اعتاد الحاج أبو غيث أن يجهز كل متطلبات أسرته بما يلزمها ايذانا بقدوم الشهر الفضيل من المواد الجافة والخضروات والفواكه إلا أن ارتفاع أسعار البضائع هذا العام حال دون قيامه بذلك.
تراجع ملحوظ
تزامنا مع الشهر الفضيل أمست تعاني الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل من ارتفاع الأسعار الذي له أسباب كثيرة مما جعل العوائل الكربلائية تتراجع عن تجهيز ما يلزمهم من متطلبات والاكتفاء بأساسيات المائدة..
بهذا الجانب كان لـ(بشرى حياة) هذه الجولة الاستطلاعية:
أمر متعارف
أبو ليث (موظف 47 سنة) حدثنا قائلا: إنه أمر متعارف ارتفاع السلع في الأسواق الشعبية مع حلول الشهر الفضيل إلا أن هذه المرة ازداد أكثر من ذي قبل وذلك بسب ارتفاع صرف سعر الدولار بحسب ما تتداوله الأخبار كما للحرب الواقعة بين دولة أوكرانيا وروسيا دورا بذلك.
مضيفا: يفترض أن تنخفض الأسعار في شهر رمضان لكونه شهر الخير والبركة والتراحم، حيث هناك دول تسعى إلى تقليل الأسعار تبركا بحلول الشهر الكريم ليتسنى لجميع المسلمين شراء ما يحتاجون دون اللجوء إلى التخلي عن ما اعتادوا على اقتناءه إلا أننا نشهد النقيض.
الاكتفاء بالأهم
إن ارتفاع الأسعار لأبسط الأشياء جعلنا نكتفي بالأهم هذا ما استهلت به الحاجة أم فاطمة حديثها وهي تتبضع في أحد الأسواق الشعبية في مدينة كربلاء المقدسة، ثم واصلت حديثها قائلة: عوضا عن شرائي للفواكه اضطررت لشراء أساسيات وجبة الطهي فقد أصبح الكيلو الواحد للبطاطا ألفين دينار بينما كان سعرها نصف المبلغ وأحيانا أقل من ذلك، أما بالنسبة للحوم فقد بتنا نتخلى عنها إن اضطررنا.
رأس الهرم
بينما الشاب حسن كاظم (صاحب أسواق للمواد الغذائية) قال ممتعضا: الكثير من الزبائن يلقي اللوم على أصحاب المحال والبقالين متناسين أن لهذا الأمر تبعات تتعلق برأس الهرم، فقد بتنا نبتاع البضائع بأسعار مرتفعة من التجار وذلك لإرتفاع أسعار شحن المواد الغذائية المستهلكة، مما يجعلنا نضطر إلى زيادة الاسعار والامر لا يتوقف فقط على الخضروات والفواكه والبقالة بل توسع ليصل إلى الملابس والأحذية والذهب وغيرها.
من جانبه قال أبو تحسين/ 61 سنة، صاحب محل بقالة: من المؤسف أن تصل بنا الحال إلى هذا الحد لقد اضطررت إلى رفع أسعار الفواكه بسبب ارتفاعها في سوق التجار إلا أن الكثير من الزبائن الذين اعتادوا على التبضع مني لم يبتاعوا شيء لأنهم غير قادرين على ذلك الأمر الذي جعلني أضطر إلى بيعها بسعر أقل خوفا من تلفها، كما فضلت بيعها بقيمتها الأصلية دون الربح لأجمع ايجار المحل.
الاقتصاد والسوق
وشاركنا الدكتور ستار البياتي/ أستاذ الاقتصاد والتمويل الدولي في كلية اقتصاديات الأعمال جامعة النهرين قائلا: منذ عام( ٢٠٠٣) وحتى اليوم شهد الاقتصاد العراقي تراجعا واضحا لا سيما في ظل اعتماد سياسة الباب المفتوح ، حيث امست الحدود مفتوحة لاستيراد أي شيء حتى في ظل الحاقه الضرر بالاقتصاد الوطني.
مضيفا: ويلاحظ منذ مدة أن الأسواق المحلية تشهد ارتفاعا في الأسعار لاسيما اسعار المواد الغذائية ولذلك أسباب مهمة منها:
انخفاض سعر صرف الدينار العراقي الذي تم دون دراسة موضوعية للآثار السلبية التي تحمل عبئها المستهلك العراقي منهم ذوي الدخل المحدود، وتدهور القطاع الزراعي العراقي وتراجع انتاجه وعدم تمتع هذا الانتاج بالقدرات التنافسية .
وذلك لكون أغلب السلع العراقية هي سلع مستوردة فمن الممكن أن يكون التضخم أو ارتفاع الأسعار مستوردا .
كما للحرب الروسية والاوكرانية يد في ذلك حيث أدت إلى ارتفاع الأسعار في السوق العالمية وارتفاع أسعار الحبوب التي ارتفعت لأكثر من ٦٠ بالمئة .
وغياب السياسات الاقتصادية الحكيمة ومنها السياسة المالية والسياسة التجارية والزراعية .
فضلا عن غياب الرقابة أو الدور الرقابي للمؤسسات ذات العلاقة، حيث شجع على الاستيراد المنفلت من مناشىء عديدة بعيدا عن المتابعة والرقابة .
مسك الختام
بين سياسة البلدان وتدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية وتدني الجهات الرقابية يتزايد ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية ليس في أسواق المدن العراقية بل غالبية البلاد المجاورة ويقع أفراد الشعب من ذوي الدخل المحدود والفقراء ضحية هذه التبعات السياسية.
نأمل أن توضع حلول جذرية لتفشي الأسعار بطريقة مرعبة بالقريب العاجل لسد احتياجات المواطنين.
اضافةتعليق
التعليقات