يأتي التساؤل كيف لهذه الأمة أن يرعاها شخص يدعى الإمام، وكيف لهذا الإمام أن يرعى أمةً بأكملها، بل العالم بأسره، لا بل الكون ومن فيه وما فيه، وعلى وجوده متوقف، وجود ما في السماوات والأرضين، لذا حريٌ لهذا الإمام؛ أن يمتلك صفات لا يمتلكها أحدٌ من العالمين، سوى الأنبياء والمرسلين وأوصيائهم، ولكي يكون أهلٌ لأن يملئ الأرض قسطا وعدلا، بعدما ملئت ظلما وجورا، فيكون مسددا من الخالق والمخلوقين، من الملائكة والجن والأنس أجمعين.
وعندما كان الإمام المهدي (عجل الله فرجه) هو مخلص البشرية، فهو الأجدر بكل ماقد سبق، فهو يحمل شباهة الأنبياء والأئمة من آبائه وأجداده.
شباهته بالأنبياء :
١. شباهته بآدم (عليه السلام):
فالمهدي(عجل الله فرجه) هو وارث الأرض ومافيها ومن عليها، كأبو البشر آدم الذي حاجَّ الله به الملائكه: "إني جاعل في الأرض خليفة"، ففي الحديث عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عزوجل: "وَعَدَ الله الّذين آمَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ ليَستَخْلفنَّهُم في الأرْضِ) الآية النور :٥٥، أنه القائم وأصحابه ...".
وإن آدم قد بكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الأودية، والإمام ورثه البكاء في جده الحسين صباحا ومساءا: "فلأندبنك صباحا ومساءا ولأبكين عليك بدل الدموع دما".
٢. شباهته بنوح (عليه السلام):
عن الإمام السجاد (عليه السلام): "أن في القائم سنّة من آدم، ومن نوح وهي طول العمر ...الخ" فطول عمره (عجل الله فرجه) كنبي الله نوح وآدم (عليهما السلام).
وإن الحجة (عج) سوف يطهر الأرض من الفساد بحسامه، كما فعل نبي الله نوح بلسانه: "ربّ لاتَذر عَلَى الأرْضِ مِنَ الكافرِينَ ديّارا".
وإن نوح قد صبر على قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، كما ذكر القرآن الكريم، وأما صبره(عج) فقد فاق العدد وإمتد منذ إمامته وإلى الآن، ولا ندري إلى متى الفراق.
٣. شباهته بإبراهيم الخليل (عليه السلام)
فإن إبراهيم (عليه السلام) بنى البيت، ووضع الحجر الأسود مكانه، حيث قال الله عزوجل: "وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت..." وكذا الإمام المهدي (عج)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا قائم القائم، هدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، وحول المقام إلى الموضع الذي كان فيه ".
وإن النار كانت بردا وسلاما على إبراهيم (ع)، فكذلك الحجة (عج)، فعن الإمام الصادق (ع) أنه قال: "يأتي إلى القائم (ع) حين يظهر رجل من إصفهان ويطلب منه معجزة إبراهيم خليل الرحمان، فيأمر (ع) أن توقد نار عظيمة، ثم يدخل في النار، ثم يخرج منها سالماً .... الخ".
٤.شباهته بموسى (عليه السلام):
ولأن الله إرادته أقوى من كل قوات فرعون؛ فقد أخفى حمل وولادة موسى (عليه السلام)، وكذا الحجة بن الحسن (عج) فقد حفظه الله من فراعنة عصره.
وإن لموسى غيبتين، إحداهما أطول من الأخرى: فالأولى غيبته عن مصر لمدة ٢٨سنة، والثانيه حين ذهب إلى ميقات ربه، فبإسنادٍ عن عبد الله سنان عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعته يقول: في القائم سنه من موسى بن عمران عليه السلام فقلت : وماسنة موسى بن عمران؟ فقال : خفاء مولده ، وغيبته عن قومه ، فقلت : وكم غاب موسى بن عمران عليه السلام عن قومه وأهله؟ فقال : ثمانية وعشرين سنة، ومدة الثانية أربعين ليله، قال الله: "فَتَمّ ميقاتُ رَبّهِ أربَعينَ لَيلةً".
وإن موسى عليه السلام غاب عن قومه وعن غيرهم خوفاً من أعدائه، فقال الله عزوجل: "فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّب".
وكذا الإمام المهدي (عج) غاب عن الناس، خوفاً من أعدائه.
٥.شباهته بعيسى (عليه السلام):
فإن عيسى (ع) ابن سيدة النساء في زمانها، وقد آتاه الله الحكم صبيا، وكذا القائم (عج) ابن سيدة النساء في زمانها، وآتاه الله الحكم صبيا، حيث كان عمره الشريف خمس أو ست سنين.
وإن عيسى قد أعطاه الله علم الغيب بدليل القرآن:"أُنبِئُكُم بما تْأكُلُون وماتَدَّخِرونَ فِي بُيُوتِكُم"،وكذا القائم(عج)فهو مطلع على جميع أحوالنا وأفعالنا حيث يذكر في بعض الأحاديث ،أن أعمالنا تُعرض عليه كل يوم إثنين وخميس،
٦.شباهته بجده المصطفى (صلى الله عليه وآله):
حيث قال رسول الرحمة (ص): "المهدي من ولدي وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقاً وخلقاً".
وأما شباهته بالأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم)، فهو شبيه جده المرتضى علي بعلمه، وزهده، وشجاعته، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، وكذا الحجة (عج)عندما يظهر يقتل أهل الكفر والفسق والنفاق.
وشبيه الحسن (عليه السلام) بحلمه، وسكوته وسكونه، وعدم طيش النفس في المؤاخذة، وإنه شبيه الحسين (عليه السلام) عندما أبكى الأنبياء السابقين على مصابه، فالأئمة (عليهم السلام) أيضا بكوا الامام المهدي(عجل الله فرجه) وطلبوا ظهوره قبل وقوع غيبته، وبعلي بن الحسين(عليه السلام) بالعبادة، وبالباقر(عليه السلام) حيث لهما نفس شمائل رسول الله (ص)، وبالصادق (عليه السلام) حيث كشف العلوم وبيين الأحكام للأنام، بنحو لم يتيسر لأحدٍ لمن قبله من الأئمة (عليهم السلام )، وإن المنتظر(عجل الله فرجه) قد ابتلي بالتقية وشدة الخوف كموسى بن جعفر (عليه السلام)، وإن الرئاسة الظاهرة سوف تتحقق للحجة (عجل الله فرجه) كما تحققت لجده الرضا(عليه السلام)، وبالجواد (عليه السلام) بصغر سنهما عند إستلام الإمامة، وله هيبةٌ كالعسكريين(عليهما السلام) حيث كان لهماهيبة ترعب قلوب الأعداء، فيحترمونهما ويكرمونهما وكذلك الإمام المهدي(عجل الله فرجه) له هيبة يخشاها أعدائه حتى في غيابه.
وبالنتيجة فالذي يحمل أوصاف الأنبياء والأوصياء، فهو رباني الطينة، مسدد من الخالق، رؤوفٌ بالمؤمنين، غليظٌ على الكافرين، في حضوره تخضر الأرض وبغيابه تَذبُل، فهو الذي يرعى الخلائق ولا من أحدٍ يرعاه، وهو الذي قال فيه الإمام الكاظم عليه السلام:" بأبي المنبد البطن... بأبي من ليله يرعى النجوم ساجداً وراكعاً، بأبي من لا يأخذه في الله لومة لائم، بأبي القائم بأمر الله".
اضافةتعليق
التعليقات
البحرين2024-01-17