قال تعالى: {هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}(الكهف:١٥).
في هذه الآية يعلمنا أصحاب أهل الكهف إن من بلغ رشده، واهتدى بنور ربه، لن يسير مع العقل الجمعي -كما يعبرون- بل سيقول كما قالوا: نعم هؤلاء قومنا، ولكن تُرى أين هم سائرون؟ ما هي نهاية طريقهم؟ لذا هم كانوا من أهل الحسم {إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا}، لأنهم أصحاب رؤية واضحة.
ففي زمن اختلط الكثير من الباطل بالحق، وزينت الكثير من الأكاذيب لتقدم على أنها حقائق، هنا الإنسان المهتدي المربوط على قلبه، سيكون ممن له وسط هذا الخلط بصيرة وفرقان، فلا ينجر وراء هذه الأوهام، ولن تسول له نفسه وتبرر له البقاء مع أهل الدنيا.
بل فورًا يقرر ويعتزل زينتهم وتضليلهم; لأن الإنسان إذا برر لنفسه أو اهملها أو تَمهَل ولم يحسم أمره وفق ما أمره ربه، وبما توجبه عليه حدود الله تعالى، سيضعف إيمانه شيئا فشيئا ويبدأ يَحل الضلال محل الهداية، فيرى الباطل المتزين حقا، ويرى الظلام نور!
وكما روى نعيم بن حمّاد في كتاب الفتن مسندا عن الإمام علي (عليه السلام) قال ضمن حديث عن المهدي (عجل الله تعالى فرجه): «يخرج في اثني عشر إن قلّوا، أو خمسة عشر إن كثروا، يسير الرعب بين يديه، لا يلقاه عدوٌّ إلاّ هزمهم بإذن الله ، شعارهم أمت أمت، لا يبالون في الله لومة لائم…»(١).
وعن حذيفة قال سمعت رسول الله(صلّى الله عليه وآله) يقول في وصف أنصار الإمام: «...رهبان بالليل ليوث بالنهار كأن قلوبهم زبر الحديد ...»(٢).
بالنتيجة هذه الروايات وغيرها تشير لقوة وعزة وهيبة أنصار الامام (عجل الله تعالى فرجه) أمام جبهة الباطل، وهذه السمات لا تتوافر فجأة فيهم في زمن الظهور، ولا تكتسب بلا جهد وعمل وتربية للنفس، ولا تُحصل بيوم وليلة بل هي ثمرة ما بذر في زمن الغيبة
_________
اضافةتعليق
التعليقات