وصفت الطالبة الفرنسية ورئيسة الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا بجامعة السوربون، مريم بوجيتو، انتقادات وزراء بأنها ترتدي الحجاب كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية بأنها مزاعم "محزنة".
وكان وزير الداخلية الفرنسي، جيرار كولومب، قد انتقد شخصيا ظهور بوجيتو في لقاء تلفزيوني وهي ترتدي الحجاب.
وردت الطالبة على موقع "بازفيد نيوز" الإخباري قائلة "إنها عقيدتي، حجابي ليست له وظيفة سياسية".
وترأس بوجيتو، البالغة من العمر 19 عاما، اتحاد الطلبة في جامعة السوربون في باريس المسمى اختصارا بـ "أوناف".
وكانت قد ظهرت في حديث وثائقي تتحدث فيه عن احتجاج الطلبة على إصلاحات التعليم، التي اقترحها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وهي ترتدي الحجاب.
وكانت مارلين شيابا، وزيرة الدولة المكلفة بالمساواة بين الرجال والنساء، قد قالت إن الأمر يعد "شكلا من أشكال الترويج للإسلام السياسي"، مضيفة أن اتحاد الطلبة "أوناف" ينبغي أن "يخبرنا عن القيم التي يرغب في ترويجها، بوضوح ودقة".
في الوقت ذاته، كان وزير الداخلية قد وصف ظهور بوجيتو بالحجاب بأنه "استفزاز" وعمل "صادم" له.
وتحظر فرنسا ارتداء الحجاب في المدارس وفي بعض الأماكن العامة منذ عام 2004، لكنه مازال قانونيا في الجامعات.
"رسائل كراهية"
قالت بوجيتو في حوارها على موقع "بازفيد" الإخباري باللغة الفرنسية إن تعليقات السياسيين في أعقاب ظهورها في التلفزيون "سيئة للغاية".
وأضافت: "لم أتوقع أن يصل الأمر إلى حد أن يصبح شأن دولة. من المحزن أن يدلي وزير الداخلية بمثل هذه التصريحات".
وكان الطلبة قد بدأوا تظاهرات في شهر مارس/أذار الماضي احتجاجا على خطط تتيح للجامعات العامة سلطة وضع معايير الالتحاق بالدورات الدراسية الأساسية للمرة الأولى. وهذا يتعارض مع السياسة الحالية التي تضمن للطالب مكانا في إحدى الجامعات العامة.
كما أصبحت بوجيتو هدفا لحملة انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت إنها تلقت "رسائل كراهية" بعد نشر رقم تلفونها الخاص على الإنترنت.
وقالت إنها شعرت بـ "خوف"، وإنها اضطرت إلى توخي "الحذر" في الأماكن العامة وإنها "لا تدري ما سيحدث".
وقال اتحاد الطلبة إن بوجيتو ضحية "كراهية عنصرية وجنسية وكره للإسلام".
فرنسا والحجاب
فرضت فرنسا حظرا على ارتداء الحجاب وأي رمز ديني "بارز" في المدارس الحكومية منذ عام 2004.
وحظي القرار بدعم سياسي وعام في بلد يكرس مفهوم الفصل قانونا بين الدين والدولة.
وأصبحت فرنسا في عام 2011 أول دولة أوروبية تحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، في حين بات الحجاب الذي يكشف الوجه مع تغطية الرأس واليدين، قانونيا.
ويحظر على المرأة، فرنسية أو أجنبية، مغادرة منزلها وهي تخفي وجهها بارتداء النقاب وإلا تعرضت لخطر دفع غرامة.
وقال الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، الذي فرضت إدارته الحظر، إن الحجاب يظلم المرأة وهو "غير مرغوب" في فرنسا.
ويعيش في فرنسا نحو خمسة ملايين مسلم، أكبر أقلية مسلمة في دول غرب أوروبا، لكن يعتقد أن نحو ألفي سيدة ترتدي النقاب. حسب بي بي سي.
"حجاب" يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
ومنذ ظهورها في برنامج تلفزيوني فرنسي الأسبوع الماضي، لا تزال الانتقادات توجه للطالبة مريم بسبب الحجاب الذي كانت ترتديه، ليعود الجدل مجددا إلى الساحة السياسية والإعلامية بخصوص العلمانية وإظهار الرموز الدينية في الأماكن العامة في فرنسا.
