لدور المرأة وموقعها الحساس، في رسم ملامح المجتمع بشكل ربما يفوق دور الرجل في كثير من الأحيان، وانطلاقاً من حضورها الحيوي داخل الأسرة والوقت الأكبر الذي يجمعها بأفراد الأسرة مقارنة بالرجل، وكونها المربية التي لاتقتصر مسؤوليتها على تربية الأولاد ، وإنما يجب أن تكون معدة لتربية وتنشئة الأولاد ليكونوا أفرادا نافعين للمجتمع.
وطالما أنَّ المرأة تتصدى لدور قيادي مهم في إطار العائلة، فإن هذه المسؤولية تتطلب شخصية قوية ومتعلمة، قادرة على فهم التنشئة الصحيحة، لبناء أسرة ناجحة. أما الرجل هو المربي والمعيل وهو العمود الذي تتكئ عليه الأسرة، فكل منهما عليه حقوق وواجبات،حيث تتوزع المسؤوليات بين الزوجين وفقا لقدراتهما وتوافقهما، ولابد أن يعرف الزوج أن الإسلام بتعاليمه الجلية، وضع للمرأة حقوقها التي تليق بكرامتها ولم يعاملها كبعض الأقوام سلعة حيث تُشترى وتباع في المجال الجنسي أو في صناعة محتوى الأفلام، وهنا يبدو التقاطع كبيراً بين تبجحات الغرب بخصوص المرأة وحقوقها وبين مايحدث على الأرض فعلا، وهو ما يميز بين النظرة الذكورية المعاصرة للمرأة أو كونها شريكة مع الرجل في صناعة المجتمع، فهي الأم والأخت والزوجة والبنت، وكل ماتحمل المرأة من أسماء، فهي مُكرمة في الإسلام، وإن سقطت الأم المربية سقط المجتمع. فلابد أن يراعي الرجل الله فيها ويصلح من نفسه فالإنسان معرض للزلل، ولكن تدارك السقوط والإنزلاق إلى الهواية وإصلاح ماأمكن من النفس هو الهدف المنشود. وأنَّ العنف هو الشعلة الأولى لضياع الأسرة، فمن غير الممكن أن يشاهد الطفل الضرب والإهانة داخل الأسرة وينشأ طفلا سويا. والسعي خلف إقامة علاقة افتراضية، في مواقع التواصل الإجتماعي ماهي إلا هفوة تسبب خسارته للعائلة، ومن الصعب أن تعود المشاعر والعلاقة الزوجية بعد جرح مشاعر الزوجة إلى سابق عهدها. أما المرأة قد يقع على عاتقها الهم الأكبر لما منحها الله من قوة الصبر والقدرة على التحمل في سبيل لَمْ شمل العائلة؛ ولكن دون أن يلحق بها ذلك التحمل ضررا كبيرا، فنحن نسمع هنا وهناك قد يصل بعض التعنيف إلى القتل والعياذ بالله.
نحن نتكلم عن الوسطية في إصلاح المشاكل التي تؤدي إلى هدم الأسرة وعدم الحاق الضرر بالجنسين على حدٍ سواء. فلابد أن تعرف ماهي مكنونة زوجها تتقرب منه وتسمع له، تصون زوجها ولا تفسح له المجال للإنزلاق في الرذيلة. ومما يؤسف له أنَّ أغلب الزوجات لا يتجملن لأزواجهن داخل البيت لكنهن يقمن بلبس أفخر الثياب التي اشتريت بمال الزوج نفسه وذلك خارج المنزل وفي الحفلات بينما يلبسن الملابس الرثة أو البالية داخل البيت بحيث يشعر الزوج وكأنه أمام خادمة تعمل في المطبخ وليس أمام زوجة وسيدة لها هندامها المطلوب. تحرص على ضرورة تهيئة نفسها لزوجها قبل دخوله البيت. ومن المُسلم به أن تجمل المرأة لغير زوجها أمر محرم ويؤدي بدوره إلى انحراف الرجال، أو الإنشغال بتصفح مواقع التواصل الإجتماعي أو ممارسة الألعاب الإلكترونية، أمراض العصر الحديث التي باتت تغزو بيوتنا.
