في العادة عندما تكون هناك حادثة معينة كأقرب حادثة ما حصلت وهي الحريق في شارع الإمام علي (عليه السلام) فبعد اطفاء الحريق كان هم الناس والكوادر الأمنية أمرين: الأول إنقاذ الضحايا وإسعافهم، والأمر الآخر البحث عن الأسباب فقط لا غير، وكذلك المعارك فيها هازم ومهزوم ثم تندثر إلى الأبد أما كربلاء فلا يمر موقف منها إلا فيه درسا يمكن الاستفادة منه في الحياة اليومية.
ففي الطف أركان مهمة وكل الشخصيات مهمة لكن هناك تفرد خاص بثلاثية الإمام الحسين وأبي الفضل والسيدة زينب (عليهم السلام) لما قدموا من مُثل عليا في البذل لأجل الدين لذلك رفع الله شأنهم فرافق ذكرهم ذكر المعصوم، هذا التوفيق أيمكن أن نكون جزءا منه أو أن نأخذ قبسا منه أم هو خاص بالإمام ومن مع الإمام في الرتبة، لو كانت الاجابة أنه خاص بهم اذن لم تحقق كربلاء غايتها فنقول: هم معصومون ولديهم طاقة غيبية وهذه الطاقة ليست لدينا ورُفع القلم، أما إذا كانت نعم، فهنا محط رحال البحوث التي لا زالت تتعمق بواقعة كربلاء فصبر السيدة زينب (عليها السلام) ومواقفها هي رسالة نحتاج أن نتأمل بها خصوصا في ظرفنا الحالي.
السيدة زينب (عليها السلام) وقفت أمام عدة أدوار وأجادتها بامتياز بالرغم من أنها ربيبة بيت الرسالة ولم يرَ لها ظل، خرجتْ مع أخيها وواجهتْ معركة عسكرية وقعوا إخوتها ضحايا ثم انقادتْ إلى السبي لكنها لم تنس المسؤولية أو المهمة التي جاء بها أخيها، فقادت عدة ادوار وهذه الأدوار التي قادتها هي من دافع تحملها للمسؤوليات المناطة لها وهنا بدأت نقطة التحول فصارت السيدة زينب هي الواجهة.
من هذه المسؤوليات:
١_ مسؤوليتها تجاه نفسها: فهي حصنت نفسها بحجابها ولم تتخل عنه ولم تترك المستحب من صلاتها، وفي ذلك رسالة عن عدم ترك العلاقة مع الباري في شتى الظروف.
٢_ المسؤولية الاجتماعية: تمثلت في حفظ العيال وإدارتها للنساء وتصدرها موقف الحماية وهذا المشهد رأيناه في كثير من أمهات الشهداء أو نسائهم الذين تأسوا بها فيه وتعلموا اجادة الدور حيث لا بد من اجادته.
٣_ المسؤولية الدينية: فهي المحط الذي نحتاج الوقوف عليه كثيرا، فقلب امرأة لم تر حربا قط، مخدرة في بيت أبيها أن تكون أمام معركة ترى أهلها وإخوتها وأبناءها وكل رجالها أمامها صرعى، ومع كل ذلك تصبر وتحتسب قربة إلى الله تعالى، ثم تكون أمام مسؤولية دينية عظيمة تحمل على كتفيها ثقل رسالة جدها وأبيها بل وتقف أمام ظالم جائر وتنكل به دون خوف أخذت من بلاغة جدها وأبيها وأمها الزهراء (عليها السلام) فتقف قائلة: "فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ الْأَتْقِيَاءِ وَأَسْبَاطِ الْأَنْبِيَاءِ وَسَلِيلِ الْأَوْصِيَاءِ بِأَيْدِي الطُّلَقَاءِ الْخَبِيثَةِ وَنَسْلِ الْعَهَرَةِ الْفَجَرَةِ" فتفضح القاتل ونسبه وحقيقته أمام جمع من أنصاره ومريديه وهذا ما نحتاجه من أن تكون لدينا مسؤولية دينية مع تواتر الهجمات الفكرية ومحاربة الفطرة الإنسانية وصناعة إنسان لا يحمل من الانسانية شيء فهم أضل سبيلا.
هذه المسؤولية إن لم نتحملها اليوم ونقف ضدها نكون مستقبلا أمام جيل من متبعي رغباتهم بفوضوية مفرطة ويتفاخرون بها وينشرونها بكل وقاحة بسبب الضعف في الرد أو المواجهة.
ومن أشكال المواجهة:
أ_ أن نبدأ ببيوتنا وأبنائنا ثم نشارك الأفكار السليمة في مواقع التواصل والمجالس العائلية والحسينية وكشف مخطط محاربة الإنسان بضياعه وعلى عاتق كل مربي وكل فرد أن يتحرك من مكانه ويبدأ بتوضيح هذا الغزو الذي لا يستهدف الدين فقط بل يحارب فطرة الإسلام فمن المؤسف أن نصل إلى يوم ندافع عن الفطرة السليمة.
ب_المسألة الأخرى هي إعادة تذكير الناس بالقصص القرآنية وشرح تفاصيل تلك القصص منها قصة قوم لوط وكيف نزل بهم البلاء ولولا وجود مولانا صاحب الزمان لساخت الأرض بأهلها اليوم.
ج_ تقوية العقيدة داخلنا أولا وداخل المحيطين بنا فإن تشبعنا بها ستكون واقيا بيننا وبين هذه الفتن.
د_ وختاما (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) لا نضل بعدهما أبدا فعلينا بآل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فنتدبر بأحاديثهم ونقف عندها كما نتمسك بباب الحسين هذه الباب التي لا تغلق، هذه الباب التي نجد فيها العناية الخاصة، والكرامات المترادفة.
اضافةتعليق
التعليقات