قال تعالى : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ).
الغرب قد اكتشفوا مؤخراً تقنية عجيبة أحدثت ضجة كبيرة في عالم قانون الجذب. هي (تقنية لتنظيف الداتا السلبية) وإسمها "هوبونوبونو" والتي تجذرت فينا منذ سنوات.
الداتا (البيانات) السلبية هي السبب الرئيسي في مشاكلنا وعراقيل حياتنا. التنظيف يكون علاجا من جميع النواحي، كالصحة المتدهورة، والعلاقات السيئة، والرزق القليل وقلة التوفيق، وأي مشكلة قد تخطر في ذهنك. لكن في ديننا، دين الإسلام، قد تحدث عن العلاج وأعطونا الوصفة مراراً وتكراراً قبل ألف و أربعمائة سنة. القرآن الكريم والمعصومين (صلوات الله عليهم) علمونا ماذا نفعل لننجوا من كل هذه الأمور بتكرار كلمة بسيطة وسهلة جداً .
لكن لنوضح أولاً عن تقنية تنظيف الداتا السلبية بلسان الغرب(الهوبونوبونو)، والتي بدأوا بتطبيقها مؤخراً، من ثم نتطرق عن تقنية تنظيف الداتا السلبية في الإسلام .
الهوبونوبونو أحدثت ضجة كبيرة في عالم قانون الجذب لنتائجها الباهرة . هي تقنية أصلها من هاواي، و هي إحدى طرق التشافي التي اكتشفها الشامان القدامى. حيث كانت الأسر و القبائل تستخدم تقنية الهوبونوبونو لفض النزاعات و الخصومات فيما بينهم .
طوّرت هذه المراحل الأربعة للهوبونوبونو، و تم اختزالها في أربع عبارات أساسية من قبل دكتور في علم النفس هو الدكتور هيولين، وبدأ الغرب بتطبيقها حديثاً .
تنص فلسفة شعب هاواي القديم أن حدوث الأمراض في الحياة وجذب الأحداث السيئة هي نتيجة الأفكار و المشاعر التي تستثار بواسطة الذكريات الحزينة و المؤلمة التي حدثت في الماضي . الهوبونوبونو كطريقة علاج جداً قوية، يجعلك تدرك أن كل شيء يحدث لك هو انعكاس لما يدور بداخلك، و أنك أنت فقط من يتحكم فيه. لهذا عليك أن تندم و تتأسف على ما تسببت فيه، و أن تطلب السماح و الغفران من الله تعالى، و تعلن حبك و احترامك و امتنانك لما حدث لك، فهو درس عليك أن تتعلم منه و تتجاوزه في حياتك القادمة.
فالإنسان الذي لا يسامح الآخرين حين تثقله الأفكار و الذكريات المؤلمة يكون كالأسير لها، فيقع في خدعة الوقت و المكان، و يعلق في شبكة عنكبوتية غير منتهية من الأفكار السّامة و المشاعر المؤلمة وجذبها مجدداً الى حياته .
ستتمكن باستخدام هذه التقنية من إزالة كل الداتا السلبية التي تم غرسها داخلك، و تم برمجة عقلك الباطن عليها، و التي لا تمثل الحقيقة، و إنما فقط أفكار خارجية .
(تنظيف الداتا السلبية) يعني تعديل الأخطاء، وإرجاع كل شيء إلى مكانه الصحيح من جديد و تقويمه. أي إرجاع تدفق الأرزاق و السيران إلى الحياة، و الذي تم فقده في مرحلة ما من الحياة بسبب أعمالنا وأفكارنا السيئة.
يجب أن تعلم أن كل ما حولك و يحصل لك هو إرتداد لما بداخلك سواء كان معتقداً، أو تجربة سابقة فاشلة، أو صدمة، أو معتقد زرع في عقلك منذ الطفولة، أو نية سوء، أو معصية أو ذنب عملته، أو أي شيء له تأثير سلبي عليك و ترسخ في عقلك الباطن. ما دمت لم تنظف قلبك، من هذه الأمور، ستجذب إليك دائماً ما يماثله من أحداث سيئة، طالما لم تتحرر منه في الوقت المناسب، فصارت حياتك صورة مكررة عنه.
