• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

سبات العرب عن حلب

مروة حسن الجبوري / السبت 24 كانون الأول 2016 / حقوق / 2469
شارك الموضوع :

في صغري كنت جميلة جدا، وجنتاي حمراوتين، كانتا تجبر انستي في المدرسة على قرصهما، فكثيرا ما كانت تقرصني وتسحبني منها، ملابسي الجميلة وشرائط ا

في صغري كنت جميلة جدا، وجنتاي حمراوتين، كانتا تجبر انستي في المدرسة على قرصهما، فكثيرا ما كانت تقرصني وتسحبني منها، ملابسي الجميلة وشرائط الستان تزين شعري الذهبِي، قضيت أوقاتا مرحة ليس كباقي البنات في سني، لم  أكن خجولة فقد لعبت كل  العاب الصبيان، من ركوب الدراجة والسباق، ورمي الاحجار في بركة الماء التي كانت في وسط الباحة، يداي كانت تضرب كل من يتعدى علي، كثرت الشكاوي من قبل الاولاد عند والدتي، فكان عقابها عسيرا، طلبت مني ان ارتب البيت والمدرسة عقابا لسوء اخلاقي مع الاولاد، رغم شقاوتي الا انني سعيدة جدا، ومحبوبة ايضا.

عندما يسألوني عن اسمي وكنيتي، امي هي التي تجيب، اندب حظي كثيرا ليس لانني لا املك اختا العب معها، او اخ اتشاجر معه، طلبت من امي وابي كثيرا ان يشتروا لي طفلا الهو معه، فتردني امي، اطلبِ من رب السماء فهو الذي يرزق، في كل مساء ارفع طرفي الى السماء وارتّل ما تقوله امي في قنوت صلاتها، ربي لا تذرني فردا وانت خير الوارثين..

بدأت أمي  تشعر باليأس عندما اقترب عيد ميلادها، رفضت ان تعمل الحلوى وتزين الدار بقولها ان الوضع الذي يمر فيه بلادنا غير صالح للاحتفال، ومن يأتي لعيد ميلاد سيدة بلغت من العمر اربعين عاما، وفي المقابل بلدي ينزف، شعرت بالحزن فمنذ العام الماضي وانا انتظر هذا اليوم، بالخفي والستر طلبت من أبي ان يشتري هدية لأمي بقدر الاموال التي معه، جلب ابي معه شال من الصوف رسم عليه عصافير واغصان وورود، اسرعت نحو امي واغمضت عينيها بأصابع يدي الصغيرة، وانا انشد لها نشيد العيد، ضحكت امي وابي، عند نافذة الشباك شمعة صغيرة انفذت دموعها عند النافذة لكنها مازالت موقدة تنير سماء الغرفة، صرت انفخ عليها لأطفئ الشمعة فكان فكري انها توقد لحفلة الميلاد وليست لعدم توفر الكهرباء.!!

 تعجبت من صبركِ يا أمي تثقين بنفسك ومن حولكِ، وقوية رغم العواصف التي ضربت حياتنا، افترشت لحاف وغطتني بتلك (الحرامات)، ككل مرة لا انام من دون حكاية من حكاياتها الجميلة، هذا اليوم جعلت رأسي بين صدرها، وبدأت تحكي قصتها:

 كان يا مكان في سالف الزمان، مدينة تعيش بسلام وأمان، السماء تحميها والارض تلقيها، مزروعة بالحب والورد، مآذن الجوامع تعانق اجراس الكنائس، تحلق فيها الطيور وتزغرد بين اغصان اشجارها العصافير، زهور الياسمين تغفو بين اوراقها آمنة، ونافورة الماء وصوت خريرها، كان كل شيء يسودنا نظام واحد وسلطة واحدة، لانعرف الثورة ومن جاء بها، وفجأة جاء الظلام واختفى كل شيء.. يا ابنتي.

شهقت امي شهقة كادت ان تموت بلوعتها، اصبحنا نخاف من بعضنا، نتقاتل من اجل رغيف خبز، رائحة الحرب باتت معلقة على ثيابنا، لم نعد نسمع اجراس الكنائس، ولا اصوات الجوامع، ما نسمعه اليوم يخالف الديانات، اقتلوا.. اذبحوا.. قتلوا فينا الحرية والكرامة.

غفت امي ودمعتها على خدها، وحسرات ابي مازالت عالقة في ذهني، مرت الايام واوضاع البلد تتدهور اكثر من السابق، تعرضت مدرستي الى القصف وتوقفت عن الذهاب الى المدرسة ورؤية رفاقي، تأزمت الامور بشكل خطير حتى ان الجيران بدأوا بالنزوح عن هذه المدينة، فطيلة اليوم قتال عنيف وقذائف، لم ينفذ الرصاص بعد،  مضى على ذلك الحال سنتين ونصف، والان نعيش على رماد الانقاض، واحجار المدينة الشامخة.

اقتربت من الاشلاء المتناثرة في كل مكان، ابحث عن بقايا مدينة شهباء، كبرت جدا يا أمي ولم أعد تلك الفتاة النقية، كبرت واصبحت الان هادئة كهدوء السماء، ضربني الربيع الدموي، وكأنها تدفعني ثمن مشاغبتي، اصدقاء طفولتي قضوا تحت هذه الاكوام، كبرت يا أمي وعلمت ان العرب ليسوا عربا، وان الحكام عبيد الاموال، علمت ان الحرية عروس مهرها الموت، وان  حرائر حلب لا تركع امام جبروتكم وطغيانكم، تبقى الحرائر حرائر والعبيد عبيد.

