"على الصعيد الشخصي كإنسانة وكأم لم أحقق طموحي فالذي عشته كله خسارة"، هكذا تكلمت إحدى الطبيبات التي التقيناها تصف حياتها الآن.. فهل هناك ضغوطات نفسية ووظيفية على الطبيبة؟ ماهو موقف الزوج من عملها؟ وهل أبناؤها يعيشون كما يعيش الأبناء الآخرون؟ وماهو موقف المجتمع منها أتجاه الخدمات التي تقدمها لهم؟ وهل الأقرباء والأصدقاء يقدرون معاناتها؟ ألا تستحق أن نعاملها كإنسانة لها مشاعر وأحاسيس أم هي آلة؟.
عرفاناً منّا بما تقدمه هذه الشريحة المهمة للمجتمع, نقدّم لك أيها القارئ العزيز هذه القضية بلسانها..
الطبيبة والنجاح:
النجاح كلمة نسبية تحتوي في طياتها الكثير من المعاني: الدكتورة مروة الخفاجي/ مقيمة قدمى, جلدية في مستشفى الحسيني التعليمي, تكلمت عن كيف تكون الطبيبة الناجحة وقالت: يجب عليها أن تطور نفسها وتهتم بعملها كأولوية.
والدكتورة ضحى الحيدري/ أخصائية في مستشفى النسائية والتوليد, قالت: النجاح بالمتابعة العلمية الجادة لكل ماهو جديد ومواكبة التطور العلمي والطبي, كيفية التعامل مع المريضة بودٍ وإحترام, أي التحلي بالأخلاق الطبية.
والدكتورة لقاء الموسوي/ أخصائية في المستشفى نفسها قالت: النجاح يكمن بحب الطبيبة لعملها وإخلاصها له مع مواكبة التطورات العلمية الجديدة.
الطبيبة والاختصاص:
اختصاصات الطبيبات أكثرها في النسائية والتوليد والأطفال والأسنان فسألنا الدكتورة لقاء الموسوي فأجابت: حاجة المجتمع لـ هكذا إختصاصات ولا سيما النسائية والتوليد كونها مرتبطة بالذرية وغريزة الأمومة.
والدكتورة مروة الخفاجي قالت: بعض الأحيان المعدل يحكم على أغلب هذه الاختصاصات.
أختصاص النسائية والتوليد كونها تعالج نساء فقط وهذه رغبة الزوج.
الطبيبة والأطباء:
تعاون الأطباء مع الطبيبات يسهل العمل لكن هل يوجد هذا التعاون, سألنا الدكتورة مروة الخفاجي فأجابت: التعاون قليل جداً, خصوصاً أطباء الدفعة الواحدة أو الأكبر, أما الأصغر عمراً يتعاونون من باب إحترام العمر.
أما الدكتورة لقاء الموسوي قالت: بالتأكيد التعاون موجود بين جميع الأطباء بغض النظر عن جنسهم كونهم جميعاً غايتهم واحدة هي مصلحة المريض واكتسابه الشفاء التام.
الطبيبة والخفارات:
الخفارات من الأشياء المتعبة بالنسبة للطبيبة, كيف كانت تتعامل معها, الدكتورة ضحى الحيدري, قالت: الخفارات متعبة جداً للطبيبة ولعائلتها ولكنها قد أختارت الفرع الذي فيه خفارات ومضطرة لذلك لأن هذا أختصاصها وإن كان على حساب راحتها وصحتها وعائلتها, وهناك الكثير من الطبيبات في الوقت الحاضر قد بدأنّ بالنزوح عن الفرع الذي فيه خفارات بسبب كلام الناس وقلة إحترامهم للطبيب.
والدكتورة لقاء الموسوي ذكرت: أن أكثر مايتعب الطبيب بصورة عامة والطبيبة بصورة خاصة هي الخفارات, ليس فقط السهر والتعب بل أيضاً قلق المسؤولية, فكم من ليالي قضيناها من أجل إنقاذ حياة مريضة ولكن أجر العمل عند الله ينسينا التعب والحمد لله.
الطبيبة والإنسانية:
كثيراً ما يتعارض الجانب الإنساني مع المهني في هذه المهنة, الدكتورة مروة الخفاجي ذكرت: ليس هناك من يهتم بهذا الموضوع بشكل خاص الجميع يعمل به بشكل عام.
والدكتورة لقاء الموسوي قالت: أبداً لا يتعارض الجانب المهني مع الإنسانية في الطب, لأن أساس العمل هو إنقاذ حياة, لكن مع الأسف بعض الناس ضد الطبيب ولم يسلط الضوء على مايقدمه في المستشفى الحكومي الذي هو أضعاف عمله في القطاع الخاص.
