هناك مقومات عديدة تعتمد عليها الحياة الزوجية، لعل من أهمها هو السكن، يقول المثل العربي: (الشقة من حق الزوجة)، فمن عادات الشعوب العربية أن تطلب الشقة كمهر للعروس، ومن أهم التجهيزات التي لابد منها ولا يستغنى عنها كما هو في مصر وغيرها، وحتى يبدأ الأزواج حياتهم الخاصة بعيدة عن تدخلات الأهل وضيق السكن مع أهل الزوج ولا يخلو الأمر من منغصات عائلية لابد منها فتبدأ الصرخات والحسرات، وتطرق أبواب المحكمة طالبة الطلاق.
وبعد احصائيات عديدة وجد من أهل الخبرة أن السبب الرئيسي في الطلاق هو السكن المشترك، وإن كانت المعيشة ضنكة ولا بد من العيش مع الأهل فهناك قواعد وشروط حتى يتم المحافظة على عش الزوجية، والذي تعيش فيه الزوجة حياتها الخاصة بعيدا عن التدخلات وآراء الآخرين، وكثرت في الآونة الأخيرة شكوى الزوجات من السكن وزادت معاناة الشاب العراقي في الحصول على سكن مناسب وقد يطول الأمر في رفض الأهل هذه المسألة ويشعرون أن ابنهم قد سرق منهم في وضح النهار لذلك ترفض الأم طلب السكن وتفضل أن يعيش معها في حجرة لا تتجاوز السبعة أمتار طوالا وعرضا.
بينما تشرط على ابنتها البيت والأثاث وتعكس المعادلة وتطلب الراحة لبنتها بينما تعيش الكنة في حالة أقل من هذه المواصفات، فتكثر الخلافات الزوجية وتصبح الحياة باهتة مهددة في الانفصال وترك الأولاد تحت مقصة أهل الزوج، فلماذا السكن المنفصل مرفوض؟ والطلاق مقبول؟.
المشرع الاسلامي أشار إلى هذه النقطة وعرف معنى المسكن في اللغة والشرع، فالمسكن في اللغة: جمعه مساكن ومصدر فعله أسكن وأصل مادته سكن، وسكن الشيء سكوناً إذا ذهبت حركته.
والسكنى هي السكون في المكان على طريق الاستقرار ولا يكون السكون على هذا الوجه إلا بما يسكن به عادةً من أهل ومتاع يتأثث به ويستعمله في منزله.
أما من حيث الشرع فإن لكل مفردة معنى مختلفا من حيث تحديد حجم المسكن ومواصفاته، فالبيت لدى الفقهاء يعني الغرفة، والشقة تعني نصف الدار بمرافق مستقلة، والدار مجموعة غرف أو شقق مستقلة عن غيرها من الدور بسياج خاص بها.
أما المنزل والمسكن فهي ألفاظ عامة تطلق على الغرفة والشقة والدار، وتظهر أهمية استخدام الفقهاء المسلمين هذه المفردات عند تحديد حجم المسكن الشرعي الذي يقع على عاتق الزوج وإعداده لزوجته، فالبيت عندهم هو المسكن الشرعي للمعسرين كحد أدنى، والشقة مسكن شرعي للمتوسطين.
كثيرة هي الآيات القرآنية التي تحدثت عن الحياة الزوجية وجمعت بين المودة والرحمة ويقول تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} فإنّ الأمن والسكن والاستقرار في الحياة الزوجية أمر في غاية الأهمية وتعتبر السعادة في اكمال هذه المراتب، ولو فقدت إحدى هذه المقومات تصبح الحياة مهددة وغير قابلة للعيش المشترك، فعلى الزوجة أن تسعى جاهدة لأن تعين زوجها في قبول الوضع والسعي وراء السكن المنفصل وتحسين المعيشة فهنا يكون كسب ودِّ زوجها والتحبب إليه بحسن المعاملة وطيب الكلام حتى تحصل على مبتغاها ورضا الله عنها في الدارين، وإنْ حصلت على الرفض من الزوج لا بأس فليست نهاية الحياة هناك محاولات وطرق أخرى فقط يحتاج الأمر إلى الصبر والمعاملة الطيبة.
فقد قالوا "أن المرأة وحدَها هي التي تستطيع إيجاد الجو الإنساني لزوجها، فمن النساء مَن تدخل الدار فتجعلها روضة من رياض الجنة، مهما كانت مصاعب الحياة، ومن النساء مَن تدخل الدار فتجعل فيها مثل الصحراء برمالها وقيظها وعواصفها، ومن النساء من تجعل الدار لزوجها هي القبر".
أما اللفظ الشائع في استعمال التشريع العراقي لمصطلح (البيت الشرعي) والذي يعبر فيه عن المكان الذي يقيم فيه الزوجان.
وعموما فإن ما يقصد بالمسكن الشرعي هو (المكان الذي يكون مشتملاً على كل ما يلزم للسكن من أثاث وفراش وآنية ومرافق وغيرها مما تحتاج إليه الأسرة، وتراعى في ذلك حالة الزوج والزوجة من يسار وإعسار ووضعهما الاجتماعي).
وعرف البعض المسكن الشرعي بأنه: (المسكن الذي يؤمن راحة الزوجة بأن يكون خاصاً بها لا يشاركها فيه أحد ويكون مشتملاً على المرافق الضرورية وكل ما يلزم ويكون مستوراً بحيث تأمن الزوجة على نفسها ومالها وعرضها ويتناسب مع حالة الزوج الاجتماعية)، ويرتب عقد الزواج الصحيح حقوقاً للزوجة على زوجها بمقتضى العقد وفي مقدمتها حق النفقة ويراد بالنفقة ما تحتاج إليه الزوجة في معيشتها من طعام وكسوة ومسكن وخدمة وكل ما يلزم لها حسبما تعارفه الناس. ومن المعروف أن السكن عند أهل الزوج يحمل العديد من الحسنات والسيئات معاً ويحتاج إلى الكثير من الصبر والوعي والتفهم من جميع الأطراف، وبشكل أساسي منك أنت عزيزتي الزوجة خصوصاً في التعامل مع حماتك وأهل زوجك تفاديا للمشاكل والمعرقلات التي تخرب صفو عيشك وسعادتك واسعِ دائما لنيل الاستقرار المعنوي بينك وبين زوجك.
اضافةتعليق
التعليقات