في سُلَّمِ الحياة نجدُ من يرتقي من عتبةٍ الى أخرى ليصلَ إلى القمةِ بهدوء، ونجد آخر إستقر في مكانه ولم يشأ التقدم خوفا من المجازفة، وآخر إتخذ طريق المماطلة في الصعود، وأخطرهم هو ذاك الذي أتخذ من طريقِ العنف واسقاط الآخرين دربا للصعود.
كيفما تكونوا يولى عليكم.. عبارةٌ لا تقبل أن تكون في زاويةٍ ويُستثنى منها أحد، بل ان تُكْتَبَ في طريق هذه الحياة وعلى كلّ جدار لتُذكّر السائر بأنه يجب ان يكون مسيره معتدل فإن أي تعامل خارج الاعتدال سيلاقي مثله فيه ولو بعد حين، فمع إنتشار العنف بين أصغر وحدة مجتمعية ألا وهي الأسرة حيث الأم تضرب الأبن والأب يُعَنِف الأم وهكذا تعلو لِتصلَ الى الحكوماتِ التي أصبح شرابها اليومي دماء الأبرياء، فتقتل عمدا وسهوا للوصول الى قمة الحكم لا لتحكم بالعدل بل لتكون مثالا لشره أكل الأموال حتى تتمتع بعدد من الجنسيات في الدول الغربية. وفي هذا الظرف نحتاج الى منهج اللاعنف ليكون ركيزة للتغيير ف(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)«١».
وعلى هذا يجب ان نعرف ماهو اللاعنف فهو: (مبدأ إسلامي نابع من نظرة الإسلام الى البشرية، ونابع من الرسالة المحمدية التي هي رسالة رحمة للبشر، فلا تحمل أي جانب من العنف والإرهاب، وفيها خطاب معقول للإنسان إذا لم يكن قادرا على الظالم باستخدام السلاح بوجهه، فالمفترض أن يقابله بسياسة اللين والصبر، إذ كانت سياسة اللين هي السلاح الذي استخدمه الأنبياء والمصلحون لمقابلة العتاة والطغاة).
ومن ذلك نستنتج أن في هذا المبدأ بلورة شاملة في تجديد حياة الفرد والمضي به نحو التقدم الذي يرومه حتى لا يعترضه اولئك الذين استخدم معهم العنف ويقطعوا مسيره (فحركة اللاعنف وإن كانت صعبة جدا على النفس لكنها مثمرة جدا في الوصول الى الهدف، والعاقل يُقدم الصعوبة على الفشل) وعلى أساس ذلك (فإن كلّ من يلتزم بقانون السلم واللاعنف لا مندوحةَ له إلا وينتصر في الحياة).
يبقى السؤال الذي يتخاطر الى الذهن فمتى اذاً يستوجب استخدام العنف؟
إحدى أهم الاجابات تأتي من سيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم حيث لم يحارب أحد من مناوئيه وكيف عاملهم بالسلم والسلوك الحسن حتى هم اعتدوا عليه وعلى المسلمين وطلبوا الحرب فخرج لمحاربتهم.
وكذلك سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث التزم بعدم استخدام القوة حتى مع الخوارج وقد عكف على نصيحتهم وتذكيرهم بالحق ولكنهم أبوا إلا محاربة المسلمين وحينها حاربهم الإمام للدفاع عن الأمة.
ونستشف من ذلك إن استخدام العنف لا يتم إلا بعد اليأس من المقابل وهذا ينطبق على اصغر وحدة مجتمعية وأكبرها وقد ورد في القرآن ذلك (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)«٢».
فالمراحل تبدأ من الوعظ ثم الهجر وآخر احتمال هو الضرب.
اضافةتعليق
التعليقات