واحدة من الأسئلة القرآنية الملفتة هي لمَ وردت لفظة "امرأته" مرة و"زوج" مرة أخرى في مواضع متعددة عند الحديث عن النساء الإلهيات في القرآن الكريم؟
إذ يمكن لنا أن نصل لإجابة من الإجابات من خلال التأمل في نفس الآيات والموارد القرآنية، حيث إن لفظة المرأة -كما في اللغة- من مشتقاتها(المرء) و(المرؤة) أي
-كما يقال- كناية لوصف الجانب الوجداني الإنساني فيها، وهنا هي مخيرة إما أن تميل لاستخدام عاطفتها فقط، وإما أن تكون ذات نفس إنسانية - أي بعاطفة متعقلة - فتكون ذات قلب عاقل كما هو المطلوب من كل إنسان.
بالنتيجة أتى الوصف لهؤلاء النسوة بلفظة (امرأته) وفق هذين الخيارين أي إما فقط عاطفة كما في قوله تعالى: (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) [الذاريات: 29]، وذلك لما أُخبرت بأنها ستلد وهي عقيم فردت فعلها -كما يعبرون- هي إشارة لتفعيل الجانب الوجداني فقط فهي لم تسأل كيف كما سأل النبي بل استخدمت المشاعر والعاطفة وأظهرت التعجب.
وفي مصداق آخر بقوله تعالى: (... امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا)[يوسف : 30] هنا أيضا تم تفعيل الوجدان بالجانب السلبي عبر الافراط بالميل لاستخدام جنبة العاطفة غير المتعقلة.
وإما عاطفة بتعقل أي الجانب الإيجابي كما في قوله تعالى: {قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ }[يوسف:٥١] فهنا قد أتت لفظت امرأة لكن هنا زليخا كانت قد بلغت مرحلة التعقل، أي وصلت لكمالها الانساني.
وكمصداق آخر هي امرأة فرعون لما استخدمت الوجدان المتعقل، وذلك بقوله تعالى: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ...} [القصص: 9] فهي جعلت فرعون يتقبل أن يبقى النبي موسى (عليه السلام) عندهم فلم تأتي لفظة زوجة فرعون بل امرأة.
أما مفردة (الزوج) فتعني شريكة الحياة التي تتبع زوجها وتشاركه في أدواره الحياتية، وهذا ما لم يكن لكل النماذج النسوية التي ذكرت في تلك المصاديق؛ لهذا في قصة أبينا آدم (عليه السلام) استخدمت لفظة (زوج) بقوله تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] وذلك لوجود تبعية وشراكة في وحدة الهدف.
حيث نلاحظ لما ذكر كتاب الله مسألة اغواء الشيطان لهما نُسب العصيان لآدم (عليه السلام) فقط، كما في قوله: {فَأَكَلَا مِنْهَا... وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه :121] باعتبار أن آدم (عليه السلام) له ولاية على حواء (عليها السلام) وهي تتبعه.
اضافةتعليق
التعليقات