قال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) .
يعتمد نجاح تقنية الهوبونوبونو على اعترافك و بكل قناعة بأنك "المسؤول" عن كل ما حدث و يحدث معك، و أن هناك شيء ما بداخلك تعلمه أو لا تعلمه يقوم بجذب هذه المواقف و الأمراض والأضرار لتحدث لك، أو هؤلاء الأشخاص كي يظهروا في حياتك. و أن مشاكلك جميعها لا علاقة لها بشخص معين، و لا بمكان معين، و لا بوقت و لا ظرف محدد . فهؤلاء جميعهم وسيلة إن لم يكونوا هم فغيرهم سيكونوا ..
بوصولك إلى هذه المرحلة المتقدمة من مصارحة الذات و تحمل مسؤولية كل ما يحدث في حياتك، حينها فقط ستلتمس النتائج الرائعة، لكن إن كنت من النوع الذي دائماً ما يشتكي بأن الآخرين هم سبب مشاكله، فإن التقنية لا تصلح لك، إلا إذا تحملت مسؤولية حياتك وتغيرت من داخلك .
تقنية الهوبونوبونو : هو عبارة عن أربع أسطر تقولها لرب العالمين :
١- أحبك I love you,
٢- أنا آسف I am sorry,
٣- سامحني please forgive me,
٤- شكراً لك thank you,
فالبتكرار الكثير لهذه الجمل الأربع تنظف ما بداخلك من طاقات سلبية وتزيل العوائق لسعادتك.
شباهتها في الإسلام :
عندما وضعت تقنية تنظيف الداتا السلبية في الإسلام (الذكر) مع تقنية تنظيف الداتا السلبية (الهوبونوبونو)، انبهرت وتمسكت بشكل أكبر وأقوى من ذي قبل بـ ديني، دين محمد وآل محمد صلوات عليهم . الحمد لله كل يوم يزداد انبهاري وتمسكي بديني من خلال معرفتي عظمة الإسلام.
علماء الغرب في قانون الجذب يقولون أنّ تقنية الهوبونوبونو هي تقنية تنظيف الداتا السلبية المعيقة لسعادتنا .
وفي دين الإسلام عوض عن أربع جمل الذي يقوله الغرب، يكون في جملة واحدة مختصرة وهي : " أستغفر الله ربي و أتوب إليه " .
تنظيف الداتا السلبية (الذكر) هي تنظيف للقلب من الذنوب والمعاصي، التي هي مشاعر سيئة مصحوبة بطاقة سلبية قديمة أو حديثة، والتي تعيق وصول السعادة والصحة والعلاقات الجميلة والرزق إلينا .
عند القيام بتنظيف الداتا السلبية نحن نقول : أننا نادمين على ما فعلنا أو ما فكرناه وأي شيء كان السبب في ظلمنا أنفسنا، وبالتالي كان السبب في جذب الأحداث السيئة إلينا، ونحن الآن نريد أن نعود للطريق الصحيح مرة أخرى.
الله سبحانه في عالم الذر جعل معرفته في قلوبنا ومعرفة المعصومين صلوات الله عليهم، ولكن، عندما أتينا لهذه الدنيا قد أنسانا الله ما جرى في عالم الذر لحكمةٍ، لكن المعرفة التي تلقيناها هناك جعلت في هذه الدنيا بالفطرة في قلوبنا، أي نحن ننجذب الى الطريق الصحيح لا إرادياً ونشعر بشعور جيد اتجاهه، لكن إن كثرت معاصينا وذنوبنا ستتراكم الذنوب وتشكل حجاباً (صدئا) على القلب، بحيث تُحتجب الفطرة، لن نقدر بعدها أن نميّز طريق السعادة، وكله بسبب الذنوب أو البيئة السيئة التي أدّت إلى إحتجاب القلب، بالتالي سنعلق في متاهات كثيرة ولن نعرف طريق السعادة. لكن الله سبحانه بمنه وفضله علينا علمنا هذه التقنية . باستخدامها يزول الحجاب الأسود عن قلوبنا وننجذب لطريق الحق الذي يقودنا لقدرنا السعيد .
قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً * وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً ) .
مثلاً : لو كان منزلنا مملوءاً بالقمامة لأيام متتالية وكثيرة، من الطبيعي سيصبح المنزل ذو رائحة كريهة ونتنة، هل يصلح أن نعطر المنزل؟ طبعا لا، لأن الروائح ستختلط وتزداد الرائحة سوءاً .
لكن الصحيح هو أن نخرج القمامة وننظف المنزل أولاً .
فكذلك القلب، له عملية مشابهة، أي إذا لم ننظف قلبنا من السواد القابع فيه، ولم نزح عنه الرين (الصدء) نتيجة المعاصي والأفكار السيئة، لن نرى ولن نعرف طريق السعادة، سنتيه في الحياة، وسنجلب الأحداث السيئة بشكل متكرر لا إنقطاع له ولا مفر منه .
قال تعالى: " َلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ" . الرين صدأ يعلو الشئ الجليل، أي صار ذلك كصدء على جلاء قلوبهم فعمي عليهم معرفة الخير من الشر، معرفة طريق السعادة من طريق التعاسة. فكوّن ما كانوا يكسبون وهو الذنوب رينا على قلوبهم، وهو حيلولة الذنوب بينهم وبين أن يدركوا الحق على ما هو عليه.
إن للنفس بحسب طبعها الأولي (فطرتها التي فطرها الله في عالم الذر) صفاء وجلاء تدرك به الحق كما هو وتميز بينه وبين الباطل وتفرق بين التقوى والفجور، قال تعالى: "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها".
لكن مع تراكم الذنوب وعدم التوبة والإستغفار، تمنع النفس أن تدرك طريق السعادة كما هو وتحول بينها وبينه.
"القلب" مركز المشاعر والأحاسيس، إذا نظفنا الصدء الذي غلّف به القلب، سيشع منه النور، وستكون المشاعر أغلب الأوقات جيدة، إذ هي بصيرة وترى الأمور بوضوح، بالتالي ستجذب الخير الكثير. ينبغي علينا دائماً وكل ما سنحت لنا الفرصة أن ننظف القلب من الشوائب المعيقة لسعادتنا .
إذا استمرينا على هذا الذكر سنجذب السعادة في عدة جوانب من الحياة مثل (جلب الرزق، علم، مال، الشفاء من الأمراض، تحسين العلاقات وجلب أجملها، التخلص من رذائل الأخلاق والنجاح في كافة المجالات ).
قال تعالى : ( وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) .
فبشعورك بالتأسف و أنك فعلا آسف، و متيقن أنك لست ضحية، و إنما أنت "مسؤول" عن المشاكل التي حصلت لك، و أن لك يد فيها، بهذا أنت تضع قدمك نحو الطريق الصحيح لتحقيق التشافي . قوة الاعتراف بالذنب و الإعتذار قوة جبارة لا يدركها إلا الأقوياء المتصالحون مع أنفسهم و مع الحياة .
عندما نقف أمام المرآة ونرى أنّ هنالك حبراً على وجهنا، هل يصلح بأن ننظف المرآة ليذهب الحبر؟ المرآة هي فقط إنعكاس لما هو حقيقي وليست لها ذنب . ينبغي أن نحمل منديلاً وننظف وجهنا، بعدها سنرى أن الحبر قد ذهب، نعم بهذه البساطة .
عندما يكون في داخلي طاقات سلبية كثيرة ومتراكمة التي ولدتها الذنوب لا ينبغي أن أتعجب من العراقيل والمشاكل التي تحدث في حياتي، بل هي فقط إنعكاس لما هو في داخلي . يجب أن أنظف الداتا السلبية المتراكمة لأرى بعدها إنعكاسه الجميل في حياتي .
