الشغف هو ميلٌ قويٌ نحو نشاطٍ ما بذاته، حيث يستثمر الإنسان فيه وقته وجهده إيماناً بأهمية النشاط وحباً فيه، وتكمن أهميتهُ في تشكيل الملامح الأساسية لهوية الإنسان وشخصه؛ فالشغف بهذه النشاطات لا يتوقف عند حدود الانخراط فيها بل يتعداه إلى أن يصبح جزءاً متأصلاً في هوية الإنسان وسبيلاً لتعريفه عن ذاته وأفكاره وما يختلج فيها من مشاعر وعواطف.
كما له عدة تعاريف منها المذكور في قاموس أوكسفورد بأنه شعور قويّ للغاية يدفع الإنسان للقيام بالأشياء المحببة إليه بأكثر الطرق فنياً وبالكاد يستطيع السيطرة عليه إذا كان في أوج اكتشافه، ووصفته أوبرا وينفري قائلة: "الشغف هو طاقة، وشعور بالقوة نابع من التركيز على ما يثير حماسك".
أولى خطوات معرفة نوع شغفك هو التعرف على ما أنت موهوب وماهر فيه ويمكنك إتقانه بسرعة فهو يأتي حينما تكون صادقاً مع نفسك ويفعل عقلك الباطن ما يلهمه دون جهد أو ضغط خاصةً عندما يكون ما تفعله متوافقاً مع طبيعتك حينها سيكسبك طاقة روحية كبيرة تجعل عقلك يهمل كم الطاقة البدنية التي استهلكتها وهذه الطاقة الروحية يعتبرها عقلك مصدر متجدد للطاقة يقوم به عند الحاجة إليه أي عند شعوره بالملل أو الإرهاق من ضغوطات العمل وإرهاق الحياة الحديثة.
فحينما تحبّ ما تفعله - سواءً كان ذلك وظيفة أو دراسة أو غيرها- سيحفّز شعورك بالشغف هذا الأمر لتنهض في كلّ صباح بكامل نشاطك وبكل حب، وستجد أنّك في كلّ يوم متشوّق لهذا اليوم وللمستقبل.
وسيكون بالنسبة لك، "العمل" ليس عملاً وإنّما متعة، و"الدراسة" ليست دراسة وإنّما إثارة و"الوظيفة" ليست وظيفة بعد الآن وإنما "شغف وإنتاج إبداعي خاص فيك".
حين موافقة شغفك مع وظيفتك أو تخصصك الدراسي، لن تشعر بأنها صعبة بل على العكس ستتقدم أسرع وتقدم بفنية أفضل وتضفي لمستك التي تعبر عن شخصك في ما تقوم به.
كما أنك لن تمانع أن تمضي عددًا من الساعات يفوق ما يمضيه الشخص الطبيعي، لأنك لن تشعر بمرور الوقت. وسيظهر شغفك للعيان وللمسؤولين عنك في العمل عن طريق ما تقدمه وذلك يشكّل كامل الفرق ما بين الوظيفة العادية والوظيفة المجزية المربحة.
في حال لم تكن سعيدًا في وظيفتك أو تخصصك، حتماً ذلك لن يحول بينك وبين السعادة وحسب بل إنّك بهذه الطريقة تمنع نفسك من اكتشاف قدراتك الحقيقية وإمكانية توظيفها بأمثل الطرق والأساليب.
وإحدى أهم فوائد العمل بما أنك شغوف فيه اعتباره محطة استراحة مهمة وملهمة يقاوم فيها الإنسان أفكار وعقبات عقلك الباطن سواء أكانت حقيقية أم من صنع مخيلتك.
كما أن الشغف يزيد من ثقة الإنسان بما يصنع فينظر للحياة على أنها فرصة للتقديم والتقدم واكتساب جرأة وشجاعة والخوض في بعض المخاطر من أجل تحقيق الأهداف فالخروج من دائرة الأمان والراحة من أساسيات التقدم والتفكير خارج الصندوق.
والعثور على شغفك الحقيقي أبسط بكثير ممّا تتخيّل، وإليك فيما يلي خطوات بسيطة ستساعدك في اكتشاف شغفك قسمها المختصون على شكل خطوات متسلسلة :
1_ يتوجب على الإنسان أن يبحث في داخله عما يحب لا عن ما هو جيد في عمله، حيث يكوّن له نشاطه القدرة على جلب السعادة والطاقة الإيجابية عند ممارسته.
2_ تحديد نقاط القوة والقيمة المضافة في أي عمل كان، مع القيام بإيجاد فرص حقيقية تتميز عن سابقاتها.
3_ تطوير المهارات والقدرات نحو الاحتراف، عن طريق التسجيل في الدورات وحضور ورشات العمل أو من خلال العمل التطوعي.
4_ التحدث مع الآخرين عما يحبون فعله، وعن رحلتهم في إيجاد ما هم شغِفون به.
5_ وضع هدف وخطة لممارسة مجال الشغف بشكل أكبر، بعيداً عن ضغوطات العمل الحالي مثلاً.
ومن أهمية صفات وسمات الأشخاص الشغوفين والطموحين فهُم يواصلون البحث عن شغفهم، وعلى محمل الجد يتمسكون به ويسعون لتحقيق ذواتهم، وصياغة قيمهم الخاصة ورؤاهم، وذلك يمنحهم شجاعة في مواجهة الصعاب، واستكمال طريقهم وإن طال، فالصبر ومقاومة مخاوفهم سمة رئيسية من سماتهم.
اكتشاف ما أنت تحبه وتحب إتقانه له أهمية كبيرة وستكون قد تقدمت خطوة مهمة نحو استثمار جذوة الشغف كما أن المحظوظ مَنْ اكتشف شغفهُ وموهبته والذكي مَنْ طورها والمبدع مَنْ علّمها والعبقري من اكتسب منها.
اضافةتعليق
التعليقات