سنغدو بعد يوم ضيوفا للرحمن في شهره الفضيل، شهر عظمه الله ووقره وجعله أفضل الشهور.. فأيامه خير الأيام وساعاته أفضل الساعات، وفيه الحسنات مضاعفات والسيئات ممحيات.. أبواب الدعاء فيه مشرعة لا ولن يغلقها رب الجلالة بوجه طالب أو راغب، والجميع مدعوون للضيافة الالهية بلا استثناء، أما الهدف الأسمى منها فهي التقوى وليس شيئا آخر.
وهذه هي مائدة شهر رمضان المبارك والتي خُصّ المسلمون بها دون سواهم.
أما قصة مائدة بني اسرائيل والتي ذكرها الله في كتابه العزيز فمضمونها أن عيسى عليه السلام أمر الحواريين بصيام ثلاثين يوما، فلما أتمّوها سألوا عيسى عليه السلام إنزال مائدة من السماء عليهم، ليأكلوا منها وتطمئن بذلك قلوبهم أن الله تعالى قد قبل صيامهم، وتكون لهم عيدًا يفطرون عليها يوم فطرهم.
ولكن عيسى عليه السلام وعظهم في ذلك، وخاف عليهم ألا يقوموا بشكرها، فأبوا عليه إلا أن يسأل لهم ذلك.
فلما ألحّوا عليه، أخذ يتضرع إلى الله تعالى في الدعاء والسؤال أن يجابوا إلى ما طلبوا.
استجاب الله عز وجل، لكنه حذّرهم من الكفر بعد هذه الآية، التي جاءت تلبية لطلبهم.
فأنزل سبحانه المائدة من السماء، والناس ينظرون إليها تنحدر بين غمامتين، وجعلت تدنو قليلا قليلا، وكلما دنت منهم يسأل عيسى عليه السلام ربه، أن يجعلها رحمة لا نقمة، وأن يجعلها سلامًا وبركة.
هذه مائدة بني اسرائيل نزلت عليهم بعد الحاحهم على نبيهم عيسى عليه السلام. واتبعها رب العزة بتحذيرهم من الكفر بعد الايمان، لانها ستنقلب عليهم نقمة لا رحمة.
أما مائدة شهر رمضان فقد خصنا بها الله سبحانه _ نحن المسلمون _في كل عام مرة واحدة، تفضل بها علينا تحننا منه ورحمة، ليفتح لنا طريق التوبة والانابة والرجوع اليه، لنستوجب بذلك غفرانه وعفوه وجزيل عطائه وكرمه.
وفي كل عام يعرض الله سبحانه مائدته لنا ليعيدنا اليه بعد أن يتوب علينا.. ويرجعنا إلى كهفه الحصينة لنتزود بزاد التقوى لباقي أيامنا، فهل ستطول أعمارنا لنتعرض إلى نفحات الشهر الكريم ونكون ممن استضافهم الله على موائد الخير والبركة فنكون ممن فازوا برحمته ومغفرته وبعتقه من النار؟.
نرجو الله ذلك لنا ولجميع المسلمين.
اضافةتعليق
التعليقات