• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

قلوب جائعة

مروة حسن الجبوري / الثلاثاء 05 ايلول 2017 / حقوق / 2909
شارك الموضوع :

خلف تلك الابواب المغلقة حكايات تخفيها الجدران، وتحكم عليها النوافذ بالصمت، خوفا من كشف المستور، فلا احد يعرف ما يحصل عندما تغلق تلك الباب،

خلف تلك الابواب المغلقة حكايات تخفيها الجدران، وتحكم عليها النوافذ بالصمت، خوفا من كشف المستور، فلا احد يعرف ما يحصل عندما تغلق تلك الباب، في هذا اليوم فتحت لي احدى الابواب سيدة ثلاثينة العمر لتقص علي مايجري وراء الكواليس، على حد تعبيرها تقول: امام الملأ أمثّل دور السعيدة والملكة، وعندما اعود الى الدار واغلق الباب اعيش حالة من التعاسة والحزن، لست من النوع الذي ينافق لكن اعلم جيدا عن المجتمع وماذا سيقال عني، لذا اتصنع السعادة ولا اظهر ما اعيشه. حكاية لا اعرف من اين ابدأ ومتى انتهي، فلعل قصتي تكون سيناريو مناسب لهذا العصر، منذ صغري وانا أشعر بأنني اختلف عن بقية الفتيات، والدي كان سيئا جدا حتى انني تمنيت موته عدة مرات، ودعوت الله ان ينهي عمره في احد الاعياد، أغلب الاولاد يعيشون حياة سعيدة بوجود الاب والام، الا انا، ابي لا يعرف الليل من النهار، فكل ما يعرفه هو الضرب والشتم، يشرب الخمر ويطلب مني ان اعمل حتى اجلب له المال، امي كانت تتذمر من ابي كثيرا، تركتني وذهبت الى بيت خالي، وبعد فترة طلبت من ابي الطلاق، ابي يفعل كل شيء من اجل المال وعندما دفع خالي مبلغا من المال مقابل الطلاق وافق ابي فورا واشترى بالاموال منكرا..

لا يعلم بحالي ان كنت جائعة او مريضة، خلعت ثوب طفولتي، ودخلت في عالم لا يشبهني، تركت الألعاب والحلوى، وكذلك الفرح، وبدأت في طهو الطعام لي عندما كنت جائعة جدا حيث بدأت بالارتجاف من شدة الجوع، في الدار لاشيء غير الطماطم، قطعتها كما قطعت الايام طفولتي، ورميت بها الى النار كما رمتني امي، الخبز كان لايؤكل، اوجع ضرسي كثيرا، لكنني تحملت من اجل ان لا اموت من الجوع، كنت أشعر بحزن شديد، وانا انظر الى بنات الجيران وهم في احضان عوائلهم، وكنت أحبس دموعي وحسرتي خوفا من يد أبي، واحلام قد ماتت في صدري..

 جاء ابي ذات يوم ومعه رجل كبير في العمر محدب الظهر معصوب الرأس، وطلب مني ان اذهب معه الى داره لانه طلب من ابي ان يتزوجني مقابل ان لايدخله السجن، وكعادته وافق ابي، لم استطع ان اقول لا، او انني لست موافقة، ارغب ان اخرج من هذه الدار ومن جلباب ابي وان كان الثمن الزواج من هذا الرجل، قبلت وجرى العقد وذهبت في ليلتها الى دار الرجل، ذلك اليوم الذي بقي خالدا في ذاكرتي، ويغتالني شعور لا يوصف عندما وقفت امام تلك البوابة الخشبية المزخرفة، والجمال المعماري العظيم، شعرت في وقتها انني في حلم، سحبت خصلة من شعري حتى افيق من نومتي، لكنني لم اكن احلم ابدا.

دخلت في عالم بعيد عن ابي، عن ضربه، كل سيئاته، الرجل الكبير عاملني معاملة حسنة، لكنه لم يعاملني معاملة الزوجة، كان يردد كثيرا، اباك البائع وانا المشتري، كانت هذه العبارات تغتال حياتي، بل تذبحني، جهز لي حجرة صغيرة بجانب المطبخ، وطلب مني ان اخدم زوجته الكبيرة في العمر، لاول مرة اتذوق الطعام الجيد وارتدي الملابس الجميلة، ولم اتذوق طعم السعادة، امام الناس يعاملني كزوجته وخلف الباب كنت جارية مدفوعة الثمن، يدفع لي مقابل خدمتي لزوجته مبلغا من المال، وعند اول الشهر تأتي امي التي لم تعرفني من قبل وتجلس لتأخذ مني المال، وابي يأخذ ما تبقى.. انهدم قصر احلامي، كانت مشكلتي الكبرى هي أن من حولي لا يعرفون عن عائلتي الا الخير، وانهم اغنياء، وكنت أشعر بالألم الشديد عندما يتحدث الرجل الكبير عن عائلتي امام الناس وانهم من أشهر العوائل وافضلهم، بينما أذوب أنا خجلاً عندما ينظر لي وهو يحدثهم، فأشغل نفسي عن نظراته، هكذا انا في الخارج ملكة وصاحبة الجاه، وفي الداخل الجارية الفقيرة..