ما هو الشبه بين تقنية تنظيف الداتا في الإسلام وتقنية تنظيف الداتا الهوبونوبونو لدى الغرب؟
في تقنية الهوبونوبونو، عندما أقول : أنا آسف وأطلب المسامحة هو نفسه قول : أستغفر الله، وعندما أقول : وأتوب إليه، تعني في الهوبونوبونو : إلهي أنا أحبك وشكراً لك . لأنّ كلمة "وأتوب إليه" يعني أذهب إلى الله و أرجع في طريقي إليه . أرجع إلى الله أي : أرجع إليك يا إلهي لأنني أحبك، لأنك أعطيتني الفرصة لأتوب وأمحي الطاقة السوداء التي بداخلي، وأشكرك لأنك تفتح لي ذراعيك عندما أتوب وتستقبلني دائماً، في كل وقت وحين . فجملة "أستغفر الله ربي و أتوب إليه" هي مختصر تقنية الهوبونوبونو (أنا آسف، سامحني، أنا أحبك، شكراً لك) . عندما نجعل تقنية الهوبونوبونو مع تقنية الإستغفار في الإسلام ونبحث عن معناه بدقة نرى مدى شباهتهما . بل إن الإستغفار أسهل بكثير وتأثيره أقوى أضعاف مضاعفة . لأنه ورد عن الله تعالى وعن لسان المعصومين صلوات الله عليهم .
وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام : " الإستغفار يزيد في الرزق " .
عن رسول الله صلى الله عليه وآله : "من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً" .
وعنه صلى الله عليه وآله: "عليك بالاستغفار فإنه المنجاة" .
وهناك رواية عجيبة أيضاً عنه صلى الله عليه وآله: "ألا أدلكم على دائكم ودوائكم؟ ألا إن داءكم الذنوب، ودواءكم الاستغفار".
يعني إذا آلمك رأسك إستغفر، إذا كانت على عاتقك ديون إستغفر، إذا تفتقر إلى الرزق إستغفر، إذا علاقاتك ليست جيدة إستغفر، أي مشكلة وقعت فيها بدون أي إستثناء إستغفر! ، الإستغفار هو الدواء الأعظم وهو شامل لكل الأمراض .
طبعا يجب أن يكون الإستغفار مع عقيدة كاملة والإيمان القلبي به.
إستغفروا الله كل يوم بكثرة الى أن تنحل جميع مشاكلكم، وبعد أن حلت مشاكلكم، أيضاً إستغفروا إجتناباً للمشاكل المستقبلية . الإستغفار هو الدواء وهو أيضاً الدرع الواقي .
يقول مدرّس تقنية تنظيف الداتا السلبية الهوبونوبونو : إنتبهوا من أن تقوموا بتنظيف الداتا السلبية بنية أن يحصل ما تريدون . أي قوموا به فقط لتنظيف أنفسكم من الداخل، فعندما يتنظف القلب ستحدث المعاجز لكم .
يعني يجب علينا أن لا نستغفر الله من أجل هدف معيّن، (يعني أستغفر الله حتى أنجح في الإمتحان ، أو أستغفر الله حتى يزداد رزقي، أو أستغفر الله حتى تأتي إلي الأحداث السعيدة) لا، بل ينبغي أن يكون الإستغفار للتوبة من الذنوب ولتنظيف ما بداخلنا والرجوع إلى الله فقط، وبشكل لا إرادي عندما ننظف ما بداخلنا من ذنوب وطاقة سوداء، السعادة ستأتي إلينا من تلقاء نفسها، بل تهرول إلينا. لأننا نظفنا العائق الكبير بهذا الذكر العجيب . ستفتح لنا الأبواب وتحل العقد . حتى في العلاقات السيئة عندما نستغفر، سيخرجون من هم سيئون في حياتنا، لينقطع بذلك سم العلاقة، أو إذا كانوا صالحين في حياتنا ستتحسن وستشفى العلاقة ما دمنا نستغفر الله بشكل يومي.
