في الثامن من يناير من كل سنة يحيى العرب يومًا تضامنيًا مع الشعوب والفئات التي تعاني من الأمّية بما يعزّز جهودها في محاربتها وتحقيق أحد حقوق الإنسان الأساسيّة وهو الحقّ في التعليم.
يتمحور اليوم العربي لمحو الأمية حول أشكال القرائية في القرن الحادي والعشرين" لتسليط الضوء على ضرورة توفير" مهارات القرائية الأساسية للجميع وضرورة تزويد كل فرد بمهارات أكثر تقدماً في مجال القرائية من منظور التعلّم مدى الحياة، القرائية حق من حقوق الإنسان، وركن من أركان التعلّم مدى الحياة، ووسيلة لتعزيز الرفاه وسبل العيش، وهي تشكل بالتالي قوة دافعة لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة.
ولقد تطوَّر معنى القرائية على مر السنين وفي حين أن مفهوم القرائية التقليدي الذي يقتصر على مهارات القراءة والكتابة والحساب ما زال منتشراً في الكثير من البلدان والمناطق، شأنه في ذلك شأن مفهوم القرائية الوظيفية الذي يربط محو الأمية بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية، فإنه برزت تعاريف جديدة بشأن "القرائية" أو "أشكال القرائية" تتناول احتياجات التعلّم المتنوعة للأفراد في مجتمعات المعرفة التي تسودها العولمة.
أسباب انتشار الأمية بالدول العربية
ويعزو العديد من المحللين استمرار ظاهرة الأمية في الدول العربية لمعوقات كثيرة بينها غياب إرادة سياسية حقيقية في مكافحتها، وتخصيص ميزانية محدودة لقطاع التعليم وعدم تدريب القائمين عليه أو تجديد المناهج الدراسية، حتى تتماشى ومتطلبات سوق العمل، وتدني الرغبة في التعلم وانتشار الفقر خصوصاً في المناطق الريفية من بين أسباب كثيرة ومتعددة.
ويمكن إجمال هذه الأسباب فيما يلي:
-غياب تصور واضح ومتكامل لمشروع محاربة الأمية ولآفاقه المستقبلية؛ وذلك بارتباطه بمشروع مجتمعي واضح تلعب فيه محاربة الأمية المحرك الأساس لبلورته.
- اعتبار محو الأمية قضية تهم قطاع التعليم وحده.
- ضعف التمويل المخصص لتنفيذ البرامج الحالية.
- غياب التقويم الداخلي والخارجي للبرنامج.
- عدم الضبط الجيد للفئات المستهدفة.
-عدم التدقيق الجيد لأعداد الأميين.
-ضعف الوعي لدى مختلف فئات المجتمع بأهمية الانخراط في محاربة الأمية.
-غياب برنامج مواز لمحاربة الرجوع إلى الأمية.
-ضعف التكوين لدى المتدخلين خاصة في مجال التدبير والتسيير ومجال الأندراكوجيا.
خامسا: السبل الممكن اعتمادها لمواجهة محو الأمية في الوطن العربي
-تشخيص حقيقي لوضعية الأمية حسب الفئات العمرية وحسب الجهات.
-اتباع المقاربة التشاركية في تصور وإعداد وتنفيذ وتتبع وتقويم برامج محاربة الأمية.
-وضع برامج لمرحلة ما بعد الأمية.
-الإسراع في تعميم التعليم وبجودة تسمح للمتعلمين من التمكن من الكفايات الخاصة بكل مستوى دراسي.
-جعل حد للانقطاع عن الدراسة.
-فتح أقسام خاصة للمنقطعين عن الدراسة.
-تطوير الشراكات مع مختلف الجمعيات ومختلف الفاعلين.
-التنسيق بين مختلف المتدخلين في مجال محاربة الأمية.
-اعتماد المقاربة التشاركية في إعداد البرامج وتنفيذها.
-ربط برامج محو الأمية ببرامج التكوين المهني.
-تشجيع المستفيدات والمستفيدين من برامج محاربة الأمية على الانخراط في مشاريع مدرة للدخل.
-تشجيع البحث العلمي في إيجاد الحلول لمعضلة الأمية في الوطن العربي.
-تشجيع رؤساء الجهات والجماعات المحلية ومختلف المنتخبين للمساهمة بقوة في محاربة الأمية.
-إنتاج وسائل ديداكتيكية ملائمة لخصوصيات الفئات المستهدفة.
-إدخال المعطيات الجهوية والمحلية في برامج محاربة الأمية.
-اعتماد منشطين متخصصين في مجال تعليم الكبار ومحاربة الأمية.
-جعل المقاولة منفتحة على برامج محاربة الأمية من حيث التمويل والتنفيذ والتقويم.
-تهيئ برامج حسب الفئات المستهدفة وذلك باعتماد مراحلهم العمرية.
-خلق تحفيزات مختلفة، سواء بالنسبة إلى المستفيدين والمنشطين ومختلف المتدخلين في تمويل وتنفيذ برامج محاربة الأمية.
-خلق مراكز جهوية لتكوين المنشطين ومختلف المتدخلين في تنفيذ برامج محاربة الأمية.
مرحلة ما بعد التحرر من الأمية
تعد "مرحلة ما بعد الأمية" مرحلة أساسية لتقليص نسب الأمية؛ فهذه المرحلة تتميز بكونها:
- وسيلة لتثبيت المعارف المكتسبة ومنع الارتداد إلى الأمية.
