السيدة رقية.. مبدأ البراءة بقافية الألم وسوط العمى.. تجسدت فيها قيم وارتقت أعتابها بعلوم آل المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) ..تهادت خمائلها واحتوت أنّتها وانجرف الشهيق يسأل عن مغيث لا يسلب.. وفم الرقيم لها كهف وسرمد.
كان لها طفولة، أبان احتضان القدرة لها.. في يوم ازدهار البسمة وغضة المودة .. أباها الحسين .. حتى توارت لها الفجيعة .. واندمج الحديد في عمق سماحة لفظها ، ورأت نار الظليمة واكتظت دمعتها عند باب فهمها وقبول طرفها ، فأعطت للطفولة معنى ومرقد..
رقية، سيدة اجتمعت الفواصل كلها في عمرها المخلد وكانت الحوائج مساحة تتقبل السجود لها توسلا وقربا للنبي أحمد .. في عمرها الصغير معنى يختلف عن أعمار القيد المبهم .. فكان الدليل منشطر من قدرتها وواسع بصرها وبصيرتها .. تبنتها السماء ، واعطاها الجليل غيبا ، احتوى عمرها بملف الأسى ، وأشار النور برقة حرفها وتميزها بين غيرها من العوسج..
نعم إنها سيدة تخطت المعاني كلها ، فكانت أميرة على نساء وقتها وظرف زمانها .. اكتملت فيها معاني التفكير ، وإيمان العطش ورسالة البكاء على من هم للعطاء أمجد .. في مستوى الكلمة ، عقائد ومعارف قد استأذنت من أفواه البيت وسط أتربة الظلم ، لتقييم العمر المتوجع لبعض الوسائد الفكرية ، خطوة إلى تضوع وعقدة لتجد لها سبيل بين أقبية الكرامات..
ولكن رميم هي الدمعة ، ذبحتها القسوة ، وألمتها الكروب لتفاوض الضربات إلى سلاح يقتص من الجرأة مستقبلا ، ويتحدى العار الذي ارتدته فواتح التعدي زمنا طويلا .. الطفلة نائمة ، في معصمها وتد ، يخاطب الظل ، لرؤية الملاذ ونور الغرقد ..على بضع خطوات مرصعة بالكدمات.. غفت عين السلامة الطاهرة ، وتبوأت بتناقض الغد ..
ورأت أن ارتباك وجه الحقيقة لباس من فض فوه الوتد لتجنب غيض الأمد .. حقا إنه الرقي في اسمها يحاجج الوضع الرهين .ويختار التراب رقاد النهاية له وترك بصمة الأدوار لساعية المدد.
اليوم، وقد ركزت الذلة سهاد غدرها ، على رابعة اليتم ، ليعلم البطش أن في أروقته ماء آسن الفكر وذابل المنطق ، وعاقر ناقة الحق .. ليكون لليتيم موقف ، يثبت بها كرامته ، ويعزز دمعته ، وتبوح لغز الحقيقة وصورة الفجيعة لا تبارح المرقد ..
نعم ، إنه عزاء الطفولة ، كم من صرخة خلدها تاريخ الحكم المستبد ، ومدى غطرسة الهوس بالملك العقيم ؟ هل غادرت الضمائر حيث الموعد المؤجل ، وكتمت نفس السلم ، وأضحت عبد لسماسرة الحرف الوثير؟
إنه الزمن الذي لم يرحم يومها طفولة المهد ورضع سهد .. لم يقدس شموع الشمس وسورة الطارق ، وفيها كل نفس لما عليها حاسد.. في جوف حقيقة العصمة ، أمراء فرضت قوامها على كل أريب .. وحديث لسان الوقت يخبرنا ، كم رقية قتل وكم دمعة أرفد ، وقد تكلمت العيون عن ظليمتها بلغة اليوم وغد .
في الأمس غفت عيون الريم على رأس الجنان في طاحونة الضرب المكدس بين أضلع النعومة وصراحة التمهيد.. متلازمة حلت منذ أن ولدت، وحتى يوم استشهد الفرقد.
اضافةتعليق
التعليقات