على ناصية ذلك المكان وقفت تناجي ربها تطلب منه قضاء حاجتها, فعلت كما يفعل الكثير من الناس, فأوقدت شمعتها ووضعتها على مجسم من الفلين لتجرفها موجات الماء الجاري, فشقت طريقها بين آلاف الشموع وهي تتطلع خلفها بتأمل وخوف كما تودع الأم صغيرها تتأمل أن تتوسط شمعتها المكان وتبقى جذوتها مشتعلة من أجل ان تذوب بأكملها,علها بذلك تنول مرادها.
مضت الشهور حتى تماثل صغيرها للشفاء فتذكرت كيف قضت ليلتها تلك تناجي ربها وتطلب من الإمام المهدي (عليه السلام) ان يكون شفيعها عند الله ليولد عمر جديد لطفلها في ليلة ولادته الميمونة.
لقد كانت تلك الليلة اشراقة أمل وبشرى بشفاء صغيرها, حتى اقبل العام التالي فحملت معها الأواني والشموع واتجهت إلى مقامه الطاهر لتجلس على أعتاب بابه لتفي بنذرها.
الكثير من القصص والمعاجز تتخللها تلك الليلة المباركة إذ لم تكن أم صادق المرأة الوحيدة من توجهت إلى مقام صاحب الزمان (عليه السلام) للإيفاء بنذرها بل كانت الكثير من النسوة والرجال قد حضروا تبركا إلى المقام وإحياء طقوس تلك الليلة, ليوقدوا شموعهم ويعقدون الولاء راجين من المولى عز وجل تعجيل ظهوره المرتقب..
(بشرى حياة) سجلت آراء الموالين عن إحيائهم لمراسيم هذه الزيارة وعن فضيلة هذا الشهر المبجل الذي خصه الله بولادة منقذ البشرية..
بين الافراح والفضائل
"إن ليلة النصف من شعبان ليلة عظيمة تحمل بين طياتها الافراح والفضائل" بهذه العبارة استهلت ام سيف حديثها وهي منشدة حسينية ثم استطرقت قائلة: "ان شهر شعبان يتخلل جانبين مهمين, أولها الأفراح التي تغدقنا حيث نحتفل بإحيائها ويكون ختامها مولد إمامنا المهدي (عليه السلام) وثانيها الفضائل التي تخصها الأيام المباركة بالصيام وأعمالها".
وأضافت قائلة: "أنا اسعد كثيرا بقدوم هذا الشهر لأننا نواكب الأحزان أكثر من الأفراح لما يمر به البلد من أزمات اقتصادية وأمنية".
وتابعت: "كما ان شهر شعبان يمرن الجسد على الصيام استعدادا لصيام لشهر رمضان, وقد اعتدت أن أصوم في العشرة الأخيرة من أيامه نظرا إلى المناسبات التي أحييها في الأيام الأولى منذ بداية الشهر إلى ما بعد الزيارة الشعبانية".
فيما أعرب الحاج ابو ستار عن فرحه بهذه المناسبة وعظمتها قائلا: "في كل عام أحتفل بهذه الولادة الميمونة, إذ احضر مراسيم الزيارة والتزم بالدعاء والصلاة حتى مطلع الفجر".
وأوضح قائلا: "لعل الكثير من الناس يغفل عن فضل هذا الشهر العظيم ويفوت على نفسه هذه الفرصة الثمينة, لذلك فإن تذكير الناس بمواسم الفضل مهم لحثّهم على المبادرة في الخير, وعلى هذا فإن شهر شعبان له فضل خاص وله مزية عظيمة, وإن أفضل الأعمال فيه الصيام تطوعا وتقربا إلى الله عز وجل, وقد اعتدت على صيام كل خميس من هذا الشهر منذ سنين خلت, وأحمد الله على هذه النعمة, واسأله أن يديمها علينا, وأن تكون هذه الليلة المباركة لولادة صاحب الزمان (علية السلام) بشرى من الأمل تلوح في الأفق للموالين".
