لم تتردد السيدة "ام حامد" في الدخول الى المحلات التجارية بحثا عن عمل ينقذها من حياة التسكع والفقر، التي تعيشها منذ عامين تقريبا، ولكنها تفاجأت بعدم قبولها بقولهم انها كبيرة في العمر، ضاقت بها الارض الواسعة، لا تملك بيتا، او راتبا شهريا، جلست عند تقاطع الشارع العام تستعطف المارة ليشتروا منها الخبز، والذي تخبزه في بيتها الايجار، أعتاد المارة على خبزها، ومعجناتها الطيبة حسب وصفهم، فكأن اقتراحهم، أن يجدوا حلا لحالة السيدة "أم حامد" بعيدا عن جلوسها في التقاطع العام في الصيف الحار، مما دفع أهل الخير أن يتبرعوا لها بعشرة أكياس طحين، و البعض تبرع ان يشتري لها تنور جديد بدل تنورها الطيني القديم، واخر تكفل بان يبني لها عدة أمتار من داره لتكسن فيه وتبيع منه الخبز، فرحتها عاجزة ان تقول لنا كم هي سعيدة بهذا البيت الذي لا يتجاوز الثلاثون مترا.
واما " السيدة أم حسين" فيوم سعدها عندما تبيع كل بضاعتها وترجع الى دارها التي تحميها من أشعة الشمس الحارقة، بينما يخيفها اليوم الاسود الذي تبيع فيه، وعندما قلنا لها لماذا تعتبرين اليوم اسود ان لم تصرفي بضاعتك، والرزق بيد الله؟ اجابت : الحق معكم فأنتم لا تعرفون زوجي!! كل يوم يعطيني خمسين قطعة ملابس نسائية ابيعها وان لم أبعها يضربني ويحرمني من المال!! وهذا مما يجعلني اتعرض لكثير من المضايقات والتعب.
في الاربعين من عمرها متزوجة ولديها اربعة اولاد، السيدة "ام هاشم" مهنتها بيع، (الحرمل والبخور وسبع عيون ) طيلة النهار، أن رجع الامر لها فهي لا تريد العمل، خوفها من الفقر والحاجة هو الذي دفعها للجلوس بقرب احد الاماكن المقدسة، قديمة في مهنتها كما تقول لي: سبع سنوات انا ابيع هنا.
رغم التزاحم بين السوق والشارع إلا أن النساء صاحبات البسطات بتن يزددن تدريجيا. وجهة نظر؟ رغم تطور المرأة وانطلاقها في مجالات العلم والعمل، والمؤتمرات التي تطالب بحقوق النساء المضطهدات في العام، وضروة مكافحة العنف ضد النساء، الا إن الكثيرات من النساء العراقيات مازلن يتعرضن للعنف والاضطهاد، ويتصارعن مع الفقر والحاجة، مما جعلهن خارج دائرة المطالبة بحقوقهن.
فبعضهن ينسين انهن نساء لكثرة تعاملهن مع الرجال، وغيابهن عن البيوت واجواء الاسرة، فيلاحقن لقمة العيش كما تلاحق الام طفلها.
"الحاجة تبرر خروجهن"، كلمات قالتها الدكتورة أنفال وأضافت: هنالك نساء يتحدين الفقر والبطالة بكل انواع العمل داخل المنزل او خارجه، برغم اننا مجتمع مثقف وله الالتزام الديني والفكري الا اننا نرى نساء تبيع في البسطات وفي المحلات وحتى في الشارع العام، مهامها حماية اطفالها من الجوع، فأخذت زمام الامور بيدها، ونزلت تعمل مع الرجل في مكان واحد.
لا مانع منه ان لم يكن مخالفا للشرع، ومحافظة على الحجاب والكلام مع الرجل الاجنبي، بارك الله في رزقها وجعلها بمكانة المجاهدين.
وأكدت الدكتورة فاطمة: على جمعيات حقوق النساء المطالبة بحق المرأة العراقية وتقديم الخدمات والوقوف على هذه الظاهرة، والحد من تعرض النساء البائعات للعنف او المضايقة ، واستئصال هذه الحالات بأربعة طرق لا غير؟!
1. تأسيس سوق خيري خاص للنساء حيث يتم جمع البائعات في الشارع في السوق وعرض منتجاتهم بسعر مناسب.
2. أقامه دورات تدربية في الاعمال اليدوية والاعتماد على الصناعة المحلية.
3. لضمان استمرار ديمومة الإنتاج، تشجيع على العمل أكثر من خلال تسويق المنتجات وبيعها خارج السوق من قبل ادارة المشروع.
4. المشاركة في المعارض وزيارة الضيوف يزيد دعم النساء العاملات.
لو احد التجار بادر بهذا المشروع الخيري كما بادر ببناء جامع او حسينية، يضاعف الله في رزقة فأجر وثواب ومال وعمل، كلاهما في مشروع واحد، مسؤولية تقع على جميع الرقاب، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
اضافةتعليق
التعليقات