وظهور مريم بوجيتوعلى قناة "إم 6" الفرنسية في 12 مايو/أيار الماضي كان للحديث عن إصلاح جامعي تعارضه نقابتها "الاتحاد للوطني لطلبة فرنسا" المقربة إيديولوجيا من اليسار الفرنسي. إلا أن الحجاب الذي كانت ترتديه والذي كان يغطي بشكل كامل جبينها وأذنيها ورقبتها هو الذي أثار الاهتمام حولها وأشعل فتيل الانتقادات بخصوصها.
مريم بوجيتو التي فضلت في البداية التزام الصمت حيال هذا الضجة، أدلت الأحد 20 مايو/أيار بتصريح إلى موقع "بوزفيد" الإخباري حيث دافعت عن حقها في ارتداء هذا الزي الإسلامي.
وردت على تصريح وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب الذي عبّر عن صدمته في حديث إلى قناة "بي إف إم" الفرنسية، حيث قال بأنه "من الظاهر أنه هنالك معركة ثقافية في نهاية المطاف لدى بعض الشباب المسلم، فمن الواضح أن هنالك عددا من الأشخاص الذين عبر هذه الرموز يبحثون عن الاستفزاز".
فقالت الطالبة الفرنسية "من المقرف أن يوجه وزير الداخلية خطابا مماثلا يتضمن كل هذا القدر من العنف، خاصة أن ارتدائي للحجاب لا يتسم بأي بعد سياسي، فهذا إيماني... أجد نفسي اليوم مضطرة لتبرير اختياري رغم أنني لست مجبرة على ذلك".
وتضيف مريم بأن "ارتداء الحجاب كان اختياريا وعن قناعة دينية لكن في ظل احترام القانون واحترام الآخرين، وبالتالي فإن الجدل الذي أثاره لم يكن يستوجب النقاش أصلا".
وزيرة الدولة المكلفة بالمساواة بين الرجال والنساء مارلين شيابا عبّرت هي أيضا عن استيائها من ظهور رئيسة هذه النقابة الطلابية بالحجاب الإسلامي، معتبرة أنه تعبير عن "إسلام سياسي"، مضيفة بأن "نقابة الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا من المفروض أن تكون نقابة تقدمية ومدافعة عن حقوق المرأة في حين أن الحجاب يعد دليلا على سيطرة الدين... وأنه يعد شكلا من أشكال الترويج للإسلام السياسي..."
في ردها على الوزيرة، قالت مريم بوجيتو "إن الأمر لا يتعلق بذلك أبدا... إنهم يفسرون الأمور من منظور يختلف حتى عن رؤيتي الخاصة... لا بد من توضيح ذلك..."فمفهوم الإسلام السياسي قد يتضمن عدة أشياء حتى تلك التي تفتقد للمعنى... ومن المؤسف أن تفسر نواياي بشكل مغاير... لم يكن حجابي أبدا في خدمة التوظيف السياسي...".
مواقع التواصل الاجتماعي كانت أيضا مسرحا لهذا الجدل حيث استغل البعض هذا الفضاء لشتم الطالبة ونشر رقم هاتفها على الإنترنت، فيما أطلق البعض الآخر وسما #SoutienAMaryam
كما نددت الطالبة بعدم التوافق المفترض بين ارتداء الحجاب والعلمانية. حيث قالت "حين أدافع عن الطالبات والطلبة لا أتساءل عن لون بشرتهم أو ميولهم الجنسية أو فلسفتهم في الحياة. أدافع عن كل النساء اللواتي يرتدين الحجاب أو لا، المسلمات أو غيرهن".
وتأمل بوجيتو بعد هذا الجدل أن يحدث تغيير في الذهنيات "فيصير الناس أكثر تقبلا بأن تكون هنالك امرأة، مواطنة فرنسية، مسلمة، متحجبة، طالبة، وناشطة في خدمة الآخرين".
نقابة الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا، كانت قد أعلنت عن مساندتها لمريم بوجيتو، وهذه الأخيرة صرحت بأنها لا تفكر أبدا في مغادرة هذه النقابة رغم المضايقات التي تعرضت لها، وقالت إنها تعتزم الالتحاق بالعمل الإنساني إثر إنهاء دراستها. حسب فرانس 24.
اضافةتعليق
التعليقات