فاطمة أم البنين "امرأةٌ عارفة مستبصرة بما فضله الله تعالى من فضله على ساداتها سادات البشر "محمد وعترته الميامين"، نذرت نفسها في حبهم ومودتهم وطاعتهم.. تصديقًا لقوله تعالى: "قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى..".
استبشرت أسرتها "أسرة الصحابي حزام بن خالد" بطلب "فلال الكتائب" "ومظهر العجائب و"سهم الله الصائب" و"فارس المشارق والمغارب "علي بن أبي طالب صلوات الله عليه" لابنتهم "فاطمة" فقدموها حليلة وخادمة له ولتراب نعليه. وهذا لا يدل إلّا على عراقة هذه الأسرة العراقية الطيبة وأصالة دينها ومعتقدها.
تفكرت فاطمة "المتعبدة" يومًا في سماء الله وآياته فبشرتها "بثلاثة أنجم والزاهر القمري.. وأبوهم سيد في الخلق قاطبة.. بعد الرسول كذا قد جاء في الخبر".
نالت بهم "صلوات الله عليها" شرف أم لأربعة "سادات نجباء"، أنشأتهم على أن يكونوا صقورًا مُنقضة في يوم نصرة الحسين "ابن فاطمة "صلوات الله وسلامه عليهم، فبذلوا فيه المهجة دونه وأحسنوا له الوفاء ففازوا برضوان من الله تعالى ومرتبة".. لا أعلم أصحابًا أوفى ولا خيرًا من أصحابي".
"فاطمة "المقدامة الجسورة "لا تخاف في الله لومة لائم" وقفت بصمودٍ في وجه الأمويين والمروانيين صفًا بصف عقيلة بني هاشم "زينب الكبرى" صلوات الله وسلامه عليهما بعد رجوعها من الطف، وأثارت بقوة المآتم على سيد الشهداء وشيدت له ولأبنائها الأقمار الأربعة خمسة قبور رمزية في "جنة البقيع" تنديدًا لما اقترفته أيادي الطغاة بهم.
ولا يستبعد أنهم خططوا لتصفيتها من الحياة كما خططوا لتصفية سيدتها زينب الكبرى حينما أخرجوها قهرًا من المدينة المنورة، ولم يحدث هذا صدفة فالزمن في كلتا الحالتين كان متقاربًا وفي نفس السنة.
إذن فلا عجب أن انتقاها سيد الأوصياء أمير المؤمنين حليلة له دون النساء بعد شهادة "أم الحسن والحسين" صلوات الله عليهما، بعد مشورته لأخيه عقيل بن أبي طالب وطلبه أن يختار له امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لتنجب له ولدًا فارسًا باسلًا ناصرًا لولده الحسين كأبي الفضل العباس..
فكانت نعم الأم المصطفاة ونعم ما أنجبت. رغم أنها فجعت بأربعة فرسانها في فاجعة الطف، لكن كان سؤالها اللحوح عن حبيب فؤادها ونظير عينها الحسين الشهيد، فبعد سماعها خبر قتله صريعًا "جثة على الرمضاء بلا رأس" من قبل ناعي يثرب" بشر بن حذلم". صرخت ونادت وأولداه واحسيناه و"على الدار من بعد الحسين سلام ".
ومن كانت صدّيقة صادقة في وفائها ونصرتها للزهراء البتول وعترتها الطاهرة، ليس جزافًا أن تنال سعادة الدارين ومقام "باب الحوائج" كابنها الأنور "قمر بني هاشم".
وأن يكون ضريحها مَعلمًا شاخصا بجوار ضريح مولاتها الزهراء وأبيها سيد الأنام وأبنائها البررة الكرام "أئمة البقيع" صلوات الله عليهم أجمعين.. رغم محاولات طمس معالم الدين وصروح الأولياء والصالحين، بل هي مقادير رفيعة من الله تعالى ودرجة اهتمام من أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم لهذه الشخصية العظيمة.
فأي سر وشأن عظيم احتواك يا "يا أم العباس القمر" حتى تغبطك عليه سيدات وحوريات الجنة " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا".
سلامٌ عليكِ سيدتي يوم ولدتي ويوم تموتي ويوم تُبعثي قريرة العين مسرورة الفؤاد مع محمد وآل محمد.
اضافةتعليق
التعليقات