بن أعين ، ومؤمن الطاق ، وهشام بن سالم ، والطيار ، وجماعة من أصحابه ، فيهم هشام بن الحكم ، وهو شاب . فقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : يا هشام ! قال : لبيك يا بن رسول الله ! قال : ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته ؟ قال هشام : جعلت فداك يابن رسول الله ، اني أجلك وأستحييك ، ولا يعمل لساني بين يديك . فقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : إذا أمرتكم بشيء فافعلوه ! قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد ، وجلوسه في مسجد البصرة ، وعَظُم ذلك عليَّ ، فخرجت إليه ، ودخلت البصرة يوم الجمعة ، وأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة ، وإذا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتز بها من صوف وشملة مرتد بها ، والناس يسألونه ، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتيّ ، ثم قلت : أيها العالم أنا رجل غريب ، أتأذن لي فأسألك عن مسألة ؟ قال : أسأل ! قلت له : ألك عين ؟ قال يا بني أي شيء هذا من السؤال ، إذاً كيف تسأل عنه ؟ فقلت : هذه مسألتي فقال : يا بني ! سل وإن كانت مسألتك حمقى .
قلت : أجبني فيها . قال : فقال لي : سل ! فقلت : ألك عين ؟ قال : نعم . قلت : قال : فما تصنع بها ؟ قال : أرى بها الالوان والاشخاص . قال : قلت : ألك أنف ؟ قال : نعم . قال : قلت : فما تصنع به ؟ قال : أشم به الرائحة . قال : قلت : ألك لسان ؟ قال : نعم . قال : قلت : فما تصنع به ؟ قال : أتكلم به قال : قلت : ألك أذن ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أسمع بها الاصوات . قال : قلت : ألك يدان ؟ قال : نعم . قلت : فما تصنع بهما ؟ قال : أبطش بهما ، وأعرف بهما اللّيّن من الخشن . قال : قلت : ألك رجلان ؟ قال : نعم . قال : قلت : فما تصنع بهما ؟ قال : أنتقل بهما من مكان إلى مكان . قال : قلت : ألك فم ؟ قال : نعم . قال : قلت : فما تصنع به ؟ قال : أعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها . قال : قلت : ألك قلب ؟ قال : نعم . قال : قلت : فما تصنع به ؟ قال : أميّز به كلما ورد على هذه الجوارح . قال : قلت : أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب ؟ قال : لا . قلت : وكيف ذاك وهي صحيحة سليمة ؟ قال : يا بني إنّ الجوارح إذا شكّت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته ، ردّته إلى القلب ، فتيقن بها اليقين ، وأبطل الشك . قال : فقلت : فإنما أقام الله عز وجل القلب لشك الجوارح ؟ قال : نعم قلت : لابد من القلب وإلاّ لم يستيقن الجوارح قال : نعم . قلت : يا أبا مروان ، إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحكم حتى جعل لها إماماً ، يصحح لها الصحيح ، وينفي ما شكّت فيه ، ويترك هذا الخلق كلّه في حيرتهم ، وشكهم ، واختلافهم ، لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شكّهم وحيرتهم ، ويقيم لك إماماً لجوارحك ، تردّ اليه حيرتك وشكك ؟ ! .
قال : فسكت ولم يقل لي شيئاً . قال : ثم التفت إليّ فقال لي : أنت هشام ؟ قال : قلت : لا . فقال لي : أجالسته ؟ فقلت : لا . قال : فمن أين أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة . قال : فأنت إذاً هو . ثم ضمني إليه ، وأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتى قمت ، فضحك أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ ، ثم قال : يا هشام ، من علّمك هذا ؟ قلت : يابن رسول الله جرى على لساني . قال : يا هشام هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى *١.
مناظرات هشام تدل على حكمته و بصيرته الحاذقة وقوة عقله وكلامه وكيف يجب أن يستند الانسان بالبراهين العقلية فقد اشار الى هذا الأمر المهم بطريقة ابداعية وبين مفهوم الامامة و أهمية وجود الامام بأدق تفصيل.
وجود القلب يعني النبض، يعني توزيع الحياة الى سائر الأعضاء فعندما نفقد القلب سنفقد الحياة بلاشك روي عن مجاهد قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أخذ بيد فاطمة وقال: من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد، وهي بضعة مني، وهي قلبي الذي بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله.*٢
فاطمة هي قلب النبي (صلى الله عليه وآله) كما نؤمن أن النبي (صلى الله عليه وآله) أعظم شخص في البشرية، و هو الذي يملك من الكرامات و الفضائل مالا تعد ولا تحصى وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى أعظم مخلوق في البشرية يشير إلى أن مصدر حياته الذي يضخ الدم لباقي الأعضاء فاطمة (سلام الله عليها).
ولكن كيف كانت معاملتهم مع هذا القلب؟
ذكر ابن قتيبة أنهما جاءا إلى فاطمة (عليها السلام) معتذرين، فقالت:
نشدتكما بالله ألم تسمعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة ابنتي من سخطي؟.
ومن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟. قالا: نعم، سمعناه قالت:
فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي (صلى الله عليه وآله) لأشكونكما إليه فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله من سخطه وسخطك يا فاطمة.
ثم انتحب أبو بكر باكيا تكاد نفسه أن تزهق، وهي تقول: والله لأدعون الله عليك في كل صلاة، وأبو بكر يبكي ويقول: والله لأدعون الله لك في كل صلاة اصليها.٣
سؤال وجيه لمن يدعي محبة النبي (صلى الله عليه وآله) ماذا فعلوا بقلب النبي (صلى الله عليه وآله)؟
أين فاطمة؟
وماذا حل بها؟
كيف فقدت الحياة وأين دفنت؟
اضافةتعليق
التعليقات