ويذهب الكثير من المختصين وعلماء النفس القانونيين أنَّ أكثر فئة عمرية مشمولة بنسب الطلاق هي مابين العشرينات والثلاثينيات، وهو عمر حرج وأغلب المشاكل هو التمنذج بغير الأسوياء، حيث يتأثر النمو النفسي والأخلاقي بشدة له، وقد تقرر هذه المرحلة منهجه النهائي في الحياة، ومايرافقه من هيجان في المشاعر والاضطرابات النفسية، خاصة إذا رافقتها الضغوط والمشاكل، وعدم توافق الزوجين. فيبدأ الانقسام النفسي، ويسبقه الانفصال الروحي وافتراق الجنسين في البيت الواحد، وتجد كل منهما في عالم افتراضي آخر، مما يؤكد على عدم مسؤولية الزوجين على الحياة المقبلين عليها، وغياب ثقافة الهدف من الزواج، ولم يحرص ذويهما على توضيح مفهوم تلك العلاقة، فهو ومؤسسة مصغرة من نظام المجتمع الكبير، وترابط الأفراد فيها مدعاة لترابط المجتمع الواحد وازدهاره. فالتعنيف داخل الأسرة قد تكون المرأة جزء منه و شريكة في العنف، سواء هي من كانت المقصودة بذلك العنف أو الأولاد، إما بسبب الإهمال أو عدم الصبر على الزوج، الحياة بُنيَت على اختلاف ولابد من وجود تناقض بين كل زوجين فهناك زوجة واعية تستطيع أن تحتوي المشكلة رغم صعوبتها، وهناك امرأة تضخم الخلاف رغم بساطته. فمن الضروري الخروج من منزلق مصلحة الأنا، وإيثار النفس من أجل لم شمل العائلة.
الحرية المغلوطة وتدهور العلاقات
من الابتلاءات التي تسببت بهدم المجتمع هي الفهم الخطأ للحرية الشخصية وماهي الحدود التي يتوقف عندها الرجل أو المرأة ومامدى توافقها مع حياته ومجتمعه، وأنَّ بعض الشعارات المعاصرة التي تطرح بإسم المرأة ليست سوى ضجيج فارغ، لتجريد المرأة المسلمة من كرامتها وعفتها. وإنَّ الإسلام بتعاليمه الجليلة السمحاء، وضع للمرأة حقوق وأكرمها وحفظ لها إنسانيتها وهي تتقاسم الحياة مع الرجل سواء في المنزل أو العمل.
وأما الجري الفارغ وراء السوشيل ميديا ووسائل الإتصال وبعض الشخصيات التافهة؛ فهي غمامة فارغة، فتقليد تلك الشخصيات لا تمت لحياتنا في الواقع، من صلة بل على العكس تساهم في هدم الجيل وخراب الأسر، والمرأة المثقفة الواعية دينياً يجب أن تضع أمام عينيها مخافة الله والسير على منهج أهل البيت، وكذا الزوج يجب أن يعلم أن حياته بعد الزواج تختلف عما قبله بعد أن ودع حياة العزوبية، فالزواج بالنتيجة سيثمر عن أولاد وهما مسؤولين أمام الله عن تربيتهم تربية سليمة.
لكن الذي نراه في هذا العصر، أن بعضنا قد أصبح متأسياً ومتبعاً لعادات وتقاليد الحياة الغربية، لا الحياة الشريفة لرسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله) وأئمتنا القادة الهُداة الطاهرين (عليهم السلام) ووقع في فخ الحرية المهزوزة، ابتعدنا عن القدوة وأصبح تقليدنا أعمى. وعليه العنف ضد المرأة أي كان نوعه يشكل ظاهرة خطيرة ومقلقة لوضع المجتمع، وظاهرة عظيمة الحجم بحد ذاتها يجب معرفة أسبابها والحد من انتشارها.
والأجدر أن يعرف الجيل؛ إن العقيدة الصحيحة عصمة للإنسان وللمجتمع من الانحراف الفكري، فلابد من الإنتباه ولزوم الحذر قال الله تعالى: {ولاتُطعْ مَنْ أَغفَلْنا قَلْبَه عنْ ذِكْرِنا وَتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرطاً} فإن الإنسان الذي لا ينّم حياته وفي مختلف مراحلها وأبعادها ومنها العقيدية يكون أمره فرطاً، لا يعرف أين يأخذ وأين يعطي، وأين يسير. حاله حال العنب الذي انفرط عن عنقود فإنه لاجامع له.
فالإسلام يرى أن الجنسين أحرار ولا تقيد؛ إلاّ فيما جعل الله لهما من القواعد الخاصّة بهما، فلا افراط ولا تفريط، وذلك لمصلحتهما وكل عمل خارج القانون والشريعة التي أوجدها الإسلام فإنَّه يعني زيادة أو نقصاناً في طبيعة الحياة البشريّة ويؤول بالتالي إلى الوباء والزوال.
وحتى تتمكن المرأة من معرفة الدور الذي تنجح فيه لابد لها أن تعرف نفسها وأن تعرف وظيفتها، وحجم الوظيفة التي كلفها الله بها، ألا وهي تنشئة الجيل وعدم انحرافهم في ظل موجات التحرر الشرسة والمناهضة لدين الله. وأن يحرص الشريكين على إتمام بعضهما وحل مشاكلهما بعيداً عن تدخل الأطراف الهدامة، يجب أن يكون للمؤسسات الثقافية والتربوية دور في توجيه الشباب المقبلين على الزواج. ولاننسى دور الأسرة الكبير في إعداد الفتاة والشاب لهذه الشراكة التي باركها الله ووضع لها قوانين وضمن لكل فرد فيها حقوقه.
اضافةتعليق
التعليقات