اجتمعوا على باب الدار اولئك الظالمين الملعونين، هجموا عليها فلاذت بين الباب والحائط، عصروها فانكسر ضلعها وغرز فيه المسمار، سال دمعها ودمها، ضُربت حتى أسقِط جنينها مما زاد آلامها واشجانها، شتموها، روّعوها واولادها، تألمت بكل جوارحها انهارت قواها وهي تسقط خلف الباب الخشبي.
أبوا ان يتركوا جريمتهم النكراء دون ان تكتمل، اضرموا النار على ذاك الباب لتلك الدار المقدسة ليحرقوها ومن فيها، دار فضلها النبي الاكرم (ص) في حديث له عندما نزلت الآية من قوله تعالى {فُيِ بيِوتٍ أذٍن آلّلّهً آن تٍرفُع ويِذٍگٍر فُيِهًآ آسمٌهً} (١) سألوه (ص) عن دار فاطمة وعلي (ع) فقال "هي افضلها"، دار تضم اصحاب الكساء مهبط الوحي ومنبع النور الالهي، وما ان رحل رسول الله (ص) انتهكوا حرمتها واعتدوا على اهلها واعترفوا بفعلتهم!.
ويا لها من مصيبة حلت بتلك الصديقة الطاهرة انها والله سيدة نساء العالمين الزكية العالمة غير المعَلمة بنت سيد الوصيين وخاتم الانبياء والمرسلين محمد الصادق الامين (صلى الله عليه وعلى آل بيته أجمعين).
مولاتنا فاطمة الزهراء (عليها افضل الصلاة والسلام) ومن ذا الذي يستطيع ان يصف البتول لما لها من مزايا عظيمة وصفات حميدة جليلة مبجلة، انها والله اسوة حسنة ليس لها مثيل من النساء في العالمين، مولاتنا فاطمة(ع) قاست وتألمت وصبرت، تجرعت الويل والآهات، تحملت ولم تبح بأذاها لزوجها أمير المؤمنين عليه السلام كي لا يتألم لأجلها ويغضب على اللئام الجحافل لعنهم الله اجمعين فيؤذوهم اكثر مما فعلوا، فقد اخذوا حق الامام علي (ع) بالخلافة وسلبوها حقها بارثها "ارض فدك" من ابيها رسول الله، وانتهكوا حرمة دارها وقتلوا جنينها الذي سميّ ب (المحسن) عليه السلام، واغضبوا الله تعالى ورسوله حين اغضبوها فقد قال النبي (ص): "يا فاطمة ان الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك" (٢).
على مسامع من قد طرقت بوصاياك يا رسول الله الا انهم قوم جاحدون.. لا شك بأن مولاتنا كانت تخاف على آل بيتها خوفا شديدا، فالقضية ليست كما عُرفت، سباق على الخلافة وطمع بأرض غنية كأرض فدك، بل القضية اعظم من ذلك فالمراد من مظلومية آل البيت (سلام الله عليهم اجمعين) هو القضاء على نهج الاسلام وسلسلة آل البيت ممن سيرثون العلم والحكم الذي لا يصب في مصلحة الدولة أنذاك، ولا يتيح التمتع للفاسقين بملذاتهم وما يتوقون اليه من الفجور والفعل الحرام الذي ينهى عنه الدين الحنيف ويستعبدون الناس ويسلبونهم ابسط ما يمتلكون بغير حق.
القوي يأكل الضعيف والاقوى هو الابقى.. لا مجال لوجود أمير كعلي (ع)، إمام معصوم فارس همام شجاع مطاع سيد البلغاء.. أيكون عليهم خليفة بعد الرسول (ص) يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويعبد الله حق عبادته ويطبق شرائع دينه.. لا والله انهم لهالكون كيف لهم ان يسمحوا بذلك!.
سارعوا لانقاذ انفسهم وعيشهم في حياة مترفة فاحشة يطغون فيها ويتلذذون بما طاب، يا ويلهم ان تركوا عليا وآل بيته عليهم السلام يرثون رسول الله ملكا وخلافة، لن يقبلوا بذلك ابدا.. {وما مٌحًمٌد آلّآ رسولّ قد خلّتٍ مٌن قبلّهً آلّرسلّ افُآن مٌآتٍ آو قتٍلّ آنقلّبتٍمٌ علّى آعقآبگٍمٌ ومٌن يِنقلّب علّى عقبيِهً فُلّن يِضر آلّلّهً شيِئآ} (٣)، وما زال اتباعهم الى الآن يحاربون سيرة آل البيت ومن يتبعهم ويشوهون سمعة الاسلام، الا لعنة الله عليهم اجمعين من اول ظالم الى آخر تابع..
فضلوا دنياهم على آخرتهم واشتروا الضلالة بالهدى، يا ويلهم من عذاب الله يوم يقوم الحساب {وسيِعلّمٌ آلّذٍيِن ظَلّمٌوآ آيِ مٌنقلّب سيِنقلّبون}.(٤).
اضافةتعليق
التعليقات