 وقفت تحت سماء الوطن، سمراء لون دخان الحرب صبغ بشرتها فلم تعد ناصعة البياض، ذات عيون واسعة، اغلقت الان من رماد البارود، وليست جميلة بعض الشئ ثيابها مرقعة، منثورة الشعر يواسي الشيب خصلات شعرها، تدعو ربها وكانت جملة واحدة تترد على لسانها، وهي: رب انقذ أبي وأمي من هذا القصف، يا رب احفظ عائلتي من نار عبدك،

 ظلت منهمكة في الدعاء تناجي ربها حتى انتبهت لصوت امها من الخيمة: تعالي يا صغيرتي، ستنتهي الحرب، وسيرحلون، فلتكن مشيئة الله يا طفلتي.

بدأت غارات القصف، شعرت بالخوف، دخلت داخل الخيمة ترتجف وضعت يدها على اذناها و أغلقت عيناها، هدأت الاصوات ونامت العيون، اخذت تفكر برهة من الوقت ثم اغمضت عيناها افاقت على يد ابيها وهو يحاول ان يرفعها من الانقاض، خرج خائفا يترقب من المسلحين، يحملها على كتفه، وبيده زوجته، وبين الركام يسيران وتخط المنايا من خلفهم، جثث ممددة لا صلاة عليهم ولا مراسيم دفن او عزاء،  جثث صماء لجار للأخ لصديق، مدينة اشباح، بعد عدة خطوات توقف عن السير كمن جال في خاطره  شيء نادى الاب: الى متى يا حلب، حرقوا دارك، وقتلوا اولادك، واستوطن الغرباء في ارضك، اين العرب، هل مازالوا في سبات!! أم ان الحان حزنك اعجبتهم فاخذوا يتراقصون على ايقاع  التأوه،  وخان العرب يا حلب، لا احد في تلك المدينة يسمع ما يقول، صدى صوته رجع باكيا، انتهت شهباء بيد الغرباء، عند اخر كلمة سقطت قذيفة من الاعلى اسفرت بحياة  الام والاب، و أَنْشَلَت الطفلة من بين مخلفات الحرب وهي الان في مركز النازحين من مدينة حلب تمر بحالة نفسية سيئة جدا، وتكاد ان تلحق بركب الشهداء..

حلب
العرب
الحياة
الارهاب
قصة
الحرب
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    هكذا يحكم رجالات الله .. نبيّ الله أُسوة

    روبوت يحمل وينجب بدلًا من الأم.. كارثة أم معالجة طبية؟

    كربلاء المعيار: بين فاجعة الطف ومآسي العصر

    ضجة بسبب سماح شركة ميتا بدردشات "رومانسية" مع الأطفال

    استطلاع رأي: مصباح علاء الدين والأمنيات الثلاث

    أصحاب الامام الحسين.. أنموذج لصداقة لا يفنى ذكرها

    آخر القراءات

    المظاهر الرئيسة للأمراض الكبدية

    النشر : الأحد 11 شباط 2024
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    في اليوم العالمي للمرأة في مجال العلوم: عصر جديد للاستدامة

    النشر : الأحد 11 شباط 2024
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    ماهي مخاطر تناول الشاي أو القهوة بعد الطعام مباشرة؟

    النشر : الثلاثاء 22 حزيران 2021
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    الامام المجتبى.. وفقه المكارم

    النشر : الثلاثاء 18 آذار 2025
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    اليوم العالمي لـ نيلسون مانديلا.. المناهض للفصل العنصري وحقوق السجناء

    النشر : السبت 20 تموز 2024
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    وسط الظلام... الرجوع للمعبود

    النشر : الثلاثاء 13 كانون الأول 2016
    اخر قراءة : منذ 13 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    نحن لا نتذكر أيامًا، بل نتذكر لحظات

    • 423 مشاهدات

    من النبوة إلى الإمامة: أحفاد النبي محمد ومسار استمرار الرسالة

    • 401 مشاهدات

    الحجاب وتحديات الانفتاح الرقمي

    • 377 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 370 مشاهدات

    عندما يُقيمُ القلب موسمهُ

    • 366 مشاهدات

    فن الاستماع مهارة ضرورية

    • 353 مشاهدات

    مناهل الأربعين.. فتنافسوا في زيارته

    • 1426 مشاهدات

    زوار الحسين: فضل عظيم وشرف أبدي

    • 1364 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1237 مشاهدات

    سوء الظن.. قيدٌ خفيّ يقيّد العلاقات ويشوّه النوايا

    • 1086 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 1082 مشاهدات

    بين طموحات الأهل وقدرات الأبناء.. هل الطب هو الخيار الوحيد؟

    • 1051 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    هكذا يحكم رجالات الله .. نبيّ الله أُسوة
    • منذ 2 ساعة
    روبوت يحمل وينجب بدلًا من الأم.. كارثة أم معالجة طبية؟
    • منذ 2 ساعة
    كربلاء المعيار: بين فاجعة الطف ومآسي العصر
    • منذ 2 ساعة
    ضجة بسبب سماح شركة ميتا بدردشات "رومانسية" مع الأطفال
    • منذ 2 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة