كنتُ امشي وسط جمع من المعزين الذين يخطون نحو سيد الشهداء ويتخلل طريقهم المواكب العديدة التي تتفنن في تقديم ما لذ وطاب بطريقة رائعة من الاخلاص وكأنهم ممتنين لك ان توقفت عندهم، وبينما كنت مع صديقي احمد نمشي تعثرت وكدتُ اسقط، فنظرت فاذا انا امام صبي مصاب بقصر القامة المفرط، يحمل بيديه مناديل ورقية لكي يقدمها للزائرين!.
فتطافرت دموعي من عيني لأنني تسببت له بأذى ولربما جرحت شعوره لانني لم الاحظ وجوده في طريقي، فتهادرت من لساني عبارات الاعتذار خجلاً إلا انه صعقني وضعه اذ ظل صامداً مبتسماً في وجهي، ما اهتز وبكل عزم قال لي: "فدوه لابو السجاد لاعليك انا اخدم من يجبر كسري ومصابه عندي اكبر.. هو لاينظر لصورتي بل لخدمتي".
عدتُ لنفسي ووجدتني كـ مجتمعي غافلاً عن من هم مثل هذا الصبي او اشدُ اعاقة لممارسة حياته الطبيعية فنحن لانرى هذه الفئة من المجتمع تظهر الا في مواكب العزاء وكأنهم يشعرون ان الحسين (ع) فقط من يتقبلهم ويسمح لهم ان يخرجوا من حالة الانطواء والانعزال عن المجتمع، انهم المظلومين حقاً!.
اذ لانرى اي احتواء لمواهبهم وطاقاتهم ولايوجد مكان للتعبير عن ارائهم واحتياجاتهم فكل اروقة الشارع ترفضهم ولا يوجد مكان مخصص لهم، من هو المعاق؟! او ذوي الاحتياجات الخاصة؟!
هو الشخص المصاب بعجز كلي أو جزئي خلقي أو غير خلقي وبشكل مستقر في أي من حواسه أو قدراته الجسدية أو النفسية أو العقلية إلى المدى الذي يحد من إمكانية تلبية متطلبات حياته العادية في ظروف أمثاله من غير المعاقين.
ويذكر أن هناك اتجاهات تربوية حديثة لاستخدام مسمى ذوي الاحتياجات الخاصة بدلاً من مصطلح (معوقين)، لأن المصطلح الثاني يعبر عن الوصم بالإعاقة، ومالها من آثار نفسية سلبية على الفرد.
بما اننا في شهر محرم فبإسم الحسين مصلح البشرية لنجبر كسور مجتمعنا واحدا بعد الآخر لنطلق مبادرة #المعاقين جزء لايتجزء من المجتمع.
*وتحت هذا الشعار لنؤسس مهرجانات للرجال والنساء من ذوي الاحتياجات الخاصة ليظهروا مواهبهم وقدراتهم للعامة، وتقام دعوات لكبار المسؤولين والقيادات ليطلعوا عليها وتكون بينهم وبين الناس حلقة تواصل.
*لترفق المكاتب والمتنزهات والمطاعم بأماكن خاصة تتلاءم مع اعاقتهم كأن كانوا قصار او لايبصرون او ذوو اعاقة عقلية، لنخفف عنهم شعور النقص الذي يغتال ارواحهم بين الحين والآخر.
*فتح مدارس ومكاتب خاصة تتلاءم مع احتياجاتهم ليكملوا تعليمهم ويملؤون وقت فراغهم بالاطلاع والعلم والمعرفة.
*توعية المجتمع وتثقيفه بماهية الاصابة التي يعانون منها وانهم جزء منا فلا يحق لنا عزلهم، او جعلهم يشعرون انهم شيء غريب بيننا من خلال نظراتنا وتصرفاتنا معهم بل يجب التعامل معهم كأنهم حالة طبيعية وافهام ذلك حتى لأبنائنا ليسهل عليهم الاختلاط معنا.
*تثقيف العوائل التي تحتوي على احد الحالات منهم، بكيفية التعامل الصحيح معهم وتوفير الامكانيات المطلوبة للعوائل ورفدهم بها ليكون عملا متكاملا داخل الاسرة وخارجها، فهم مسؤوليتنا وهذا شهر محرم فرصة لاصلاح علاقاتنا معهم.
اضافةتعليق
التعليقات