قال احدهم من ذوي الخبرة يوما, من الصعب ان يصبح المرء مجتهدا ولكن من الاصعب ان يصير انسانا .
والانسانية تعني الاخلاق, وهذا يعني ان الفقه ليس بتلك الصعوبة مثل الاخلاق !
فالاخلاق تعني تهذيب النفس وبناءها, فما ان تصبح الفضائل ملكة عندئذ يشعر بلذتها وعذوبتها في النفس وتنسى بتلك الحلاوة مرارة الوصول.
فالخلق العظيم سمة الرسول واله حيث كان فعلهم هو من يتحدث عنهم
فهي كالوقود الذي يسير بمن يحتذي بهم ويتخذهم اسوة بالعمل والقول.
وهنا نتطرق الى احد الاخلاقيات التي اُمرنا بها وهي
التسامح ..
فالتسامح هو خلق يدعو الى العفو عن المسيء,
والصفح عن اخطائهم وعدم مقابلة الاساءة بمثلها, وهو خلق لايكتفي بالعفو لكن يتجاوز الى الصفح اي لايكون في القلب بقايا لتلك الاساءة,
فعن الله تعالى قوله \وليعفوا وليصفحوا الا تحبون ان يغفر الله لكم \
فمصداق التسامح هو الغفران , فعن امير المؤمنين (عليه السلام) قوله العفو تاج المكارم .
والكثير من السور القرآنية والاحاديث الواردة في هذا الباب,
ولكن نجد مجتمعنا مبتعدا عن مصداق هذه الصفة الالهية, فالقطيعة والتباعد والجفاء اخذوا مأخذا بينهم,
فالولد يدبر عن والديه والاخ عن اخيه والصديق عن صديقه الى ان اصبح المجتمع الاسلامي يبعد شيئا فشيئا عن ماكان عليه,
مما ترك في النفوس اثراً سلبيا في دواخلهم , والذي بدوره يؤثر على المحيط والاباء والمجتمع بصورة عامة .
فهذا البُعد الاخلاقي الذي نراه بيننا انما ينم عن البُعد عن الاخلاق الاسلامية التي امرنا بها.
أردتُ ان اقف على بعض اسباب تردي واقعنا الاخلاقي المرير..
فحين سألت دعاء وهي ذات ٢٥سنة عن سبب مقاطعتها لصديقتها التي كانت معها لمدة سنوات فأجابت قائلة :
السبب كان خلافا بسيطا, بدأت هي بالابتعاد, وقابلتها الاخرى بالشي نفسه دون الرجوع والجلوس مع بعض وفهم السبب.
بينما اجابت ساجدة عن سبب الخلاف مع اختها التي تزوجت بالخارج وذلك بسبب انها عارضت زواجها ودفعتها الى خسارة فرصة هي كانت الخلاص بالنسبة لها.
واما ميسون لمّا سألتها عن سبب البعد الذي حدث بينها وبين زوجها ؟
اجابت بأنها نتيجة تراكمات لعدة مرات مضت , كان سوء التفاهم سيد الموقف فيها, فانا اطلب الاعتناء منه وهو يجيبها بأنه مشغول بالعمل وليس لديه الوقت الكافي للرد على هكذا امر بسيط بمنظوره!!
وغيرها الكثير ممن ترك للتباغض بينهم مساحة بنى عليها الزمن ونسج خيوطه.
هذه العينات هي واحدة من كثير ممن يحيط بنا.
اليس السبب في ذلك هو البعد عن نهج وسيرة الآل ؟
روي أنه بعد أن ضرب ابن ملجم اللعين الإمام علي (عليه السلام) وكان طريح الفراش جيء إليه بقعبٍ من لبن (حليب) فشرب منه قليلاً ثم نحاه عن فيه وقال : إحملوه إلى أسيركم (أي ابن ملجم).
فأي درجة تلك التي وصلنا اليها ونحن لا نحمل للغير اي محمل من السبعين ونمنح نفسنا فرصة التسامح.
فلننطلق لنكون خير متبع لخير اسوة محمد وآله.
فها هنا دعوة للتزين بتاج المكارم ولنبدأ بأدق التفاصيل الصغيرة لننطلق الى الاكبر في نفوسنا ولنمد ايدينا ونصافح كل من لانتكلم معه او من اخذ البعد والجفاء والبغض محله في نفوسنا اتجاهه بإبتسامة وبصفح يكون فيها بداية جديدة معه.
اضافةتعليق
التعليقات