منار قاسم - فاطمة فرمان
أول من شرع الإلحاد هو الانسان القديم من عهد نوح النبي، الملحدون اليوم لا يعبدون هبل أو ود ويعوق ونسرا، كما كان يفعل الملحدون زمن النبي نوح.. ولكنهم ابتدعوا آلهة جديدة افتراضية رغبة منهم في إغاظة المؤمنين من جهة وترخيص لهم في ممارسة بعض التصرفات من جهة أخرى..
هل تحولت هذه الممارسات وبعض التغريدات إلى ظاهرة إلحادية في العراق؟ من يقف وراء الملحدين؟ كيف يمكن التعامل معهم وايقافهم، ومحاولة إعادتهم إلى عالم المسؤولية والقيم التي يهربون منها بحجة أنهم ملحدون؟.
هذا ما سنكشفه من خلال العديد من اللقاءات مع العلماء والإعلاميين..
الالحاد لم يتطور ليصبح ظاهرة
قال الكاتب والاعلامي حامد الحمراني: إن مسألة الإلحاد لم تتطور لتصبح ظاهرة بحكم الوعي الديني الموروث للمجتمع العراقي إضافة إلى سيطرة الدين على أغلب مفاصل الحياة ابتداءً من العائلة مرورا بأبسط حلقات المجتمع.
وظهورها المفاجىء بالآونة الأخيرة كان بسبب مجموعة من العوامل الطارئة على ثقافة المجتمع والتي إذا ما انتهت سوف تنتهي هذه الحالة بالتأكيد.
انحراف بعض من المتصدين للعمل الثقافي السياسي يحفز في التشدق بالألحاد.
وأضاف الحمراني: إن ما فعله داعش من التشويه المبرمج للفكر الديني وإشاعة العنف من جهة وانحراف بعض من المتصدين للعمل السياسي والثقافي ممن يحسبون على المؤسسة الدينية من جهة أخرى إضافة إلى ضعف الرقيب الثقافي وفقدان الثقة بين الأفراد بما فيهم الشباب مع من يجب أن يكونوا لهم أسوة حسنة وغياب القدوة والتشويه المبرمج لكل ما هو مقدس هي عوامل حفزت عند الشباب الرغبة في التشدق بالالحاد.
التصدي للإلحاد بخلق واقع ثقافي
وأشار الحمراني إلى أن عدم الخطورة في هذه المسألة تكمن في عدم بروزها بشكل ظاهر أو ممارستها بشكل خفي بعيدا عن الأنظار مما يخفف من اشاعتها أو تحويلها إلى ظاهرة مما يستدعي من المؤسسات الدينية والسياسية والثقافية التصدي لها ليس بطريق العنف وإنما بخلق واقع ثقافي يحفز الاخرين الاقتداء به عندما يصبح ملاذا ومنطقة أمان للحاضر والمستقبل.
الإلحاد إيمان بشريك لله أو نفي لوجوده تعالى
أوضح الشيخ الدكتور رياض البديري أن: كلمة الالحاد كمفردة لها أبعاد اصطلح عليها العلماء منذ عصور متقدمة، إلا إننا عندما تابعنا هذه المفردة لا نجد لها ما يجري اليوم بين أطياف المجتمع ما يكون مصداقا لهذا المصطلح، وبالتالي هي ليست ظاهرة، لن تكون وأن يرقى لتكون ظاهرة تخشى أو تؤثر ولكنها أشبه بالاجراء السلوكي غير المحسوب الناتج عن ضغوطات الحياة والتبدلات السياسية وضعف الوعي الاجتماعي والتراثي.
الإلحاد في حقيقته الإيمان بشريك لله أو بمرتبة أخرى أو نفي وجود الإله من دون الشك واللجوء إلى العوامل الطبيعية وهناك صراع غائب عن الكثيرين بوجود صراع مابين الطبيعيين والإسلاميين حيث فشل الأول في إثبات نفي وجود الإله وبالتالي ما يجري اليوم مثار للقلق ولكنه ليس بظاهرة، يعتمد الناس الذي يتداولون هذا المصطلح ويحاولون أن يتمثلو بالإلحاد ليس له أبعاد نظرية وجدار فكري يصمد أمام الدليل الديني لضرب مقولة الوحدانية.
الملحدون لا يملكون الوعي الفكري لما يقولون
ولو طالعنا أو أجرينا إحصاء للذين يسيرون بهذا المسار الدخول بهذا الزقاق لا يؤدي إلى نتيجة.
الأغلبية منهم لا يملكون الوعي الفكري لما يقولون تجدهم منخرطين في أجواء المجتمع التي تصطبغ بالسلوك الديني وتجد هؤلاء يقفون إلى هذا الصف من دون شعور.
علينا توضيح الأمور بشكل لين وبسيط وعدم التعصب هذا الشيء أمر مهم جدا، أما العبء الأكبر يقع على المعلم في الابتدائية لتحصين الطالب ثم المتوسطة ثم الاعدادية ويقع العبء الأكبر على الذين يحترمون دينهم.
الإلحاد في علم النفس
تساؤلات كثيرة حول هذا الموضوع أجابنا عنها الدكتور طه الخزرجي دكتور في علم النفس:
الالحاد هذا المفهوم النفسي الواسع وما تلاه من اللادينيين، وهم يؤمنون بوجود قوة تحرك وتدير هذا الكون العملاق وبالتالي هذا الصراع بين المسائل المحسوسة الخاضعة للتجربة وبين تجليات الروح وخوفها وهلعها وركونها نحو "الميتافيزيقيا" لتبرير الكثير من المسائل التي تكيفت بها الكائنات الحية عبر الزمن وملايين السنين. السؤال الأكبر: هل أتت الأديان بتفسير كل الظواهر أم جاءت بإشارات عملاقة للدلالة؟ هل هذا الملحد له قراءات متعددة للواقع، أم أنه وقع في فخ الفهم الأحادي، أو المادي للظواهر؟ وهل المثالية بكل أنواعها وخاصة الدينية باتت البعد المغيب من المشهد العقلي؟.
