ان مانعيشه اليوم في واقعنا هو سيناريو يدور ويكرر نفسه مع كل خلاف نعانيه في هذا الزمن,
حيث يتحول المظلوم الى جلاد,والارهابي العبثي الى بطل, والمفسد الى حاكم بلاد,
وماجراء ذلك الا عدم اتباعنا سياسة السلم والعيش بسلام.
لكن هل نحن عازمون على تغيير الحال وتحويل الواقع المظلم الى جسرمن نور للوصول الى الاطمئنان.
ان العزم يستلزم قرار والقرار يعني التواضع والقبول بالواقع واستجماع الشجاعة والطاقة الايجابية ثم الانطلاق في زمن اصبحنا فيه من المستضعفين نستجدي الحضارة ونحن اباؤها
والطريق هو مضمون قوله تعالى
ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم.
فالقادة العظام في التاريخ كيف كان سلوكهم مع الذين كانوا ينالون بأذيتهم والتجريح بهم ثم الاجهاز عليهم,
كان موقفهم هو مقابلة الاساءة بالاحسن لا الرد بالمثل .
نعم ان الرد بالحسنى يعني اطلاق نداء الى اعماق الطرف المقابل لاستثارة كوامن الفطرة واستيقاظ نداء العقل.
ان الرد بالتي هي احسن هو شعلة تتقد وتوقد المحبة والعطف ورفع العلم وانهاء لامر كان ليأخذ غير مجرى.
وأصله خير وهذا يعني دعوة الى السلام والخير والتعايش والاحترام المتبادل.
ان تاريخ الطيبين الابرار زاخر بأحداث رد الاساءة بالاحسان, حيث ورد في تاريخ زين العابدين صلوات ربي وسلامه عليه:
وقف على علي بن الحسين ، رجل من اهل بيته ،أو بني عمومته فأسمعه وشتمه فلم يكلمه ، فلما انصرف قال لجلسائه : لقد سمعتم ماقال هذا الرجل وانا احب ان تبلغوا معي إليه حتى تسمعوا مني ردي عليه.
قالوا له : نفعل ولقد كنا نحب ان يقول له ويقول, اي يؤكد في الرد عليه ,فأخذ نعليه ومشى يقول
والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين .
فعلمنا انه لايقول له شيئأ , قال : فخرج حتى أتى منزل الرجل فصرخ به وناداه, قال قولوا له هذا علي بن الحسين ، قال : اي الراوي, فخرج متوثيآ للشر وهو لايشك انه انما جاء مكافئآ له على بعض ماكان منه, اي الرد بالمثل, فقال له علي بن الحسين (ص) : ياأخي انك وقفت علي انفآ و لئن كنت قلت ما فيّ صادقآ في قولك ضدي, فأستغفر الله منه، وان كنت قلت ؛ماليس فّي فغفر الله لك.
قال الراوي: فقبل الرجل مابين عينيه وقال : بل قلت : فيك ما ليس فيك وأنا احق به.
والتاريخ يزخر بأمثال تلك القصص للعظماء الذين عايشوا مجتمعا جاهليآ فرسول الله صلى الله عليه واله عايشهم بأخلاقه السامية وهو في ذروة الخلاف معهم في عموم عقائدهم وعاداتهم وأخلاقياتهم الجاهلية ومماراستهم الشاذة.
وكذلك الحال مع امير المؤمنين صلوات الله عليه, فقد تعايش مع جبهات عريضة من الخصوم والأعداء وغمرهم بعدالته واحترامه واعانهم في شؤون حياتهم وقضى حوائجهم.
وكذلك كان اتباعهم فهذا ابو ذر الغفاري ومالك الاشتر وابن ابي يعفور.
فأبو ذر نموذجآ..
انه نفي مظلومآ مغلوبآ الى دمشق فرماه معاوية الى الجنوب اللبناني، وأهله كفار لايحسنون شيئآ من العربية, ولكنه تمكن من مواجهة التحديات والغربة والفقر والجاهلية ,
وعلّمهم اللغة والاخلاق والعقائد, فولد شعب الجنوب من جديد.
فكيف تعايش معهم ؟ وكم من الازمات المرّة تحملها ؟
وكيف احدث انقلابا في عقولهم وضمائرهم وحياتهم ؟
هنالك مواقف تستثير مشاعر الانسان فتشعل نار الغضب في نفسه فيبدي ردة فعل قاسية تجاه الاخر, وبذلك تنطوي صفحة الرد الجميل لتحل محلها بذور القطيعة والتدابر بالنمو فتؤدي بالمآل الى الانفصال المشغوف بالضغائن والبغضاء.
وصفة العلاج لمثل هذه المواقف المثيرة ضبط الاعصاب ثم التسامح والحلم والعفو الذي هو من
مكارم الاخلاق.
قال رسول الله صلى الله عليه واله:
ثلاث من مكارم الاخلاق : لين الكلام، والسخاء، والعفو عن المقدرة.
فأحب لغيرك ماتحب لنفسك .
نحن نحب الحلم اتجاهنا ونحب الدفع بالتي هي أحسن في تعامل من يخالفنا، وكذلك الاخرون,
مثلا : لو صدرت منا زلة كيف نحب ان نواجه بها؟
هل سوى الحلم والصفح؟!
كذلك لو صدرت من غيرنا تلك الزلة فأنه يحب الشيء نفسه ويحب ان نحلم ونصفح عنه
فينبغي لنا دائما ان نحب لغيرنا مانحب لأنفسنا ونظهر لغيرنا من أنفسنا مانرجوه لنا من غيرنا.
ان الذي نجنيه من الرد بالتي هي احسن هو قلب المعادلة حيث يتحول الاخر الى صف الاصدقاء بعد ان كان مع الخصوم , اضافة الى كسب رضا الله تعالى ,فان الامام السجاد صلوات الله عليه وعلى اله , يناجي ربه في دعاء مكارم الاخلاق..
اللهم وسددني لأن اعارض من غشني بالنصح
ومن هجرني بالصلة ومن اغتابني الى حسن الذكر.
اضافةتعليق
التعليقات