لا املك خيارا اخر، اما ان اعود الى جلباب ابي وقساوته، او ان اتحمل اعباء هذا البيت، للعيش ما بقي من عمري في مكان امن لا يصله الحرام، فرغم اني جارية هنا لكنهم جعلوني ارتدي الملابس الجيدة واتذوق الطعام الجيد وانام على السرير فهذا ماكنت اتمناه في بيت ابي ان اعيش حياة كريمة من دون تجارة او خسارة.

لكن هذه هي الحياة تجري بنا نحو الهاوية، بعد سنوات مات الرجل الكبير أثر نوبة قلبية، وعوضني الله عن صبري وفناء شبابي في خدمته، ونلت من الوراث نصف ثروته، وبقيت في الدار بعدما رحلت السيدة زوجته بعد موت زوجها بعدة ايام، تغيرت ملامح الايام وبدأت تظهر لي شمس الحرية من جديد، وامتلكت امري بيدي، حاول ابي مرارا ان يصل لي ويسرقني، ومرة عرض بيع الدار من دون معرفتي ولولا وجود اهل الخير لرجعت لتلك الحياة البائسة، لكن مشيئة الله ارادت ان ابتعد عن سكة الحرام، واعيش في ثوب الطهارة والعبادة..

هذه هي حكايتي، ثلاثون عاما انقضت بهذه الدار وخلف هذه النافذة، لو نطقت الجدران لقالت لكم عن خبايا اهلها فليست كل القصور يسكنها الامراء، فقد يسكنها الفقراء اصحاب القلوب الجائعة، جائعة الحب والحنان، تفتقد من يطعمها رغيفا من الامومة..

اتركوا المظاهر، رغم اسوداد الفحم الا انه يحمّر على حرارة النار، كذلك البشر، كلما تعرض للحرارة الايام تغير لونه، المشكلة فينا وليست في الزمان، وكما قال الامام علي (عليه السلام):

نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا

ونهجو ذا الزمان بغير ذنب.. ولو نطق الزمان لنا هجانا

وليس الذئب يأكل لحم ذئب.. ويأكل بعضنا بعضا عيانا..

الفقر
قصة
الانسانية
الامام علي
الظلم
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    في رحاب محرم: طلب الإصلاح على خطى سبط الرسول

    كيف أجعل حب الامام الحسين مشروعًا دائمًا؟

    الميثاق الذي لم يُكتب: عبد الله الرضيع وولادة قانون الطفولة

    النوم مع نافذة مفتوحة - مخاطر صحية لا يعلمها كثيرون!

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا

    القيم والمآثر الأخلاقية في حياة الإمام الحسين

    آخر القراءات

    أبواب متفرقة

    النشر : الأثنين 28 كانون الأول 2020
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    لماذا بعث الله رسولهُ للعرب؟

    النشر : الثلاثاء 03 تشرين الاول 2023
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    في ذمتي ذكراك..

    النشر : الخميس 16 حزيران 2022
    اخر قراءة : منذ 18 ثانية

    أحبِب لأخيك ما تحب لنفسك

    النشر : الأثنين 04 حزيران 2018
    اخر قراءة : منذ 20 ثانية

    أيهما أفضل محبوباً أم مهاباً؟

    النشر : الأحد 18 ايلول 2022
    اخر قراءة : منذ 23 ثانية

    ممارسة ثقافة الامتنان

    النشر : الخميس 27 حزيران 2019
    اخر قراءة : منذ 28 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1254 مشاهدات

    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي

    • 474 مشاهدات

    بعد تراجع وفيات النوبات القلبية.. ما الذي يُهدد حياتنا الآن؟

    • 463 مشاهدات

    تحدّي عاشوراء: أربعون يوماً لتكون حسينيّاً في زمن الضياع

    • 448 مشاهدات

    محرّم في زمن التحول

    • 438 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات

    • 376 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1348 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1254 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1180 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1113 مشاهدات

    قراءة في كتاب: إدارة الموارد البشرية

    • 795 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 652 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    في رحاب محرم: طلب الإصلاح على خطى سبط الرسول
    • منذ 4 ساعة
    كيف أجعل حب الامام الحسين مشروعًا دائمًا؟
    • منذ 4 ساعة
    الميثاق الذي لم يُكتب: عبد الله الرضيع وولادة قانون الطفولة
    • منذ 4 ساعة
    النوم مع نافذة مفتوحة - مخاطر صحية لا يعلمها كثيرون!
    • منذ 4 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة