تعتبر الكاريزما وقوة الشخصية من أكثر الامور التي تثير الاعجاب وتلفت الانتباه في المجتمع الحالي، وحتى لو طغى حسن المظهر والجمال على ذلك فإن اول ما يبدأ الشخص بالتكلم وابداء الأفعال سنلاحظ بأن تأثير الشخصية يفوق مقدار الجمال والأناقة بعدد المرات.. فعلى سبيل المثال لو التقينا بشخص فائق الجمال والأناقة بلا شك سيلفت انتباهنا، لكن لو بدأ بالكلام ورأينا بأنه غير قادر على ترتيب جملة مفيدة، او التصرف بثقة وقوة شخصية سرعان ما ستتلاشى الصورة التي بيناها عنه من الاعجاب واثارة الانتباه.
اذن في كل الأحوال تعتبر قوة الشخصية من العوامل المهمة في جعل الانسان أكثر ثقة وتوازن في المجتمع، وربما في الماضي لم يكن فائق اهتمامنا بهذا الموضوع، وكانت تقتصر بناء شخصيات الانسان داخل حدود البيت والبيئة الخارجية، ولم نثير اهتماماً كبيراُ في ماهية شخصية أطفالنا والطريقة التي سينشأ بها، ولكن اليوم مع التطور الحاصل في جميع مجالات الحياة، نلاحظ انتشار المعاهد والدورات التدريبية بشكل كبير والتركيز على هذه النقطة.
واصبحت تعطى دروس عميقة في هذا الموضوع على مستويات عالمية، فمن يجد ضعفاً في شخصيته او مشاكل معينة يود تصحيحها يستطيع اللجوء الى هذه الدورات والاستفادة منها، والاسترشاد بأصحاب الاختصاص.
كما ان هذه الدورات لم تقتصر على ارض الواقع فقط، بل تعدت ذلك لتصل الى داخل بيوتنا، عن طريق الكتب التنموية التي تساهم في بناء شخصية الانسان وتطور من قدراته، إضافة الى الدورات الالكترونية في الانترنت والفيديوهات التحفيزية والتعليمية على اليوتيوب.
كما ان وعي الأهل، ومراعاة الأطفال وتربيتهم وفق خطة معينة ساهم في زيادة الثقة في شخصية الأطفال بصورة إيجابية، ولكن هل من الممكن ان تقلب الثقة بالنفس سلباً على صاحبها؟.
يقولون بين الثقة والغرور شعرة واحدة، وإذا تجاوزت الثقة حدود الشعرة تلك ستنقلب جميع الموازين ضد صاحبها، فبعدما كانت تخدمه في حياته اليومية، ستضره وتقلب حياته رأساً على عقب.
وفي أكثر الأحوال زراعة هذه البذرة تبدأ في فترة الطفولة، وإذا خرجت قوة الشخصية من السيطرة ستحطم الانسان وستهدم عمقه في الحياة، وسيلقى اضراراً كبيرة خصوصاُ في حياته العلمية.
ولكن مع بالغ الأسف نلاحظ في الآونة الأخيرة التعدي على شخصية المعلم اصبح من الامور الطبيعية جداً في المجتمع، والمشكلة الأكبر هو ان هذا التعدي يبدر من قبل طلابه الذي كلف هو بتعليمهم!.
ومع بالغ الأسف أصبح التعدي على المعلم من علامات الطالب الحديدي ذوي العضلات القوية والشخصية البارزة في المدرسة وحتى الجامعة!، وهذا بالطبع هو عين الحرام والخطأ، لأن الله سبحانه وتعالى رفع شأن المعلم وجعل له مكانة مهمة في الإسلام، وامرنا باحترامه والتزود من علومه.
وفي كل الأحوال لا يلد الانسان من بطن امه وهو يعرف كل شيء، بل يخلق حتى يتعلم من هذه الحياة ويستفاد من تجارب غيره، ولكن البعض ما ان يتعلم شيئاً يعتقد بأنه يملك مفاتيح العالم بأكمله، ويكتفي بما لديه من علم حتى لو كان قطرة من بحر، وهذا بلا شك هو عين الخطأ، لأن من الامور المهمة التي ترفع الانسان وتحلق به نحو العلا هو عدم الاستنكاف من التعلم، والاستفادة ممن دونه في المنصب، او سن، او شهرة، او في علم أخر، بل يستفيد من أي شخص يمكن الاستفادة منه، فقد قال سعيد بن جبير رحمة الله: "لا يزال الرجل عالماً ما تعلم، فاذا ترك التعلم وظن انه ثد استغنى، واكتفى بما عنده، فهو أجهل ما يكون" (الفقه والمتفقه/ج٢، ص١٦٠).
كما ان هنالك بعض الطلبة (طلاب الحياة) يقودهم الغرور الى اعتقاد خاطئ وهو ان من واجب المعلم تعليم طلابه، وهو في ذلك لن يترك فضلاُ على أحد، ومتجاهلين تماماُ بأن من واجب المتعلم ابداء الاحترام الى المعلم والتعامل معه بطيب خلق، والتركيز في عملية التعليم واخذ المعلومات بجدية.
ومن المهم جداً التأمل والتهذب بماهية السؤال قبل ان يطرح على المعلم، لأن ذلك في كل الأحوال يعكس اخلاق الفرد كإنسان أكثر مما هو كطالب..
وبلا شك ان اول بيئة ستساهم في زرع بذرة الاحترام في نفس الانسان هي بيئة البيت فعندما يربى الطفل على ابداء الحب والاحترام الى المعلم بلا شك ستنزرع في داحل هذا الطفل قيم ومفاهيم سليمة تعكس ايجاباُ على شخصية الطفل وعلى المجمع كله..
وتبقى هنالك نقاط مهمة على الطالب مراعاتها مع المعلم:
١-ابداء الاحترام والاعتزاز الى المعلم ناهيك عن الاختلاف العمري، لأن الانسان يقاس بعلومه وفهمه وليس بأرقام عمره.
٢-عدم التكبر والاستنكاف من التعلم، وبذل كل ما في الانسان في سبيل العلم..
٣-عدم الاستحياء من طرح السؤال، لأن ترك السؤال استحياء نقص ومن هنا قيل: من استحيى من المسألة لا يستحي الجهل منه.
٤-الانقياد للحق بالرجوع عند الهفوة، ولو ظهر على يد من هو أصغر منه.
٥-ان يتأمل ويهذب ما يريد ان يورده أو يسأل عنه قبل ابرازه والتفوه به ليأمن من صدور هفوة أو زلة.
ويبقى المعلم او المربي هو عصب العملية التربوية والعلمية في الحياة، والعامل الذي يحتل مكان الصدارة في نجاح التربية العلمية والدينية والاخلاقية وبلوغها الغاية الاساسية، وتحقيق دورها في التقدم الاجتماعي، ومن هنا علينا التركيز في جل الحقوق التي تترتب على المتعلم من الالتزام بها تجاه المربي والمعلم، لأن المعلم الناجح هو مرآة عاكسة لمجتمع متطور وناجح..
اضافةتعليق
التعليقات