كتب الشاعر قيس لفتة مراد هذه القصيدة عن سيد الأحرار أبي عبد الله الحسين بن علي (ع) في ذكرى استشهاده في عاشوراء تزامناً مع الثورة الشعبانية التي حدثت في جنوب العراق عام ١٩٩١.
ومطلعها:
هو منطق التاريخ حيث يثأرُ
يمضي الطغاةَ ويخُلد الثوارُ
فالخالدونّ لهم هنُاك جلالهُم
والتافهون لُهم هُناك العَارُ..
تشير مطلع القصيدة إلى أيقونة الخلود في ثورة الحُسين عليه السلام وفي كوَنُها المنطق الصريح للتأريخ وأبجدياته مهما حاول أي محرفٍ للتاريخ أن يزيف..
ويأتِ البيت الثاني في تأكيده بزوال الطغاة وخلود الثوار بقيمة من ثاروا عليه، تعتبر واقعة الطف في كربلاء من أسمى معاني الإقدام على الحرية والوقوف بوجه الباطل من جهة والتنزه عن حب الذات من جهة ثانية.
هي أساس كلمة لا، التي قالها الحُسين عليه السلام ضد حكم بني أمية وكلٌ ثأثر بقضية ينهل منها عبر ودروس ليستقيم طريقه وتتضح معالم حريته.
ومن المواقف التي أرخها الشاعر قيس لفتة المراد الحفلات التي كانت تقام تزامنا مع عاشوراء من قبل النظام السابق.
ياسيدي في ليل ذبحك يرقص
الطاغي ويعلو الطبل والمزمار
وغداً أرى في الغيب دبكة راقصٍ في النار.. إن شبت هناك النارُ..
وتندثر أسماء الطغاة ويبقى اسم الحسين سيد الأحرار ومنار الحرية روح سامية تجلت للموت ولم تهابه بل تقدمت نحوه أقداماً من دون جلل لتسكن قلوب السابقين والأخرين.
القصيدة صورة شعرية واضحة المعالم لنعي لمن البقاء والخلود فالطاغ سوف ينسى ويلعن ولكن الثائر وخصوصاً إذا كان بمنزلة الحسين عليه السلام وهو مطالباً للحق والعدل سوف تسطر بطولاته وثباته على مدى العصور وتجليات القصص ومعانيها.
بما في ذلك صورة الاجلال الكبيرة والتقدير حتى في ذكر أسمائهم كما وصف الشاعر المراد بأنّ الطاغي بالتفاهة وإنه موصوم بالعار.
يا سيد الثوار يومك يومنا
إن استعديت ليلة ونهارنا.
وصف مقارب لما يشعر به كل انسان ذا قلب صادق وسريرة نقية تجاه مصيبة الطف بأن ذلك اليوم بما فيه من مصائب فهو ليس بمصاب الحسين وحده وإنما مصاب كل روح تسير على نهج الحسين وتعلو في نفسه معانيها.
ويعرض في هذين البيتين وصف دقيق مشيرا فيه بأن الحسين كنهر ثابت المسار ولا تغيره لا أنام ولا أحداث ولا أفكار، بل من يعارضه فكرا ومسيرة يكون الخسران نصيبه.
نهر يظل إلى الامام مساره
والناس والأحداث والأفكار
والسابحون هناك ضد مساره
يوما سيجرفهم به التيار.
لا نكتفي من الانغماس والتأمل في معاني التضحيات لثورة الحسين عليه السلام، فالقصائد لا تكفي ولكنها مهمة لتستمر آية الخلود وتجني ثمارها كل وقت وتترسخ في كل نفس كل شاعر وكاتب وكل من ينقل واقعة الطف ويتخذها مثالاً ساميا فهو على نهج السيدة زينب عليها السلام في عرض الواقعة وفي كونها أدت رسالة مكملة في صبرها وثباتها لرسالة الحسين عليه السلام.
الظلم هو أول مسبب للثورة لقول كلا، هو الأنتفاض على الخيبة والخذلان وهو منع كبير لذواتنا أن نرضخ لمن ظلمنا ولمن يستبد بذلك الظلم كل وقت قادم، نقدم على ذلك بخواطر يجبرها الصمود بعقل نتيجته الأختيار وليس تهور، ويكفينا أن نميز أن كل عمل نعمله وأي خطوة نخطوها فهي مثال حي وصادق لأبنائنا الذين بيدهم الغد الذي نرسمه بصمودنا وبثباتنا ومواقفنا وبكل ما اكتسبناه من مواقف عظيمة كالطف. في أذهانهم، وفي أملاق عيونهم.
اضافةتعليق
التعليقات