ومن جانب آخر تسرد الحاجة ام حسنين احتفالها بمولد منقذ البشرية حيث قالت: "إن إحياء هذه المناسبة لا يتوقف على المكان الواسع, وإحضار الحلويات والعصائر وما إلى ذلك من مظاهر, فهذه المناسبة هي مناسبة مقدسة أكثر من مظاهر يتحاكى بها المقربين بعد انتهاء المحفل الذي قد حضروه".
فهي كانت منذ سنين خلت وما زالت تحي ليلة (المحيى) على حد قولها بإيقاد شموع في إناء فرشته بنبات الياس, كما أنها تشعر بارتياح كبير ببساطة محفلها الذي كان ومازال بهيئته فهو بقيمته المعنوية وليس المادية.
ختمت حديثها متمنية أن تسدل الأفراح على كل بيوت العراقيين ويعود السلام الى البلاد بعد ما عاشه من صراعات الإرهاب.
سمو الروح
وفي هذا الجانب كان للشيخ حيدر الساعدي هذه المشاركة قال فيها: "إن شهر شعبان مرحلة تمهيدية لسمو الروح لشهر رمضان, ويعد أيضا من الشهور المباركة لما يضم من ولادات متتالية لأهل بيت الرسالة ختامها بولادة الإمام المهدي المنتظر (عج) وذلك في يوم الخامس عشر من شهر شعبان سنة (255) للهجرة حيث ولد الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام، وهي ليلة النصف من شعبان، وهو إمام عصرنا، حيث غاب المهدي (عج) غيبتين, اولهما الغيبة الصغرى واستمرت حوالي السبعين عاماً، كان إتصال المسلمين الشيعة به عبر السفراء. وقبل أن يموت السفير الرابع، أعلن الإمام أنه ستبدأ الغيبة الكبرى إلى أن يأذن الله له بالخروج، ونصرة المستضعفين ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً".
وأضاف الساعدي: "ويذكر في الأثر أن المؤمنين كانوا ينتظرون شهر رجب وشهر شعبان وشهر رمضان بلهفة وشوق وكانوا يتحسرون على انقضائهم بالدموع السخية, وذلك لأن لهذه الأشهر الثلاثة منزلة عظيمة عند الله سبحانه، إذ تتفتح فيها أبواب الرحمة والمغفرة ويشعر فيها الإنسان الذي قام بالاستفادة منها خير استفادة بأنه في رحاب الله عز وجل, وهو يعد ايضا الشهر الذي حث الرسول (ص) المؤمنون على صيامه وقيامه لما فيه من فرصة طيبة للتوبة والعودة إلى الله سبحانه وتعالى تمهيدا لشهر رمضان المبارك".
وتابع: "وقد وردت أحاديث كثيرة في مصادر مختلفة عن الحياة التي سيتمتع بها المعاصرين للدولة المهدوية, ومنها الخير الذي سيعم البلاد, والأمان الذي أصبح شبه معدوم في يومنا هذا, وفي بعض الروايات هناك أحاديث تنقل انه سيأتي يوم ترعى الشاة والذئب في مكان واحد وتلعب الصبيان بالحيات والعقارب ولا تضرهم شيئاً, وتطول الأعمار وتُؤدى الأمانة ويُهلك الأشرار ولا يبقى من يبغض آل محمد صلى الله عليه وآله فبظهوره يطفئ به الله تلك الفتنة العمياء وتأمن الأرض".
ختم حديثه متمنيا: "أسأل الله أن يدركنا ذلك اليوم بالقريب العاجل ونكون من شيعته وأنصاره والمقاتلين تحت لوائه, كما أتمنى ان تعود هذه الأفراح وتتجدد كل عام, وأن تكون هذه الأيام المباركة فاتحة خير لما نمر به, وأدعو من المولى عز وجل بحق إمام عصرنا نصرة مقاتلينا في قوات الحشد والجيش, ويرحم شهداءنا الأبرار".
اضافةتعليق
التعليقات