نقرأ في زيارة يوم الجمعة: [السَّلامُ عَلَيْكَ يا عين الحياة](١)، هذا اللقب على عظمته وما فيه من تبيان لمقام خاص عالٍ؛ إلا أنه لا يخلو من إمكانية الاقتباس منه كمنتمين، موالين، مرتبطين بعين الحياة، ولعل المرأة لها النصيب الأكبر لتصنع فيه ولتقتبس منه؛ لأن وجود المرأة هو كالمرآة التي بها تُرى الحياة، فإما أن تعكس لمن حولها الوجه المشرق فيُرون من خلالها الجمال، الأمان، أو لا. تريهم وجهها المظلم، المضطرب، القاسي!.
كيف تُصنع المرأة في عين الحياة؟
إن المرأة عندما تكون ذات وجود طيب على المستوى الباطني والظاهري كما في قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً...}(النحل:٩٧)، هي تكون بذلك قد حققت هذا الاصطناع؛ فالاعتقاد السليم الذي يُنتج العمل الصالح من علامات بلوغ الحياة الحقيقية التي عَرفتها الآية ب(الحياة الطيبة)، لتَكون بذلك وجوداً متفرعاً من الشجرة الطيبة التي آخر فروعها الخاتم من الأئمة الحجة ابن الحسن عليه صلوات الله وسلامه عليه، مستمدةً بذلك عطاءها وظلالها منها.
وجه كون المرأة عين حياة لذريتها
إنَّ ما ورد من حديث: [إنَّ الجنة تحت أقدام الأمهات](2)، يمكن أن يوصلنا لحقيقة كون الأم ليست فقط مفتاح باب الجنة، بل هي البوابة الأوسع، عندما تكون جنة لأبنائها في الدنيا، وتوصلهم لها في الآخرة، وهذا يتطلب أن تكون على مستوى من الوعي لعظيم شأنها ودورها.
إذ لابد لها أن توازن في الرؤية التي تغرسها بذريتها فتعرفهم الواقع، لكي لا ينصدمون بما فيه من ظلام وموت للقيم، وفي الوقت ذاته تحرص أن تجعل قلوبهم تنبض بالحياة، ليكونوا ذوي نفوس طيبة، وقلوب لينة، نقية، وذوي روحية قوية بما غرسه تعالى فيهم من قيم (يَعلون) بها إنسانياً، و(يتعالون) بها عن زخارف وزينة الدنيا.
وجه كون المرأة عين حياة كزوجة
الله تعالى وصف المرأة الزوجة بأنها سَكن، بقوله تعالى: {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (الأعراف :١٨٩)، إذ الآية قالت يسكن [إليها] وليس [معها]، يعني هي [أصل] بفعل إيجاد الحياة والسكن ليس المادي الظاهري بل المعنوي، أي مصدر اكتساب السكينة للزوج؛ لتحيي وتحافظ على وجوده الإنساني لكثرة ما قد سيلاقيه من موجبات اخفات نور قلبه عند تواجده في المجتمع المليء بالمكدرات والظلمات.
وجه كون المرأة عين حياة لمجتمعها
والمرأة يمكن أن تكون كذلك لزميلاتها، لرفيقاتها، لكل من لها علاقة بهن من الأقرباء والغرباء ممن قد تلاقيهن في سفر أو طريق؛ فمسؤوليتها التشريفية أن تبث في كل من تلاقيها روح الأمل، تحيي كل ما مات فيهن من الآثار التي قد علقت في دواخلهن لعثرة أو ضياع هدف، أو من غفلة أو احتكاك ببعض الأصناف غير الطيبة من النسوة.
فهنيئاً لمن غرفت من عين الحياة فَسقَت وأحيت وجودها، وبَثّت لوجود من حولها روح وطيب وحياة.
________
اضافةتعليق
التعليقات