أحرقوا دارها بمن فيها، صرخة السوط حين يغضب، والجنب حين وجأ، والجمع حين يعرب عن زفراته القاتلة يوم كان على المؤمنين كتابا موقوتا، وابتلاءً مركونا، أن يهجم اللعين وبيده هفوات الدملج لاترحم المرونة وهي تصطرخ بإسم السماء وقلاع الولاية عاكفة على كتاب الدين تحفظ آياته وتخط الفضيلة لبيت العصمة إرثا .
وامحمداه ، كان شهيق متوجع يزحف إلى أمان ودثار، خوفا على الولاية وحطب قد أوقد على عتبة المقام المحمود الذي بعثته رحمة للعالمين ، لحرق الغاية والعلة في الوجود ..
في عافية المسجد ، أعمدة نور تحمل في حناياها طفل هو ليس صغير بل هو سر كبير وباب معجزة ، ومسمار الخيانة تعدى حدود النبوة فأخذ مأخذا من أنفاس الطهارة وباب عصمته المفطوم من دنس الشرك، حتى قتلته .
كان هناك رذاذ أشبه بلفحات النار من كؤوس المعصية اجتمعت على فرط القرط من أذن الصلاة وحبس أنفاس الجنان بين باب الخلد وحائط التليد ، ((وإثر كسر الضلع وانبات المسمار وعصرها بين الباب والحائط أسقطت (عليها السلام) جنينها من بطنها، )) ١
وهذا ما ذكر في مصادر المخالفين. ويلكم ياعصابة الغدر والخيانة كيف تجرأت أنفسكم
وتجاسرت مخالبكم على مبعث النور وأساس التكوين فاطمة بنت محمد صلوات الله عليهما؟!
أم أن قول « ليهجر» لم يكن دليلا كافيا وقد سجله تاريخكم بالبرهان الثابت ؟!
الحديث عن الواقعة ، ليس كاذبا، بل في أم الكتاب ثابتا ، فمن شاء اتخذ إلى رضاهم الوسيلة لبلوغ القمم ، واحتواء النعم ، فليفتح ملف القضية ويبحث في أزقة كتبهم العاتية ..
_(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنَّهُ قالَ: يَوْمُ الخَمِيسِ، وَما يَوْمُ الخَمِيسِ ثُمَّ جَعَلَ تَسِيلُ دُمُوعُهُ، حتَّى رَأَيْتُ علَى خَدَّيْهِ كَأنَّهَا نِظَامُ اللُّؤْلُؤِ، قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلَّمَ: ائْتُونِي بالكَتِفِ وَالدَّوَاةِ، أَوِ اللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ، أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا، فَقالوا: إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلَّمَ ل يَهْجُر).٢
في بيت فاطمة ، أعلن التاريخ قيامة ، واللغط لم يترك لنفسه مساحة لإستيعاب الحدث ، يتغاضى وبكل مالديه، ليتجنب لنفسه عاقبة عاثرة ولقراره كرسيا معبدا بالنفوذ ومكبلا بالحديد.. تاركا حكاية الأصر والأغلال التي كانت عليه ، تبريرا لحماية نفسه مجملا.
الماضي يطرق أبواب المؤمنين ، والحاضر كفيل بتكرار الدعوة إلى تلبية المعاهدة وتجديد فرض لتستفز تلك المشاعر وماسكن القلب من ندم وتقصير وغياب حضور حين احساس الوجع وفقد النصرة في أوانها لأولياء الله، وقراءة حرف الطاغية من سطورها بتمعن ..
قال إبراهيم ابن سيار النظام المتوفى سنة 231 : (( إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها ، وكان يصيح عمر : احرقوا دارها بمن فيها ، وما كان بالدار غير علي و فاطمة والحسن والحسين))٣
إنه بيت الله وكعبة السجود و الطاعة لآل الله وأهل نبوته ، عقيدة الثبات وكمال الصفات وولاية التكوين ، بهم نعرف أصل الوجود ومعجزة التكوين وغائية الولاية .
أسمائهم في علياء عرشه مزهوة بالضياء الزاهر وبطابع الأزلية السرمدية .. فكيف لقلب المرابط لهم أن ينبض دون إدراك كل الفواصل ، ومهد الكلمة قد اعتمر بخلده من لسان حال هذا البيت العتيق ..
لا يكفي أن نقول .. أماه يازهراء .. دون شاهدة الألم ونترك الحق مائلا جنبه على كف عفريت غاصب لتراب الذهب أو ذهب التراث، وقد اكتفى قطميره بضربة ودع ليحوز هذا الإرث عنوة دون براءة .
عن البلاذري بسنده: (( إن أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة ، فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة ، فتلقته فاطمة على الباب ، فقالت فاطمة : يا بن الخطاب أتراك محرّقاً عليّ بابي ؟! قال : نعم ...))٤
والله إنها فكرة الداهية !!لابد أن يتوسم القلم بأفكار اليقظة ، ويحوز اوسكار منفرد الهيئة والهيبة، من مهرجان الثورة الفاطمية .. لأن حجم صرختها وأنة إستغاثتها لازالت تدندن آذان الضحى والليل إذا سجى، ويد ولاية علي في غرفة التدوين علمتنا مامعنى حفظ الزكاة ، والدفاع عن أنفال الجيب العلوي .
فليبتعد كتاب الفكر الفاطمي عن السكون والانطواء ، ويتقلد القصة بدمعتها ، ويواكب الحدث، عبر عيون واعية ، وألواح هادية، وأقوال علم وروايات شافية كافية ..لأن النظر الثاقب سيف على أعناق من ركن السوء وتقلد الفساد بخضوع ، وعاش حياة الذلة والخنوع ..
في هذا العصر، الإنسان في خسر ، لأن بعضهم اتكأ على حائط المبكى خيانة مع دراية ، تاركاً باب الطيش مفتوحا لمن هب ودب موارباً دفة حاضره ولقمة الوهن في نفسه حتى تستتب أمور وسادته على العمر الوثير والناعم الحرير ..
يكفي أن نقول، لولا عفة فاطمة وحجابها، وناموس البراءة طفلها وذمة الرواية وعهد الوصاية من النبي أباها إلى يوم فرج المهدي ثارها، لما كان للحكمة من باقية .
اضافةتعليق
التعليقات