وردت آية قرآنية في سورة المعارج وفقرة دعائية في ختام دعاء العهد تقول: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا} إذ يمكن أن نستلهم منها مقياس من مقاييس حقيقة رؤيتنا للإمام(عجل الله تعالى فرجه) لنقيس بها حقيقة رؤيتنا التي نرددها لما نقول هذه الفقرة؟
-فكما يقال- [هذه الفقرة تبين إن الذي ينتمي ويؤمن بالإمام الحجة(عج)، والذي لا ينتمي إليه هو يراه]، ولكن ليس برؤية العين المجردة، بل يرى حقيقة إنه الإمام المجعول من قبل الله تعالى، ويعتقد بعدم خلو الأرض من وجوده المبارك، ولكن ما يترتب على الرؤية هو المقياس والحاكم.
فجبهة الباطل التي تحمل هذا اليقين وترى حقيقة أن الإمام موجود قد رتبوا أثر على ذلك فهم يَجدون ويجتهدون بالعمل لكن ضد شخصه ومنهجه، ولتأخير ظهوره؛ فهم مصداق لقوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}(النمل:14)، فنفوسهم التي تحمل اليقين هي تراه قريباً، لكنها جحدت به فأبتعدت بعدائها له، وإنتمائها لجبهة الباطل.
وبالمقابل فإن هذا ناقوس خطر للذين يؤمنون به، وينتمون إليه، وينتظرونه؛ فإن لم يعملوا لتقوية جبهة الحق، ويستعدوا لتحقيق ظهور إمامهم (عجل الله تعالى فرجه)، ويعدوا أنفسهم ليكونوا في خدمته ستكون رؤيتهم له وإن كانت رؤية قرب لكنها ليست هي المستوى المطلوب لتحقيق معنى (إننا نراه قريبا) لأنهم في ميدان العمل هم في الحقيقة جسدوا معنى (يرونه بعيدا)!.
فإن إظهار الحب والشوق والإيمان بالإمام لا يكفي، ما لم يتجلى في ميدان العمل، وهذا يتطلب إصلاح ذلك القلب وإفراغه مما شغله عن تحقيق الرؤية الخالصة والصادقة، وإزالة كل أمل وتعلق بسواه، فمن يكون الامام (عجل الله تعالى فرجه) شغله وأمله لن تخلوا أوقاته من السعي لتحقيق هذا القرب، وتعجيل ذلك الفرج.
بل إن إستشعار حقيقة قرب الإمام عليه السلام من المُنتظِر الحقيقي يجعله يُحب حتى التعب في سبيله، لأنه قريب ولأنه يراه، يجعله لا يمل من التكرار في المحاولة ليتقن ما يعمله لأجله، لأنه يرى أنه قريب ويراه، يكتم أوجاعه وأحزانه ويظهر الإبتسامة لأنه مستشعر لقرب ذلك البلسم لكل وجع.
لذا حقيقة أن يرى المرتبط بالإمام [إنه قريب] لا يتحقق إلا بالجد والعمل، فتكون رؤيته جوارحية وجوانحية أي القلب يرى أنواره القدسية، والبدن يعمل لتقريب ظهور دولة عدله المنشودة السامية.
اضافةتعليق
التعليقات