جميعنا لدينا ذكريات ترسم البسمة على شفاهنا عند مرورها نشعر بأن الفراشات تخرج من أعماقنا وتسحبنا نحو الأعلى لنحلق في السماء من فرط السعادة، نشعر بأننا نملك جناحين وباستطاعتنا أن نودع الأرض بسهولة ونسافر إلى سماء الأماني والأحلام وجميع هذه اللحظات تكون تحت تأثير رحمة الله بنا حيث بعث لنا أحدهم ليمد لنا يد العون ويثبت لنا أن الله معنا.
تلك اللحظات المملوءة بالرحمة والحنان تنتشلنا من بؤسنا وتضيف لحياتنا الأمل لندرك أن الرحمة والحنان أهم من الحب نفسه.
صفة الرحمة من أهم الصفات التي يجب أن ندعو الله أن يوفقنا لاكتسابها ونسعى لأجلها، لأن الرحمة تُغير الأمور وتضيف النكهة المميزة وتلين قلب الناس وتحفزهم على القيام بما يُطلب منهم لذلك نرى هذه الصفة هي الصفة البارزة عند نبينا الكريم صلى الله عليه وآله فيقول ربنا في حقه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).
فهو الخير المطلق وهو الذي بُعث رحمة للعالمين في كل زمان وللجميع وليس لفئة معينة ورسالته مفتوحة إلى آخر الزمان ويبين لنا ربنا عزوجل سبب امتلاكه للقلوب والعامل الأساسي في المحبة رحمته صلى الله عليه وآله (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) إنه في مدة قصيرة استطاع أن يأسر القلوب ويسيطر على العقول ويبلغ رسالته العظيمة وينقذ الأمة من الهلاك ويرفعهم إلى أعلى المستويات ولنا في رسول الله أسوة حسنة إذا كنا نبحث عن السعادة بشتى أنواعها أو نريد النجاح علينا بالاهتمام بترسيخ هذه الصفة في نفوسنا.
فالرحمة سبب النجاة عاجلا أم آجلا حتى وإن أنكرها الناس ولكن رب الناس يجازي بخير منها.
وصف الله نبينا الكريم صلى الله عليه وآله بالرحمة وجعله أسوة للناس
هناك مواقف كثيرة تبين رأفة النبي صلى الله عليه وآله ورحمته تجاه الآخرين كما يقول الباري عزوجل في كتابه الكريم:
(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
_ رحمة النبي صلى الله عليه وآله بالفقراء
كان يجالسهم ويتكلم معهم ويحفزهم على السعي والعمل ويدعو لهم ويقدم لهم الهدايا ويدعمهم مادياً ومعنوياً ليغير مسارهم ويبين أن سبب التمايز والاختلاف ليس المال بل التقوى ويغير نظرة المجتمع للمال ويغير سقف توقعاتهم كي يعيدوا النظر في ترتيب أولوياتهم.
_ رحمته صلى الله عليه وآله بالأطفال
صفحات حياته المباركة مملوءة بقصص جميلة تحاكي رأفته ورحمته في التعامل مع الأطفال فهو الذي طول سجوده لأجل ريحانتيه سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين وهو الذي سكت عندما شعر بأن ملابسه ابتلت من أثر النجاسة عندما أجلس الطفل في حضنه كي لايخجل أباه وهو الذي يسلم على الأطفال ويلعب معهم لأنهم شباب المستقبل وهم من يحركون عجلة الحياة
ويرفعون راية لا إله إلا الله...
_ رحمته صلى الله عليه وآله بالنساء
هو الذي بُعث ليمسح بصمة العار من جبين المجتمع ليرفع مقام المرأة ويعطيها اهتماما بالغا تشعر بقيمتها وتغير المجتمع، كان يحترم النساء ويدعو للاحسان اليهن وينهي على ايقاع الأذى بها واستغلالها و رفع شأنها وجعل لها مكاناً متمايزا في المجتمع.
_ رحمته صلى الله عليه وآله بالمؤمنين
كان يزور مرضاهم و يشيع جنائز موتاهم و يفكر بهم و ينصرهم و يعين ضعيفهم ويعلم جاهلهم و يعفو عن ظالمهم و يسامح ويراعي أحوالهم.
_ رحمته صلى الله عليه وآله بأعدائه
لم يكن المقربين على صلة به فقط بل كل من يراه يتمنى بأن يقترب منه و ينتهل من عذب ماءه
رحمته صلى الله عليه واله فهو الذي يزور عدوه المريض الذي كان يعامله باسوء شكل ليجعله يخجل من نفسه أمام عطائه الواسع.
_ رحمته صلى الله عليه واله بالحيوانات
لم يشعر الناس برحمته و لطفه فحسب بل حتى الحيوانات ذاقت طعم رأفته ورحمته كان رحمة للعالمين فقد أوصى بالحفاظ على سلامة الحيوانات غير المؤذية و عدم ضربها و القسوة عليها.
كان يعامل الناس ببساطة و رحمة واسعة ليخرجهم من ذلك الجو المشحون بالسلبية الى العطاء والايجابية ونحن نسمي أنفسنا مسلمين ونُعرّف أنفسنا بأسمه لو نأخذ صفة واحدة من صفاته سنكون من أهل الجنة والمغفرة و نتطور،
بلاشك يوم ميلاده يوم تجديد العهد و ترتيب الأولويات والمبادئ.
نحن أين من رحمة للعالمين؟
الطبيب يستطيع أن يعالج المرضى مجانا أو يأخذ منهم مبلغاً رمزياً و يبين لهم انه ينتمي لنبي الرحمة صلى الله عليه وآله
الأب يستطيع أن يوسع على عياله و يفرحهم و يحسن معاملتهم حبا بالنبي صلى الله عليه وآله.
الولد يستطيع أن يقرأ عن حياة النبي و يرأف بوالديه ويبرهم
الأم تستطيع أن تودع الخلافات و السلبية والضرب اقتداء بنبي الرحمة، المسؤول يستطيع أن يراجع الملفات و يدقق في ملف حياته و يحاكم نفسه أولا ومن ثم الآخرين ليساعد الفقراء والمحتاجين على التطور و يقضي على الفاسدين
والمعلم يرأف بالتلاميذ حباً لنبيه كي يتعلمون طريقة التأثير على الآخرين و مساعدتهم و اعلاء قول الحق دون التمسك بالعنف.
قل كل يعمل على شاكلته...
كل شخص يستطيع أن يجعل من يوم ميلاد نبي الرحمة يوماً مميزاً مليء بالعطاء و الايثار و مساعدة الاخرين أنا أكتب وأنت تقرأ و ننشر الجمال في جميع الأنحاء باسمه المبارك
فالرحمة لا تنسى و لا تُزيل من القلوب آثارها خالدة و تسحبنا نحو الأعلى لنحلق في سماء العظمة.
سلام على نبي الرحمة الذي آثار رحمته خالدة في النفوس ولازلنا مندهشين أمام عظمته و رأفته ...
وندرك بأن الرحمة تستطيع أن تغير قوماً دمويين إلى خير أمة أخرجت للناس!ا ماذا ننتظر إذن؟
اضافةتعليق
التعليقات