تعتبر ظاهرة العنف العائلي أو الاسري من الظواهر القديمة في المجتمعات الإنسانية فهي قديمة قدم الإنسان الذي ارتبط ومازال يرتبط بروابط اجتماعية مع الوسط الذي فيه يؤثر وبه يتأثر إلا أن مظاهره وأشكاله تطورت وتنوعت ومنها العنف ضد المرأة والعنف ضد الأطفال والعنف ضد المسنين وأصبح مجتمعنا اليوم يسوده العنف بشكل كبير بسبب عدم بث روح التعاون والتفاهم بين أفراد الأسرة.
العنف ضد المرأة سلوك عنيف متعقد موجه نحو المرأة سواء كان من زوجها أو احد افراد أسرتها من الذكور ويعد من الأشكال التي تحد من حرية المرأة في حياتها الخاصة والعامة والعنف انتهاك واضح وصريح لحقوق الإنسان وان عواقبه خطيرة لا تقتصر على المرأة وإنما على المجتمع بأكمله.
العنف لا ينحصر في شكل واحد وإنما يأخذ عدة أشكال منها:
١/العنف الجسدي: يعد أكثر أنواع العنف انتشارا ضد المرأة وعادة ما يتسبب بها زوجها أو احد افراد عائلتها من الذكور ويشمل هذا النوع من العنف أي اذى جسدي يلحق بالمرأة سواء كان الاعتداء بالضرب أو استخدام آلة ويتسبب في بعض الأحيان بوفاة الضحية وكما يشمل هذا النوع من جرائم الشرف التي ترتكب بحق المرأة في حال التشكيك بعفتها وله آثار تؤثر على المرأة وصحتها.
٢/ العنف اللفظي أو النفسي: هو العنف الممارس ضد المرأة من خلال ألفاظ وشتائم تنتقص من قدرتها بالإضافة الى التهديد بالطلاق وله آثار سلبية مما يؤدي إلى إصابة المرأة بأمراض نفسية حادة.
٣/العنف الجنسي: لهذا العنف اشكال متعددة منها التحرش الجنسي أو اي تهديد جنسي أو اي علاقه تفرض بالإكراه.
٤/العنف الاقتصادي: هو العنف الذي يمنع المرأة من الحصول على العمل وابقائها كتابع لأحد افراد الأسرة ويشمل حرمان المرأة من التعليم والعمل.
وللعنف اسباب عدة:
منها انخفاض مستويات التعليم، وانعدام الفرص الاقتصادية، التمييز بين الرجل والمرأة، الصراع والتوتر في العلاقة الزوجية، عدم وجود مساحات آمنة للنساء والفتيات تسمح لهم بحرية التعبير عن الرأي والتواصل وفي أغلب الأحيان يرجع الدور لوالدها في حرية اختيارها حتى في مجال اختيار الجامعة التي ترغب بها، والتقاليد السائدة في العائلة من الأمور التي تحد من حرية المرأة.
وللحد من العنف ضد المرأة وايقافه بشكل تام يجب على جميع افراد المجتمع التكافل فيما بينهم بشكل كبير. ولابد أن نبدأ بالوقاية من المناهج الدراسية التي تضم برامج للتعريف بالعنف ضد المرأة. وكذلك إقامة الدورات والندوات التي تحد من هذه الظاهرة ونشر الوعي الصحي والثقافي بين أفراد المجتمع. الى جانب الخطط الاقتصادية التي تمكن المرأة من تعزيز دورها في المجتمع وأبرزها كعضو فاعل وقادر على تحقيق النجاح، وللحد من العنف لابد أن نتعاون مع خطباء المنابر للحث على هذه الظاهرة وتوعية المجتمع.
ولقد تناول القانون العنف الاسري في بعض القوانين منها قانون العقوبات رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ الجرائم المتعلقة بالأسرة وكذلك نص الدستور العراقي الدائم لعام ٢٠٠٥ بأن الأسرة اساس المجتمع وتكفل الدولة حمايتها. وكذلك قانون الأحوال الشخصية رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ من القوانين التي وفرت الضمانات الأسرية للزوجة حيث نصت المادة ٤٠ (ان لكل من الزوجين طلب التفريق إذا اضر احد الزوجين بالزوج الآخر أو بأولادهما ضررا يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية) وكذلك المبدأ العالمي لحقوق الإنسان أقر مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وان الناس يولدون أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق.
لابد من تشجيع الاستراتيجيات الوطنية التي تعزز العدل بين الرجل والمرأة وتقديم فرص لكل منهما. وكذلك إقامة الدورات والندوات التي تشجع على الحد من هذه الظاهرة. وعلى افراد الأسرة سواء كان الاب أو الابن أو الزوج أن يقتدي بأهل البيت، عليهم السلام، في التعامل مع المرأة وينظر كيف تعامل النبي الاكرم واهل البيته مع زوجاتهم واخواتهم وبناتهم لكي نسير على دربهم ونهجهم ونصبح حسينيون بالمعنى الصحيح.
اضافةتعليق
التعليقات