كانت ومازالت العباءة هي الزي الإسلامي الرئيسي والخارجي المتعارف الذي يفيض جمالا وعفة فلا تستغني عنه أغلب النساء مهما طغت على القاع من تقليعات حول هذا الزي المقدس الذي يعد من أولويات المرأة المسلمة التي تتسم بعقائدها الدينية والتي تعد بوصلة حياتنا.
فما زال للعباءة العراقية مكانة في معظم المحافظات الجنوبية على وجه الخصوص فهي تحتفظ بالقيمة المعنوية والاجتماعية والمادية أيضا، ولها أنواع من الجودة والمنشأ والأسماء كما لها خياطاتها الماهرات والمعروفات في بعض المناطق اللواتي يبدعن في خياطتها بالشكل المطلوب والمناسب، وتعد العباءة هوية المرأة العراقية وموروث شعبي زاخر بالجمال والهيبة..
بهذا الجانب كان لـ (بشرى حياة) هذه الجولة الاستطلاعية:
أصول العباءة
بداية جولتنا كانت مع أم إيهاب في عقدها الأربعيني استهلت حديثها قائلة: تعد العباءة العراقية جزء لا يتجزأ في اختياري، كما يقال أن أصول العباءة العراقية تعود إلى الزي الإيراني حيث انحدرت هذه الثقافة من بلادهم إلا أنها بفصال يضاهيها.
فيما قالت مريم علوان (38) سنة: تزوجت قبل ثلاث سنوات وانتقلت للعيش في مدينة كربلاء المقدسة وكان زوجي يصر على أن أرتدي العباءة ويرفض رفضا قاطعا من أن ارتدي العباءة الإسلامية استجبت لرغبته وكنت أعاني كثيرا حول كيفية ارتدائها والتحرك بها خصوصا في أماكن العمل.
وأضافت: اليوم قد اعتدت على ارتدائها بكل راحة، كما أصبحت شيء مهم بالنسبة لي يزيدني حشمة، وليس هناك أجمل من أن تتستر المرأة بالزي الإسلامي.
من جانبها قالت لبنى علي (ممرضة تحليلات): أنا أرتدي العباءة منذ أن كان عمري 12 سنة وهو زي أعتز به ولم أفكر أن أتخلى عنه يوما أو أتأثر بأي شيء دخيل.
فيما قال مرتضى حسين، طالب جامعي: أرى أن كل طالبة أو موظفة أو أي فتاة ترتدي العباءة إنسانة تستحق الاحترام والتقدير، وأعتبرها مجاهدة في زمن صار الانفتاح رمزا للحرية والثقافة.
جمال لا يزول
ومن جهتها شاركتنا أم هادي وهي تعمل خياطة للعباءة العراقية منذ الأزل حيث قالت: إن للعباءة العراقية جمال لا يزول ولخياطة العبي عدة أنواع وأشكال منها يدوي الخياطة ومنها بواسطة الماكينة، وقد مضى على عملي هذا ثلاثين عاما.
فقد ورثت هذا العمل من والدتي (رحمها الله) حيث كانت من الخياطات الماهرات بهذا المجال، ومن خلال هذه الخبرة الطويلة تعلمت أشياء كثيرة عن هذه المهنة حيث يمكنني أن أميز جودة ونوعية العباءة عند الملمس.
وأضافت: اختلفت تفاصيل خياطة العباءة بحسب مرور السنوات حيث كانت ذات (أردن) قصيرة ومختلفة وهي بسيطة وبدائية من حيث نوعية الخيط إذ لم يكن هناك تركيز بعمل أي شيء لكتف العباءة خلاف ما عليه الآن.
أما الآن نجد الزبونات يطلبن عمل كتف العباءة فيه نوع من التميز بنقوش معينة نحن نطلق عليها تسميات مختلفة مثل (شد الورد) أو (سن الفار) أو (التأج) وغيرها، وتوصي كل زبونة بنوعية الخيط المستخدم حتى لا يتعرض إلى الاحمرار مع مرور الوقت، وتختلف أسعار الخياطة حسب قماشة العباءة فهناك من يكون أجرها(20) ألف دينار وأخرى (50) ألف دينار.
تاريخ طويل
ومن جانبه تحدث الحاج سهل محسن أبو دكة، تاجر في بيع أنواع قماش العباءة في سوق (العلاوي) داخل مدينة كربلاء المقدسة قائلا: إن للعباءة تاريخ طويل لا يمكن أن يزول لكونه زي اسلامي متكامل لمن تبحث عن التجمل بالستر والعفة.
وأضاف: إن لقماش العباءة مميزات حيث كل خامة تختلف عن الأخرى حسب المنشأ والسعر وهناك أسماء مميزة في السوق منها الجرجيت والحرير الخالص وزهرة الخليج والبهبهان والشيخة وأسوار وغيرها، وهناك ما يصل سعرها إلى (150000) ألف دينار عراقي كونها من الحرير الطبيعي وتتفاوت الأسعار حسب ارتفاع العملة في سوق التجار.
وتابع: نستورد الاقمشة الخاصة بالعباءة من الهند واليابان والصين ودول الخليج، وفي هذه الأيام يتركز الإقبال على شراء العباءة الخليجية واليابانية المنشأ، وقد طرأت موديلات وتصاميم جديدة من العباءة مؤخرا منها العباءة الكويتية وتكون ذات أكمام طويلة وزخارف حيث ترتديها الصبيات غالبا.
وأردف قائلا: نحن نتعامل مع تجار من الكويت بتصدير هذه الموديلات وهناك معامل أهليه أيضا تقوم بتصنيعها داخل العراق، لكن جودة القماش ضئيلة وأسعارها تكون مناسبة.
مسك الختام
في مسك ختامنا نقول أن كل زي شرعي يختلف تصميمه من دولة إلى أخرى وتبقى العباءة الجنوبية في العراق هي الأكثر رغبة لدى النساء، فما زال لها حضور كبير كونها ترتبط ارتباطا وثيقا بزيهن الرئيسي.
اضافةتعليق
التعليقات