يذكر راسل كونويل قصة رجل الدين الذي قضى حياته ينصح الشباب لكي يصبحوا أغنياء فسأله أحد المارة: لماذا تمضي أوقاتك وأنت تسافر من الشرق إلى الغرب تنصح الشباب لكي يصبحوا أغنياء وأن يحصلوا على المال أليس هذا بغيض والأفضل أن تعظهم بأتباع تعاليم الأديان بدلا من إرشادهم على كيفية كسب المال؟.
فرد عليه قائلا: لأن حيازة المال هي في الحقيقة من تعاليم الأديان السماوية فهي من تقوم ببناء المستشفيات ودور العبادة وهي من تطعم الجوعى وتستر المحتاج.
وهناك تعبيرٌ عميق ومهم جدا ذكرته هارف ايكر في كتاب (أسرار عقل المليونير) يهدم مفهوم يردده الفقراء بدون تعمق وهو: "إن المال ليس مهما مثل الحب"، حيث يقول أنها مقارنات غير موضوعية بل هي مقارنة غبية ويطرح سؤال أيهما أكثر أهمية ذراعك أم قدمك؟، ثم يجيب ويقول: بالطبع كلاهما بنفس الأهمية، والحب والمال هم مثل الأذرع والأرجل للانسان.
فالدين والحب وحدهم لا يصنعون أو يقدمون شيء للأنسانية بدون المال، وجميع الأفكار التي يشكلها الفقراء والتي تجعلهم يظنون أنهم سيكونون يوما ما سعداء بدون المال ماهي إلا أوهام فالسعادة الحقيقية تكمن في العطاء، والغني لديه فرصة للعطاء أكثر بكثير من الشخص الفقير.
كيف أكون غني لأكون معطاء ويذكر هارف مبدأ يعده من مبادئ النجاح يقول فيه: "إن احتقار الأغنياء يعد أكثر الطرق المؤكدة لكي تظل مفلسا، لأننا مخلوقات تحكمنا العادة".
والعادة التي يقصدها هارف هي التوجيه الموجود في اللاوعي المسؤول عن تحديد تفكيرنا والتوجيه هو الكلام أي العبارات التي نسمعها منذ الصغر من محيطنا فتخزن داخل عقلنا الباطن كجزء من المخطط الذي يدير حياتنا المالية مثل عبارة: (الفلوس وسخ دنيا)، (والمال أصل الشرور) (والأغنياء طماعون وسارقون).
والجينات الوراثية قد يكون لها دور وللجوانب الروحية دور، ولكن أعظم ما يشكل تكويننا يأتي من معتقدات الاخرين ومعلوماتهم والمعتقدات ليست بالضرورة حقيقية أو زائفة أو صائبة أو خاطئة، بدون النظر إلى شرعية تلك المعتقدات، فإن المعتقدات ما هي إلاّ آراء تنتقل بين الناس مرات ومرات، ثم من جيل إلى جيل حتى تصل إلينا.
والغريب في الأمر الفقراء دوما يقتنعون بطريقة عمياء كل مايقال عن خطورة الثراء وامتلاك الأموال وكأنه مخدر يخدر عقولهم كي لا ترهق، ظناً منهم إن الغنى لا يأتي إلاّ من تعبٍ كبيرٍ أو بخلٍ أو حرام وهذا بحد ذاته خطأ وحين يرون أحد رجال الدين يركب سيارة فارهة أو يملك بيت كبير يتهمونه بالسرقة والكذب والاحتيال، لأن أغلب رجال الدين يحشون رؤوس الناس بهذه الأفكار أسهم بجعل المجتمع أفكاره مشوشة حول الغنى وهو سبب بعدم الوصول إلى الثراء.
يقول هارف: "نحن نعظ الناس ضد الطمع في دور العبادة، ونستخدم عبارات مثل (المال قذر) بشكل مفرط حتى يعتقد الناس أنه من الشر أن يحوز أحد الناس مالا. ولكن الصحيح هو أن المال قوة ويجب عليك أن تكون طموحا لامتلاكه ويجب عليكم ذلك لأنكم تستطيعون أن تفعلوا الخير به أكثر مما تفعل الخير بدونه.
إن المال هو الذي طبع الكتب السماوية، وهو الذي يبني دور العبادة وهو الذي يرسل البعثات الدينية وهو الذي ينفق منه على طلبة العلم.. إنني أقول إذا من الواجب عليك أن تحصل على المال إذا كنت تستطيع أن تحصل عليه بطرق شريفة.. فإن واجبك الايماني هو أن تفعل ذلك. إنه خطأ شنيع يرتكبه أولئك المتقون، عندما يظنون أن عليك أن تصبح فقيرا للغاية من أجل أن تكون تقيا".
وفي المجتمع العربي من المعيب أن نقول إننا نحب الأموال أو نتمنى أن نكون أغنياء على الرغم من إنها أمنية طبيعية جدا يسعى إليها الجميع بدون استثناء، وعندما رأى سيد البلاغة انعكاسات الفقر والعوز التي بدأت تطل على المجتمع قال مقولته ذات الدلالة والقوة والمضمون (لو كان الفقر رجلا لقتلته) لأنه يعلم جيدا أين ما حل الفقر جلب معه الفساد والنفاق والجهل والأمراض الاجتماعية الجسدية والأخلاقية والذلة والرضوخ للظالمين.
اضافةتعليق
التعليقات