قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا}(الكهف:٩). عند التأمل في هذه الآية نجد إن هذا الكهف المادي قد نُسب إليه هؤلاء الفتية المؤمنون، وعرفوا بأنهم أصحابه، وأن هذا الكهف له أصحاب.
وبالمقابل نجد في دعاء لإمامنا السجاد (عليه السلام) يُعرف الإمام الحجة (عج) بأنه كهف للمؤمنين، في هذه الفقرات: "اللَّهُمَّ إنَّكَ أَيَّدْتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أَوَانٍ بِإمَامٍ أَقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبَادِكَ وَّمَنارَاً فِي بِلاَدِكَ، بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ، وَجَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ إلَى رِضْوَانِكَ، وَافْتَرَضْتَ طَاعَتَهُ، وَحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ، وَأَمَرْتَ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ أوَاِمِرِه خل وَالاِنْتِهَآءِ عِنْدَ نَهْيِهِ، وَأَلاَّ يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ، وَلاَ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ، فَهُوَ عِصْمَةُ اْللاَّئِذِينَ، وَكَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ،..."(١).
وهناك معنى أشمل لمفهوم كون الإمام كهف وهو ما ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة: [السَّلامُ عَلَى أَئِمَّةِ الْهُدَى،.. وَكَهْفِ الْوَرَى](٢)، فهذا التعريف للأئمة أجمعهم، وبلا شك خاتم الحجج الإمام المهدي (عليه السلام) مشمول فيه. بالنتيجة نصل إن الإمام الحجة(عج) كما إنه [كهف الورى] أي أنه كهف لكل الخلق من البشر، هو (صلوات الله عليه) كهف لخواص الخلق من المؤمنين التي تصفهم الروايات بالأصحاب.
فكل من كان من أتباعه والمهتدين بنوره، والمشمولين برعايته وعنايته الخاصة; فهم أصحابه ومن آيات الله تعالى الدالة على آياته العظمى، فإن كان لذلك الكهف المادي أصحاب انتسبوا له، فلنا في هذا الزمان، كهف ولكن بمعنى أشمل وأعظم، فذلك الكهف شيء رمزي، وكهفنا هو الرمز.
كما وإن مفردة "الصاحب"، تشير إلى من يصحبك إلى حيث المنتهى، ومن مهام وأدوار الإمام أنه الإمام الهادي للخلق، كما في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (السجدة:٢٤)، وهداية الإمام -كما تُعرف- إنها ليست إرادة طريق الحق فقط بل هي الأخذ بأيدي الخلق حتى يوصلهم إلى الحق.
-وبتعبير آخر- هو لا يدلهم على الصراط المستقيم بل يأخذهم إليه ليَسيروا فيه، ولا يدلهم على كيف يُحصِلوا النجاة والفلاح بل هو ينجيهم ويجعلهم مفلحين; وهذا ما يمكن أن نستلهمه من تسلسل عبارات السلام في الزيارة، إذ ربطت بين الهداية ثم كون الإمام هو الكهف الذي من اهتدى إليه مكث فيه، وتحصن به، وبلغ الأمان والأمن معه.
______
اضافةتعليق
التعليقات