المزارع الفكرية تؤدي إلى فتح الأنوار الألهية
هنالك ماسميته فلسفة الجمال كبعد أساسي في حاكميتنا العقلية، عندما تسود فلسفة الجمال نرى كثرة المزارع الفكرية الجميلة التي تؤدي إلى فتح الأنوار الإلهية، لذا أرى سيادة الأفكار الدينية لأن الدين هو جوهر كل ثقافة، لذا نرى بعد عصر النهضة ظهور "الروتستانتية" وباتت الثقافات الدينية صانعة للأزمة، وحدوث الاضطرابات الدينية وخاصة في أوربا بعد سيادة الثقافات الأحادية الجانب تكون مزارعنا الفكرية تحمل حقيقة واحدة وغالبا ما تكون أحادية عقدية كانت أم اثنية ولذا تتمركز على ذاتها وقد تسد هذه الأنوار الإلهية، وإن مالاحظته هنا سيادة الإلحاد كمفهوم عام للثقافات وهذا ماحصل في أوربا بعد سنوات الدين واضطراباته وإن علماء مثل ماركس وفرويد ونيتشه وسارتر، خير دليل للمرحلة الشرق الأوسطية بعد فترة الستينيات والسبعينيات المثالية الجميلة سادت فترة الثمانيات فترة الايدلوجيات الدينية، والصحوات ورأينا انتاجها والمتوقع الآن الحديث عن ظاهرة الإلحاد..
إن الخطورة بمكان الابتعاد عن المثل الأخلاقية للدين وعدم وجود بديل أما في أوربا يوجد البعد الانساني المتمثل في العدالة الاجتماعية.. أما بغياب العدالة فقد نجد فراغا قيميا يصعب سد فجواته.
الإلحاد ليست ظاهرة، الظاهرة تتقد وتتسامى ثم تنطفئ
هذا ماقاله الروائي عبد الشاكر بأن الإلحاد ليس ظاهرة، الظاهرة تتقد.. وتتسامى.. ثم تنطفئ. الإلحاد واقع حال منذ أيام الهرطقة في عهد الحضارة اليونانية.. مرورًا بجدليات انجلز.. انتهاءً بأيامنا هذه. أما ارتفاع نسبة الالحاد عراقيًا في الفترة الأخيرة.. فليس أسبابه تنظيمات أيديلوجية بحتة.. بل سببه التخبط في بناء الدولة وعدم رعاية شريحة الشباب.. والانفتاح الهائل على الثقافات الكثيرة والمتعددة بمسمى التحرر والحرية.. وأيضًا سوء التخطيط والإدارة والتخبط الذي عليه بعض غالب من المؤسسات الإسلامية، وانشغالها بالحياة السياسية.
لو لم يكن هناك إله لخانتني زوجتي ولسرقني خادمة
حول هذا الموضوع قالت الكاتبة والصحفية "سهى الطائي":
إن الإلحاد وكما نعلم لا يوجد له بداية زمنية ولا وجود لجذور حتى عند ما يقال عنهم السوفسطائيون اليونانيون القدامى والذين كان الحكماء يتوددون لهم لحكمتهم وسطوتهم على الرأي العام فوجود الله يقين لا يدركه إلا الربانيين والعقلاء فكما يقول فولتير وباعتباره أول الملحدين والأب الروحي للالحاد لزملائه حين كان يشرح الأخلاق فيقول" لو لم يكن هناك إله لخانتني زوجتي ولسرقني خادمي".
ترويج الإلحاد
والمصيبة هنا أن دعاة الإلحاد يروجون له بأنه خيار علمي موضوعي وقرار عقلاني في مقابل الهجوم على الإيمان وقد يتوهم الكثيرون أن لا وجود للإله وهي آخر نقطة يتوصل لها العالم على عكس ما جاء به القرآن "وفوق كل ذي علم عليم" وقوله تعالى "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ".
فهذا دليل على ترسيخ غاية وجود الرب في عقول العلماء ورغم كثرة الدراسات التي تناولت هذا الموضوع والتدين ونزعة الإيمان عند البشر نجد أن لا مجال للمقارنة على قضية الإلحاد التي ترتكز مثيلاتها على الدين..
وبنظري الحلول للقضاء عليه أو الحد من اعتناقه هو الابتعاد عن دعاته ومن يروج له خوفا من الريبة التي سيضعونها في قلوبهم..
خاصة للذين ليس لهم خلفية ثقافية دينية يستطيع من خلالها أن يزهق الباطل ويحق الحق ويعطي الأدلة الدامغة إضافة إلى اللجوء للعلماء الثقات لأخذ البراهين والأدلة منهم ليقتنع بها أولا ثم يقنع بها من يريد زعزعته وربما يستطيع بها أن يخرجه من ظلمات الإلحاد إلى نور الإله الواحد.
ذلك الشيء هو "الله"
قال رجل للإمام الصادق عليه السلام: يا بن رسول الله، دلني على الله ما هو؟ فقد أكثر علي المجادلون وحيروني، فقال له: يا عبد الله، هل ركبت سفينة قط؟ قال: نعم. قال عليه السلام: فهل كُسِرَ بك حيث لا سفينة تنجيك، ولا سباحة تغنيك؟ قال: نعم، قال عليه السلام: فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: نعم. قال الإمام الصادق عليه السلام : فذلك الشئ هو الله القادر على الانجاء حيث لا منجي، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث.
اضافةتعليق
التعليقات