قال تعالى: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا}(الكهف: ١٦).
عند التأمل في هذه الآية نجد إن الكهف هنا كان وسيلة وليس غاية، وسيلة لبلوغ رحمة الله تعالى، وتهيئة أمور أصحاب الكهف ليكونوا أكثر رشاداً فلا يتبعوا أهل الغي، ويكونون أبصر فلا يعمى أحدهم عن رؤية الخير ولو ساد الشر.
وأصحاب الإمام المهدي(عج) أيضًا لما يأوون إليه لكونه [كهف الورى] هم يرونه وسيلة لبلوغ هداية الله تعالى ورحمته، التي أمرهم تعالى بابتغائها وأتباعها، وهم يعتقدون بأنه واسطة الفيض، والسبيل المتصل بين الأرض والسماء.
ففي البرهان عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال في قوله تعالى: {وابتغوا إليه الوسيلة} : « أنا وسيلته »، وعنه (عليه السلام) في حديث له: «إن الأئمة من آل محمد (صلى الله عليه وآله) الوسيلة إلى الله والوصلة إلى عفوه »(١)، وفي دعاء الندبة نقول: «وجعلتهم الذرائع إليك والوسيلة إلى رضوانك ».(٢)
بالنتيجة -كما يذكر صاحب "كتاب مكيال المكارم - بهذا الخصوص" أن المراد بالوسيلة هو الإمام وابتغاء الوسيلة إلى الله هو تحصيل ما يكون سببًا لرضاه وقربة إلى جنابه، وحيث إن الله عز اسمه جعل لكل قوم هاديًا ولكل أمة إمامًا، كما قال عز اسمه {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} فجعله هاديًا، ووسيلة لهم إليه، فاللازم على كل قوم أن يعرفوا هاديهم ووسيلتهم، ويبتغوا إليه الوسيلة بما يرضيه عنهم، ويطلب منهم، إذ لا يجدي التقرب بأحد منهم، مع الجهل بولي الأمر والإمام في كل عصر".(٣)
وهذا يوضح نقطة هامة في عقيدتنا كإمامين كما نقرأ في حديث -معروف ومطول نأخذ منه شاهدنا الذي بُين به ارتباط الإمامة بالتوحيد- عن إمامنا الرضا (عليه السلام) إنه قال: «لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن (من) عذابي، فلما مرت الراحلة نادانا قائلاً: بشروطها وأنا من شروطها».(٤)
لذا تعالى يقول في هذه القصة: {ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا}، فنعمة الاهتداء التي توصل الانسان أن يكون تحت ولاية ولي الله تعالى ويهتدي بهديه ورشده لا تبلغ إلا بمنة من الله تعالى وتوفيقه.
وكما إن أصحاب الكهف بالتجائهم للكهف بلغوا الرحمة والرشد، أصحاب ولي الله المهدي(عج) عندما يلجئون إليه سيبلغون الرشد والهدى بل تعالى يقول: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(يونس:٦٤)، وهكذا أصحاب الإمام(عج) بولايته يصبحون من أولياء الله تعالى، كما تشير هذه الفقرة بدعاء الندبة [أَيْنَ وَجْهُ اللَهِ الَّذِي يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الاْوْلِيَاءُ؟].(٥)
وعن الإمام علي (عليه السلام) - ضمن حديث عن المهدي(عج) - قال « يخرج من مكّة بعد الخسف في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ويلتقي هو وصاحب جيش السفياني وأصحاب المهدي يومئذٍ جننهم البراذع، ويسمع صوتُ منادٍ من السماء : ألا إنّ أولياء الله أصحاب فلان [يعني المهدي] وتكون الدائرة على أصحاب السفياني»(٦).
___
اضافةتعليق
التعليقات