في كل عام من شهر رمضان نجد حالة من الروحانية، والانجذاب، والتعايش والتلاحم، بين جميع فئات المجتمع، وهذا وان يكن حالة كامنة ومترسخة في اعماق النفس، احتفاءا بـأجواء شهر الغفران، إلا ان لله ألطاف خفية تزرع فينا هذا الشعور في كل سنة مع اطلالة الشهر الفضيل.
وهي من نعم الله تعالى ذكره فكما أنه خصص لعباده في كل اسبوع محطة للتوبة والانابة وهي ليلة الجمعة ويومها، كذلك جعل لهم في كل سنة شهر هو عنده من أفضل الشهور، وأيامه أفضل الايام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات..
فهذه المحطات وغيرها وضعها الكريم لنا للوقوف فيها على انفسنا، بالتأمل والمراجعة لما قد أضفناه الى لائحة الطاعات وما قد شذبناه من قائمة المخالفات او العكس والعياذ!., ثم نعاهده على التوبة من ما يشين وعدم النوبة، وعلى الصائم أيضا ان ينتهز فرصة اخرى وهي تصفيد الشياطين أو بالاحرى هو امتحان من نوع اخر فالجليل يجعل الشياطين مغلولة في هذا الشهر لكي يجعلنا على بينة من امرنا فيما نفعله ولكي لا نلقي كل اللوم على الشيطان فـلأنفسنا الامارة بالسوء يدا في ذلك وخير دليل على ذلك ما يفعله البعض من اهانة لقدسية هذا الشهر الفضيل من مجاهرة بالفسق والمنكرات والافطار المتعمد... والشياطين مصفدة!.
وأيضا نعمة الصيام والجوع والعطش تتجلى في جانب آخر وهو ما ذكره الامام المجدد الشيرازي الثاني في كتابه تقريب القرآن الى الاذهان، المجلد الاول، صفحة٢١٧ في تفسير الاية الكريمة (١٨٤/ سورة البقرة) حيث قوله (... فالصائم حيث يحس بالجوع والعطش والضعف فيتذكر الله سبحانه فيخبت قلبه وتضعف فيه قوى الشر، وترق نفسه وتصفو روحه وكل ذلك سبب للتقوى وترك المعاصي...).
والمتأمل في خطبة الرسول الاكرم في استقبال شهر رمضان يجد التركيز على ابسط الامور التي يفعلها الانسان وادراجها في لائحة العبادات، فحتى النوم والنفس يحتسب عند الله عبادة وتسبيح،
وهذا اللطف لا يصدر إلا من اللطيف المطلق، والغني المطلق، فهو بمثابة العفو العام الذي يصدره السلطان بين فترة واخرى دفعا لليأس من قلوب العصاة والمتمردين ولشحذ الهمم في قلوب اليائسين!.
ثم أنه ليس من الحكمة التفريط في مثل هذه المنح والهبات من رب العطايا، ومنها ايضا استجابة الدعاء (ودعاءكم فيه مستجاب، فسلوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة..) - خطبة الرسول الاكرم في استقبال شهر رمضان -.
وكما ورد في الحديث الشريف: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها..).
فليس بعزيز على الله أن ما نلح عليه بالدعاء في شهر رمضان، يضعه بين ايدينا كهدايا في شهر شوال، إنه على كل شيء قدير..
اضافةتعليق
التعليقات