قال الإمام الحسين عليه السلام: "من كان باذلاً فينا مهجته، وموطناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا فإنني راحل مصبحاً إن شاء الله تعالى".
إن الحديث عن أنصار الإمام الحسين عليه السلام هو حديث عن أفضل الأنصار رتبة، وأسماهم مقاماً، لا لأنهم قتلوا في سبيل الله تعالى، بل لأنهم قتلوا في مقطع زمني قلّ فيه الناصر، وتهافت فيه الناس على الدنيا، ولأنهم كانوا غرباء لا يخالطهم أحد، ولا يوافقهم على نهجهم من ذلك الجمع فرد يخاف الله تعالى.
ولقد امتاز أنصار الإمام الحسين عليه السلام دون غيرهم من الأنصار بأنهم كانوا يعلمون بشهادتهم، ومتيقنين من عدم بقائهم في الحياة، ومع ذلك ذهبوا مع إمامهم موطنين أنفسهم على لقاء الله تعالى، متدرعين بالقلوب فوق الدروع.
فعندما نتحدث عن أنصار الإمام الحسين عليه السلام فإنا نتحدث عن الشهامة والعلو والرفعة والسمو، والنفوس الطاهرة والأجساد المطهرة والقلوب الخاشعة والعيون الدامعة، الضمائر الحية والأفكار السليمة والإيمان القوي والجأش الرابط والثبات الدائم والعزيمة القوية والفروسية والصدق والإخلاص والوفاء والإيثار والسخاء، والبصر والبصيرة، والتواضع والشرف والزهد والعبادة.
إن أنصار الإمام الحسين عليه السلام قد وصفهم العدو قبل الصديق "بأنهم أهل البصائر وفرسان المصر".. فقد روي بأنّ عمرو بن الحجاج صاح بأصحابه قائلاً: أتدرون من تقاتلون؟ تقاتلون فرسان المصر، وأهل البصائر، وقوماً مستميتين، لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه على قلتهم، والله! لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم.
فهم الأبرار الأخيار الذين جاء وصفهم على لسان إمامهم الحسين عليه السلام إذ يقول: "فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولاأوصل من أهل بيتي".
فهو بهذا الوصف ينفي أن يكون مثل أصحابه أصحاب لا في الماضي أو الحاضر ولا حتى في المستقبل.
ومن الملفت للنظر بأن النسيج الذي تألف منه أصحاب الإمام الحسين عليه السلام كان متنوعاً، ففيهم من كان صاحباً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، او صاحباً لأمير المؤمنين ولإبنه الإمام الحسن عليه السلام.. كما انضم إليه بعض زعماء العشائر والوجهاء والأشراف.
ولقد سعى الإمام عليه السلام لوضع الخطط اللازمة لإختيار القيادات الميدانية والزعماء الحركيين والإصلاحيين من بين مختلف العشائر الذين يتوسم فيهم النصرة ممن لا يخشون في الله لومة لائم حسب الظروف التي كانت تحكم الساحة وقتها، ولقد أحسن الإمام عليه السلام حين تمكن من جمع النخبة المطلوبة التي إعتمد عليها والتي كانت تتميز بالثبات على المبدأ والصلابة في الحق، ونجح في الإعداد الممكن لمعركة مصيرية واجبة ومقدّسة وإن قل فيها الناصر.
اضافةتعليق
التعليقات