- منطلقا للتعليم المستمر بالنسبة إلى المستفيدين من برامج محو الأمية ولمعالجة وضعية المتحررين من الأمية، ومنع ارتدادهم إليها من جديد.
ولهذا فلا بد من العمل على تحقيق ما يلي:
- إعداد برنامج خاص لمواجهة المرحلة من أجل تثبيت ودعم التعليمات المكتسبة.
- إصدار جريدة موجهة إلى المتحررين من الأمية على أساس أن يتم توزيعها بثمن رمزي.
- إنتاج وتوزيع كتيبات لمرحلة المتابعة تكون ذات طابع وظيفي ملامس للحياة اليومية للمستفيدين.
- إنتاج معينات سمعية -بصرية تكون في متناول المتحررين من الأمية.
- تنظيم ندوات وطنية وجهوية ومحلية في مختلف مجالات التوعية وكل ماله علاقة بالتنمية المستدامة.
كيف تساعد في محو الأمية من حولك
لو كل متعلم تبنى شخص أمي علميا وقام بتعليمه وتثقيفه لانتهت الأمية من بلادنا.
كيف نعمل على محو الأمية والتخلص منها: لا شك في أن الأمية آفة ضارة للغاية منتشرة في معظم الشعوب العربية، فالأمية لها انعكاسات سلبية خطيرة على الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية على البلدان العربية، ويرجع ذلك إلى أن التعليم هو أساس كل شيء فلا تنهض أمة بدون تعليم.
ويظهر بصورة واضحة الأثر الإيجابي للتعليم في الدول المتقدمة، التي اتجهت حكوماتها إلى القضاء على الأمية لدرايتها بأن التعليم هو السبيل الوحيد للارتقاء في شتى النواحي، ولم يكن محو الأمية هو دور الحكومة فقط في هذه البلدان بل هناك العديد من المتطوعين الذين ساهموا في محو أمية شعوبهم عندما رأوا أن إداراتهم السياسية تسعى إلى ذلك.
نماذج لبلدان نجحت في التخلص من الأمية
هناك أمثلة عديدة لمساهمات الشعوب في محو أميتها بنفسها بعد أن رأوا أن حكوماتهم توفر لهم كافة السبل لتعليم الأميين، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد كوبا قد نجحت في تقليل نسبة الأمية بها في فترة قصيرة جدا وذلك نتيجة لتكاتف الجهود الرسمية مع الجهود الشعبية، فبعد أن أعلنت الحكومة الكوبية عن سعيها إلى القضاء على الأمية ووفرت الجو والإمكانات التي تحقق ذلك.
تدفق المتطوعون الذين رأوا أن دورهم لا يقل عن دور الحكومة، وقام الآلاف من المتعلمين والطلاب بإطلاق حملة لمحو الأمية وجهوا دعوة لكل أمي أن يتعلم الإعلانات ولم يختلف الوضع كثيرا في ماليزيا، فهذه الدولة المتقدمة لم تحقق هذه المكانة من فراغ فماليزيا من عقود مضت كانت تعاني من نسبة أمية مرتفعة للغاية، إلا أن الاهتمام بالتعليم جعلها تصل للمرتبة الاقتصادية المتقدمة التي تحتلها الآن.
ولا ترجع الطفرة التعليمية التي حققتها ماليزيا إلى الحكومة فقط بل أيضا تكاتف الجهود الشعبية ساعد كثيرا في القضاء على الأمية.
أن القضاء على الأمية ليس مجرد برنامج انتخابي خيالي، أو إعلان في التلفاز، بل هو جهود واقعية وبيئة ملائمة لابد من تكون موجودة لتساعد الجهود والحملات الشعبية، فالتعليم من الحقوق الأساسية التي يجب أن تكفلها الدولة للمواطنين.
عليك أن تعلم في البداية أن التعليم سيخدم بلدك وسينعكس عليك أيضا، حيث أن التعليم له أثار إيجابية عديدة على الوطن، حيث إنه الأساس الذي يجعل البيئة المحيطة مؤهلة للديمقراطية، فالمجتمع المتعلم المثقف يستطيع أن يختار قيادته السياسية بحكمة وبطرق صحيحة عن طريق انتخاب أكفأ الأشخاص سواء في الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية.
التعليم الصحيح أيضا يساعد في تكوين أكفأ الصحفيين والأطباء والمهندسين والمحاسبين والاقتصاديين والعلماء والضباط والأشخاص المتميزين في شتى المجالات، ما سينعكس بالضرورة على اقتصاد البلد والنظريات التي تتبناها الحكومة في مختلف اهتماماتها من بطالة وفقر والمشاكل الأخرى التي يواجهها المجتمع.
ويجب أن يقوم المتطوع بتوضيح أهمية التعليم للشخص الأمي في البداية كما إنه لابد أن يؤكد له على ما يحمله التعليم من انعكاسات إيجابية عليه وعلى وطنه، ليكون ذلك حافزا له، لابد أن يبحث المتطوع عن الأميين ويخصص لهم فصول لتعليمهم وتثقيفهم، ويجب أن يتحلى بالصبر والتفاني فيما يقوم به حتى يتمكن من إتمام مهمته على أكمل وجه.
اضافةتعليق
التعليقات