كما نعلم أن للقرآن الكريم أهمية كبيرة في الحياة، فقد وضع الله) عز وجل (فيه كل قوانينها التي ما إن سرنا عليها استقمنا وانجلت عنا غبرة الجهل؛ وإن لحفظه أهمية كبيرة ولحافظه أجراً عظيماً حيث قال النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم):
(الحافظ للقرآن العامل به مع السَّفَرَة الكرام البَرَرَة،¹( ونلاحظ الكثير من الدور والمعاهد والدورات التي اختصت بتحفيظ القرآن الكريم بطرق مختلفة وللاطلاع أكثر كان لنا حوار مع الأستاذة سلام علي قميحة من دولة لبنان .
حكم معتمد في جمعية القرآن الكريم ومسؤولة القسم النسوي في معهد طريق الجنة التابع لمعهد السيّدة الزّهراء عليها السلام العتبة الحسينية المقدسة.
بشرى حياة: كيف يمكن جذب المجتمع لحفظ القرآن الكريم؟ وهل هناك فرق في مدى الاستجابة بين الصغار والكبار والذكور والاناث؟
سلام قميحة: للقرآن الكريم جاذبية خاصة ونحن ما علينا إلا أن نبدأ بخطوة واحدة من خطوات الألف ميل لنرى الفيوضات الإلهية التي تيسر لنا هذا العمل مع استتباع هذا الأمر بالسعي والجد للوصول إلى ما نريد فمن الممكن أن نبدأ بالدورات التدريبية كدورات الحفظ والتجويد، إلا أن الثقافة القرآنية والوعي القرآني يمكن له أن يجذب الآخرين إلى هذا الكتاب العظيم ولا فرق في الاستجابة بين الكبار والصغار أو الذكور والإناث فالقرآن لكل الناس فهو خاطبهم بقول "يَا أَيُّهَا النَّاس"، ولكن علينا أن نقدّم صورة حسنة عن القرآن ملؤها الحياة والفرح والسعادة فهذا ما يبحث عنه الناس، وهذا يكون على عاتق المعنيين في المؤسسات القرآنية من خلال تطوير مهاراتهم ليس فقط على صعيد اكتساب المعارف وإنما تطوير وتنمية المهارات الاجتماعية والفنية والعاطفية لجذب الناس نحو القرآن وبعد استقطابهم قولٌ موسّع في كيفية الحفاظ عليهم، وعلى القيّمين تقسيم المراحل العمرية أولا وبعدها يجب دراسة مستوى الذكاء والقدرة عند كل حافظ فالفروقات الفردية موجودة. وعلى أساسها يتم التقسيم حسب البرنامج المناسب.
بشرى حياة: ماهي طرق التعامل مع الحفاظ الصغار؟ وهل هناك معوقات تواجه صغار السن في الحفظ؟
سلام قميحة: كما نعلم أن هناك فروقات شاسعة تطال المستوى الإدراكي عند الأطفال ومن خلال تجربتي فإنَّ أكثر الطرق الفعالة هي الطرق المليئة بالحياة والفرح (الأسلوب الحركي( أساسي في عملية التعليم مع الأطفال الصغار إضافة إلى الأساليب الأخرى (السمعية.. البصرية.. الحسية( ويمكن الاستفادة من مناهج (مونتسوري) في عملية تعليم القرآن الكريم ، نعم قد يواجه الطفل صعوبات) ذكاء.. قدرة.. أو لا ينسجم مع اسلوب التدريس وغالبا المشاكل يكون منشؤها عدم توفير جو قرآني له في منزله ومحيطه وهذا أكبر عائق نواجهه رغم كل المحاولات وتوفير كل ما يحتاجه الحافظ فبرنامج حفظ القرآن يتطلب تعاونا من البيئة كلها فلا يقتصر الدور على المعلم فقط أو على الأهل مثلا ) فالأهل هم الأساس أولا وبعدها المعلم والأصدقاء والمحيط).
بشرى حياة: هل هناك طرق صحيحة لحفظ القرآن الكريم وطرق خاطئة للحفظ؟ وكيف يستطيع الحافظ من خزن المحفوظ وعدم نسيانه؟
سلام قميحة: لحفظ القرآن الكريم طرق متعددة، أهمها طريقة الحفظ المتتالي التي تعتمد على التكرار، حيث يقوم المعلم بتلاوة الآيات وتكرارها وفق منهج مُعيَّن بطريقة جماعية مع الطلاب الكرام، يليها برنامج تثبيت الصفحة بعد فاصل زمني مقداره نصف نهار بعد عملية الحفظ، إضافة إلى مراجعة تلك الصفحة أو الدرس مدة لا تقل عن عشرة أيام والالتزام فالالتزام ببرنامج يومي ومراعاة الطريقة في الحفظ والمراجعة من خلال صناعة البيئة المناسبة واختيار الوقت والمكان المناسبين ويجب أن تكون المراجعة غيبا مع وجود مُعِين في عملية التسميع ومحاولة التذكر حال الوقف.