الطبيبة والصعوبات:
أكثر الطبيبات متفقات على أن الصعوبات التي تواجههن تكمن في أوقات الدوام الطويلة الذي يؤدي إلى عدم تفرغهن للجوانب الأخرى من حياتهن, الدكتورة لقاء الموسوي أكدت نحن مقصرين بعض الأحيان ناحية البيت والزوج والأطفال بسبب ساعات العمل الطويلة والمتعبة وحتى التواصل الإجتماعي رغم محاولاتنا بعدم التقصير.
أما الدكتورة مروة الخفاجي كونها أختصاص جلدية وليس لديها خفارات قالت: التقصير يكون حسب تنظيم الوقت, إن كانت الطبيبة منظمة وقتها بين الدوام والبيت لا أعتقد هناك تقصير وليس هناك مشكلة, لكن إن كانت الطبيبة ضمن أختصاص فيه خفارات كثيرة يمكن أن يمنعها من القيام ببعض الأمور, من المؤكد لا تقارن بشخص دوامه ساعات معدودة.
الطبيبة والأبناء:
الدكتورة لقاء الموسوي قالت: الأبناء عانوا كثيراً خصوصاً مرحلة الدراسات العليا ولكن الحمد لله بفضل مساعدة الأهل مرت بسلام وبدأ الأطفال بالتأقلم.
والدكتورة مروة الخفاجي قالت: التوفيق بينهم جداً صعب, لابد من وجود تضحيات, إن كان هناك تعاون من قبل العائلة قد تسيطر على الوضع وإن لم يوجد تعاون حتماً يكون الأبناء هم الضحية.
الطبيبة والزوج:
"لزوجي الفضل الكبير" هكذا قالت الدكتورة لقاء الموسوي: الحمد لله لزوجي الفضل الكبير في مواصلة المشوار وتشجيعي في الحصول على الدكتوراه والأختصاص كونه طبيب ومتفهم طبيعة العمل.
الدكتورة مروة الخفاجي قالت: بالتأكيد هناك تقصير تجاه الزوج.
الطبيبة والمجتمع:
(الذي عشتهُ كلّه خسارة..!) هكذا وصفت الدكتورة هـ.م/ أخصائية نسائية وتوليد, حياتها البعيدة عن مظاهر الحياة الممتعة, نعم لا يستطيع أحدنا أن يعيش بمعزل عن مجتمعه فهم سر بقائه. الدكتورة مروة الخفاجي قالت: ليس الجميع لكن البعض ينظر للطبيب بشكل عام والطبيبات بشكل خاص, نظرة حاقدة وهذا يعود لواقع المجتمع, لايقدر مسؤولية الطبيبات لديها عائلة وأولاد والتزامات.
الدكتورة لقاء الموسوي قالت: مع الأسف الطبيب يعيش حالات حرجة وصعبة ويقضي ليالي بعيدا عن عائلته وأطفاله, فرحتنا تكمن في كون الأجر عند الله لا يضيع وكثيراً ماتفرحنا دعوة صادقة من ذوي مريض تمكننا من معالجته.
الدكتورة هـ.م عبّرت عن مشاعرها بصدق وألم فنحن لم نكن طلاباً اعتياديين, دائماً نسعى للتفوق والتميّز, فعانينا من الحرمان فحرمنا أنفسنا بأختيارنا هذا الطريق من مظاهر الحياة الممتعة, نعم لقد حققتُ حلمي وحلم والدي بالدخول إلى كلية الطب؛ ولكن على الصعيد الشخصي كإنسانة وكأم لم أحقق طموحي فالذي عشتهُ كلّه خسارة, وليس فقط هذا, تسببتُ بإيذاء أناس آخرين ليس لهم ذنب (زوجي وأولادي) الذي لم يتمتعوا بحياة طبيعية, فتخيل طبيبة واعية ومثقفة تجعل أطفالها على يد الخدم أو تأخذهم إلى مكان عملها..! أمي التي لاتقرأ ولا تكتب كنت أنا أعيش في ظلها بحياة ممتعة وطفولة أفضل من أبنائي الآن.
عشنا هذه اللحظات مع الطبيبات بآلامها وطموحاتها.. قدمناه عرفاناً لهذه الشريحة المضحية لنصل وإياكم إلى أن نعاملها كإنسانة.. لها مشاعر وأحاسيس.. فنعينها على آهاتها.. ونقول لها:
رفقاً بنفسكِ ولاتنسينَ أطفالكِ فهم ينتظرون لحظة عودتكِ ليلتقوا بحضنكِ الدافئ الحنون.
اضافةتعليق
التعليقات