بينما كانت تصارع لحظاتها الأخيرة وعيناها تلوح يميناً ويساراً وهي تلفظُ آخر أنفاسها التي كانت مصاحبة لدموعها الحارة وبين نحولة الجسم ووهن الحال,اخذت تبكي نادبة..
ولدي أنا ها هنا على مشارف الموت وظل السبيل اليك ولشم ثراك.
حبيبي حسين أصدقاً قتلوك ؟ ومن شرب الماء منعوك ؟
وهل حزوا وريدك ؟ وما راعوا حرمتك ؟
,ولدي حبيبي لم أنس نظراتك وأنا أدخل الدار
بينما كنتُ اتوسلُ لأبيكَ أن لا يُناديني فاطمة حتى لا أُروّعَ قلوبكم بهذا الإسم بل أن تقبلوني
خادمة أنت والحسن وزينب وأُم كلثوم.
إحساس الأمان الذي يتوسط الدار التي أذن الله ان لا تُدخلَ إلآ بأذنه
كما في قوله تعالى :
. في بيوت أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه
وجودي معكم جعلني أدعو وأعمل لأن أكون نعم الخادمة لنعم السادة,
الى أن أنجبتُ بنيَّ الأربعة وأنا أزرعُ فيهم طاعة أسيادهم وخدمتهم ( بُني عباس.. ياقرة عيني, لا تُنادي مولاك الحُسين بأخي, فهو أبن سيدة النساء وأنت أبن الخادمة,
بُني حبيبي لا زلتُ أتذكر تلك الليلة العتماء عندما لم أر العباس في حجرته,
أصابني الخوف والذُعر أين ممكن أن يكون ؟ حتى مضيتُ الى أبيك وانا أسئله اين ولدي العباس في هذه الساعة ياابا الحسن ؟
حينها هدأ من روعي وطلب مني أن آتي معه ومضينا الى حيثُ قبر المظلومة الزهراء (سلام الله عليها)
وقفتُ بعيداً أُراقبه ماهو صانع ؟ فوجدتهُ يُقلب وجنتيه على ثراها وهو يبكي ويقول
ليتني أدركتُ يوم حرق الدار مولاتي يازهراء ؟
لم أنس ولدي البار حين كان يستبق من أجل أن يأتيك بالماء,
كأنه يقول أعذرني مسبقاً في يوم الطفوف
كانت الأيام دوحة مباركة وأنا بظلكم أعيش
حتى حان الوداع ليوم الطفوف,
حين سار الضعن حاملاً معه كل العيال
فأيٌّ قلب يتَّقبل مايرى وهو يشاهد أهله وأولاده ونسائه تسيرُ نحو المنايا
آخر نظرة منك أخبرتني:
وداعاً .. أمـــآه
. كان أثرها في قلبي ما أنت أعلمُ به مني
لتبدأ رحلة إنتظاري ، أوقفتُ العمر كي تأتي سالماً ياقرة العين,
.فأولادي لك الفداء يامولاي
) كنتُ اراقب قارورة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم
التي كانت عند أُم سلمة,
. وكانت الأيام تسري بروحي كالخنجر الذي يحز القلب ويرديه قتيلاً
. في يوم العاشر من المحرم ظُهراً تفجرت دماًعبيطاً
هنا أدركتُ أن ولدي قُتل في أرض الطفوف وان رحلة زينب في السبا بدأت.
ولكن القلب والروح لا يُصدقان ماجرى ، وقفتُ عند الباب عل طارقاً يمر لي بخبر عنكم أو حتى مرسال .
, الى أن أتى الناعي الى المدينة ,وليت الناعي لم ينعى فقدك
, سعت روحي قبل أقدامي اليه
وأنا أحمل الفضلُ على ظهري وهو ينعى أولادي واحداً تلو الواحد.
أما يعلم أن أولادي ومن على الخضراء فداء لسلامتك ياولدي ؟
.. لكنه حين نعى قتلك وسبي عيالك
وآحسيناه واماماه هنا تهدمت اركان عزمي,
, بقيتُ أنعى وأبكي عليك الى هذه اللحظة
فكم بقيتُ أنتظر وكم بقيتُ أبكي وأحن.
هل لي إليك من سبيل ياابن الزهراء ؟
اليوم أ نا على فراش الموت وهاهي الروح تُفارق الدنيا التي حرمتني منك يانور عيني.
فعلى الدُنيا بعدك العفا ولدي حبيبي.
حُسين حُسين حُسين .. حتى خرجت روحها الطاهرة ولفظت آخر أنفاس عشقها الحُسيني, وهي تحمل أجَّل معاني الوفاء والتضحية وإلايمان والذي جعلها من أشرف نساء زمانها,
ليقول فيها اهل البيت (سلام الله عليهم أجمعين) كل الخير والحُسن, كيف لا ؟ وهي ضجيعة أمير المؤمنين وكفيلة الحسنين.
ففي زيارتها المعروفة يخاطبها مولانا الصادق (سلام الله عليه) في إحدى فقراتها:
السلام عليك يا من أحسنتَ الكفالة.
فالسلامُ عليكِ يوم ولدتِ ويوم تزوجتِ أمير المؤمنين ويوم استشهدتِ على محبة وبكاء سيدي الحسين (سلام الله عليه).
اضافةتعليق
التعليقات