أما النظر إلى المصحف مباشرة فهذا يضعف الذاكرة وهذا من الأخطاء الشائعة في عملية المراجعة أو الحفظ و طبعا أولا و آخرا التكرار هو الأساس للحِفاظ على المراجعة وعدم نسيانها.
بشرى حياة: كيف يمكن للحافظ التوفيق بين تثبيت الحفظ والحفظ الجديد في آنٍ واحد؟
سلام قميحة: التوفيق بين الحفظ الجديد وتثبيت الحفظ السابق يكون من خلال وضع برنامج مناسب حسب قدرة الحافظ مع مراعاة الوقت الذي يستطيع تقديمه بشكل يومي و هذا يحتاج إلى مساعدة من الأهل في تنظيم هذا البرنامج و برنامج التثبيت يشمل الدروس الجديدة التي تم حفظها) آخر ١٠ دروس( يتم تسميعها عشرة أيام متتالية، أما المراجعة فهي تختص بالمحفوظات القديمة، يتم تقسيمها على مدار الأسبوع بطريقة منظمة ومتوازية.
بشرى حياة: يعاني البعض من صعوبة في قراءة القرآن الكريم بالحركات الصحيحة، فهل هذا يؤثر على جودة الحفظ ومدى ثباته في الذاكرة؟ وكيف يمكن معالجة هذا الأمر؟
سلام قميحة: لا ينبغي للطالب أن يحفظ بطريقة عشوائية ، فعليه أن يتمكن من تلاوة الصفحة بشكل جيد قبل الشروع بحفظها، لأن حفظ المفردة القرآنية أو الحركة بشكل خاطئ يثبت في الذهن ويصبح من الصعب نسيانه وتصحيحه، لذلك من الأفضل أن تتم تلاوة الصفحة عدة مرات قبل الحفظ، وعلى معلم القرآن أن يتأكد من سلامة التلاوة عند الطلاب.
أما بالنسبة لعملية تخزين المحفوظات وعدم نسيانها فهذا يعتمد على عملية المراجعة والتثبيت الدورية والمنتظمة.
والاستماع مفيد كثيرَا للحفظ الجيد بالحركات الصحيحة والتثبيت أيضاً ولتخطي هذه المشكلة على الحافظ أن يبذل جهود مضاعفة وكثير من الحفاظ تمكنوا من تخطي هذه المشكلة بالسعي والمحاولة، ولا يُقَارن الحفظ دون أخطاء بجودة الحفظ ولا علاقة لهذه المشكلة بالذاكرة فهذا ضعف في اللغة فقط إلا إذا اجتمع الاثنان وهذا يحتاج إلى تشخيص.
بشرى حياة: عادةً يأتي الفرد بهمةٍ عالية لحفظ القرآن الكريم ولكن تدريجياً تضعف هذه الهمة وقد تصل إلى الملل أحياناً فكيف نتمكن من بث الهمة والحماس الدائم للحافظ؟
سلام قميحة: كما قلت سابقا يوجد عقبات كثيرة وضغوطات يعيشها الحافظ بسبب عدم وجود البيئة المناسبة لهذا المشروع الجهادي فيجب دائمَا البحث عن المشكلة لإيجاد الحل والتخفيف من وطأة الضغوطات على الحافظ.
وعلينا تعزيز تربية تعظيم القرآن في أذهانهم وحقيقة إن كانت عملية الحفظ تتم بالشكل الصحيح فهذا لا يسبب الملل، وهذا يعتمد على أسلوب المعلم القرآني، القدوة والنموذج، إضافة إلى تشجيع الأهل والبيئة المحيطة، وضرورة ربط هدف حفظ القرآن الكريم بالآخرة.
كما أن إجراء المسابقات الدورية، والأنشطة المختلفة، والبرامج المخصصة للحَفَظَة وغيرها من أساليب التحفيز من شأنها أن تشحذ الهمم وتؤدي إلى سير عملية الحفظ بشكل صحيح.
اضافةتعليق
التعليقات