ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة إن الناس مع مسألة إتباع الأئمة (عليهم السلام) ثلاث مراتب، ولكل مرتبة/صنف مصير وذلك في قولنا: [فالراغب عنكم مارق، واللازم لكم لاحق، والمقصر في حقكم زاهق](١).
فالصنف الأول هو (الراغب عنكم) إذ قالت العبارة (عنكم) وليس (إليكم أو معكم)، فهو ممن يسير وفق رغباته وأهوائه فمصيره أنه (مارق) أي خارج عن منهجكم ومساركم وصراطكم الذي هو صراط الله تعالى، الراحل عنكم لا لكم ومعكم.
والصنف الثاني: (اللازم لكم) فهو الذي تمسك بكم ورغبته ملازمة لهداكم، فهو راحل معكم، ملتحق بركبكم وبالنتيجة سيكون(لاحق) أي ناج بكم.
أما الصنف الثالث: (المقصر في حقكم)، فهذا التقصير سواء كان عن جهل أو عن معرفة ناقصة فهو باطل، لأنهم هم الحق الظاهر الواضح الذي لا لبس فيه ولا غبار عليه، كما عبرت الفقرات التالية: [والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم وأنتم أهله ومعدنه، وميراث النبوة عندكم](١).
لذا هذه الحقيقة تعطينا سببا لكون هذا المقصر غير معذور على كل حال، فالجَهل يرتفع بالتَعلم، والمعرفة الناقصة أو المشوبة بالشك تتمم بالبحث حتى بلوغ اليقين، والوصول للحق وكشف اللثام عن زيف خط غيرهم متاح لمن يعزم على تحصيل الهداية للحق.
والملفت إن صنف اللازم جاء ترتيبه متوسطا بين المقصر والراغب، وكأن العبارة تقول إن هناك فرصة متاحة للجميع؛ فمن يتجاوز رغبته ويتعالى عن هوى نفسه يتقدم نحو الكون في صف اللازم لهم، ومن يتراجع عن تقصيره بزيادة المعرفة يكن ملازما لخطهم أيضا.
لذا قد يمر كل واحد منا بهذه المراتب الثلاث في العلاقة مع إمام زمانه، فقد يعيش عمرًا وهو مقصر في أن يجعله الهادي لنجاته فيتبع غيره فيضل، وقد يكون عارفًا بأحقيته غير ممتثلًا لمنهجه الحق لأن هواه غلب هداه- الذي مَنَّ تعالى عليه به- ولكن الذي يبقى يطلب الهداية ويجاهد في حفظ نعمة الولاية، هذا ممن سيكون غير متأخرا ً ولا متقدماً بل لاحقاً ملازماً.
بالنتيجة من يُقَصر يُقصى عن نورهم، ومن يَضعُف مستجيباً لرغباته يَبتعد ويتيه عن هداهم، ومن يَستقم يلازم الحق المتجسد بإمامه ولا يفارقه أبداً، فيبلغ بذلك الشهادة والنجاة حيث مرافقة الأبرار.
_______
اضافةتعليق
التعليقات