نتعب من الإستغفار اليومي :
عندما نعطش أو نجوع هل نتعب لأننا نجوع ونعطش كل يوم؟ لا بل هذا مهم ليبقى جسمنا سليما وعلى قيد الحياة، كذلك الإستغفار اليومي مهم جداً ليبقى قلبنا سليما ولنصلح بفضله كل شيء في حياتنا، الإستغفار هو عبارة عن مفتاح رئيسي لجميع مشاكلنا .
رب العالمين يريد لنا الخير دائماً، لكن نحن الذين بذنوبنا نمنع الخير عن أنفسنا ونخلق حاجزا كبيرا يقف في وجه سعادتنا.
لو يأتي أفضل معلم لا يقدر أن يضمن درجتكم في الإمتحان، لأنكم أنتم الذين ستدرسون وأنتم من تقررون، هو عليه أن يعلمكم الطرق الصحيحة للدراسة ويفهمكم المعلومة، لكن في المرحلة الأخيرة الدراسة والمطالعة تعتمد عليكم . أو مثال على ذلك مربي الرياضة، سيعطيكم تمارينا للحصول على جسم مثالي، هو لن يقوم بالتمارين عنكم، أنتم يجب أن تقومون بالتمارين التي يقولها حتى تحصلون على نتيجة، كذلك الطبيب هو عليه أن يشخص حالتكم ويعطيكم وصفات الأدوية، لكن الباقي يرجع لكم، هو عليه إرشادكم ليتحسن حالكم وأنتم عليكم العمل .
حسب كلام الله في القرآن الكريم و روايات المعصومين صلوات الله عليهم "الإستغفار" هو الحل لجميع مشاكلكم بدون أي إستثناء، لكن أن تطبقوا وتعملون فيه هذا أمر يرجع لكم.
أرأيتم؟ دائماً الخطوة الاًخيرة يجب أن نقوم بها نحن .
عقلنا قاصر عن معرفة الحكمة الإلهية :
هل لاحظتم إلى الآن تصرفات الأطفال كم هي خارجة عن نطاق العقل؟ مثلا ترون طفلاً يحمل سكينة ويريد أن يدخلها في الكهرباء، كيف سيكون تصرف الأب والأم معه؟ سيأخذون السكين منه بسرعة ويبعدونه عن الكهرباء. الطفل سيبكي ويقول في نفسه لماذا أهلي يأذوني ولا يدعوني أتصرف براحتي. هكذا يفكر الطفل، لأن طريقة نظرته للحياة على قدر عقله. نحن أيضاً أحياناً لا ندرك لماذا هذا حرام وهذا مكروه، لأن نظرتنا محدودة، لا ندري لماذا الله تعالى حرّم علينا بعض الأمور. سبحانه يعلم إذا فعلناها ستكون مضرة لنا .
ولكن الأغلب سيشتكي كهذا الطفل عندما أخذوا منه السكين، نحن عقلنا قاصر عن معرفة السبب.
الله سبحانه لا يحتاجنا ولا يحتاج لعبادتنا، عندما نستغفر لا نستغفر لأن الله يحتاج الى إستغفارنا، بل نستغفر الله لظلمنا أنفسنا، نستغفره لأننا نحن من يحتاج إليه، نحن نحتاج لأن ننظف الداتا السلبية المتجذرة فينا، نحن من نحتاجه لنصل الى السعادة المطلقة .
ورد في القرآن الكريم : " قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ".
عندما نرتكب المعاصي والذنوب لا نظلم الله! سبحانه غني عنّا، لكن نظلم أنفسنا، لأننا آذيناها وسنؤذيها بانجذاب الأحداث السيئة إلينا في الدنيا والآخرة .
إن تعقدت أمورنا وحدثت أمور سيئة لنا، لأننا نحن الذين ولّدنا في أنفسنا طاقات سلبية كثيرة عن طريق أفكارنا السلبية أو أفعالنا السلبية، فتحدث العقد والمشاكل في طريقنا . لكن لحسن حظنا لدينا "الإستغفار" ، عن طريقه تذهب الطاقات السلبية وتنظف .
حقيقةً وجب علينا الشكر! أننا تعرفنا على هذه المعلومة التي هي في غاية الأهمية، إذ هو مفتاح رئيسي لجميع الأبواب المغلقة في حياتنا، لكن كما قلنا المرحلة الأخيرة تقع على عاتقنا، سنرى النتيجة والخير الكثير إن "عملنا به" . الإنسان عندما يتحمل مسؤولية أفعاله و أعماله سيرى نور الفرج سيرى باب السعادة يفتح له .
البعض يقول عندما أدعو يحدث العكس :
لا يحدث العكس كما تظنون، بل أحياناً لأن في داخلكم طاقة سلبية كثيرة ومتراكمة على مر السنين و روحكم لم تصل بعد إلى مرحلة النضوج ومرحلة إستلام الهدية من رب العالمين، فـإذن لتكونوا مهيئين أن تستلموا هذه الهدية منه سبحانه يجب أن تمروا بصعوبات معيّنة والتي ستصقل روحكم وتجملها وتمحي الطاقة السلبية المتجذرة فيكم، وبذلك تهيء الأرضية لاستقبال ما دعوتم من أجله . تأكدوا، عندما تدعون، لكم عند الله خير يؤجله حتى تتهيأون لاستقباله . كلما جملتم أنفسكم كلما زاد قدركم جمالاً، فكما يقولون : أنّ الطيور تقع على أشكالها .
هل هناك ذكر غير الإستغفار لتنظيف الداتا السلبية فينا ؟
طبعا، كل أذكار الله هي تنظيف، لكن أقواها الإستغفار ومن ثم الصلاة على محمد وآل محمد، ولعن أعداء الله .
عن الإمام الرضا عليه السلام : "من لم يقدر على ما يكفر به ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمد وآله، فإنها تهدم الذنوب هدما " .
وعن الإمام السجاد عليه السلام : من لعن الجبت والطاغوت لعنة واحدة، كتب الله له سبعين ألف ألف حسنة ومحى عنه سبعين ألف ألف سيئة ورفع له سبعين ألف ألف درجة ” .
كيف تكون عندنا طاقة إيجابية معظم الأوقات؟
بالذكر الكثير كـالاستغفار والصلوات على محمد وآل محمد ولعن أعداء الله .
عندما تقومون بتنظيف الداتا السلبية (بالذكر)، العقل والروح سيمتلئان طاقة إيجابية عالية، بحيث يصعب دخول الأفكار السلبية إليكم، لأنكم ملأتوه بأذكار إيجابية من النوع العالي، فعندئذٍ لا مكان للأفكار السلبية الشيطانية ولا للأحداث السيئة .
فهو من أقوى الأذكار ومن أقوى التقنيات لتنظيف ما بأنفسنا حسب ما توصلت إليه إلى وقتنا هذا .
إنتبهوا كثيراً من وساوس إبليس وجنوده، سيوسوسون لكم ليوقفوكم عن الإستغفار، لأنه سعادته في أن يراكم تتخبطون في المشاكل، ولذته أن يراكم في كآبة وهموم دنيوية .
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
" قال إبليس: وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني " .
إذن إلعنوه و ابدأوا بالإستغفار بشكل يومي مستمر . وإذا أردتم أن تزيد طاقة الإستغفار وتصبح أعلى وأقوى بكثير، وأن ترون نتائج أكبر وأسرع: قوموا بالإستغفار بسبحة من تربة كربلاء، أي تربة الإمام الحسين صلوات الله عليه .
فعن الإمام الصادق (عليه السلام) : " من أدار الحجر من تربة الحسين (عليه السلام) فاستغفر به مرة واحدة كتب الله له سبعين مرة وإن أمسك السبحة بيده ولم يسبح بها ففي كل حبة منها سبع مرات " .
من يريد السعادة في الدنيا والآخرة فليبدأ بنفسه من اليوم .
اضافةتعليق
التعليقات