يطل رمضان علينا حاملاً مباهجه التي لا تعد، حيث اختص هذا الشهر برحمته وأجر صيامه وقيامه هو باب من أبواب الجنة وكثير من الجزاء الذي لا يعلمه إلا الله، حيث أيامه أفضل الأيام ولياليه أجمل الليالي يجزى بها العبد جزاء حسنة لا تحصى.
إنه فرصة للاطلاع على النفس ومعرفة صوابها وأنعم الله على المسلمين بهذا الشهر بخير وبركات وصفاء للذات التي تتوجب أن ترى صلة أرحامها وتعمل كل ما به خير وصلاح للمرء والمجتمع.
فيعد موسم مضاعفة الأجر والمشقة للصائم وينال الحسنة بأضعافها وهو المثال الأمثل الأكمل على بره وخيره ومجازاة الله لقائمه وصائمه ولفرائضه ومنها ليلة القدر التي تعد أفضل من ألف شهر.
شهر رمضان مدرسة ربانية مجيدة وعريقة مليئة بالإخلاص والتحكم بالذات ومعرفة النفس وجوهرها الإحساس بالفقراء والمساعدة التي تهذب الخلق وتكسب القيم ومنها بأن خير الناس أنفعهم للناس وتعطي معنى الإيثار وأن يفكر المرء بغيره أكثر من نفسه.
موسم البر والتقوى والعتق والإيمان والاحسان، تجاب فيه الدعوات، ترفع الصلوات، تقال العثرات، ترفع الدرجات، تغفر السيئات، تقبل الصدقات، فهو وسيلة التقوى ومنّ الله علينا به، فقال تعالى عن وجوبيته: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183].
قدم بعض العلماء الصوم على سائر العبادات فسُئل أحدهم عن ذلك فقال: لأن يطّلع الله على نفسي وهي تنازعني إلى الطعام والشراب أحبّ إليّ من أن يطّلع عليها وهي تنازعني إلى معصيته إذا شبعت، فيروح على أهل الجنة برائحة فيقولون: ربنا ما وجدنا ريحاً منذ دخلنا الجنة أطيب من هذا الريح، فيُقال: هذه رائحة أفواه الصُّوّام.
فالسنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها والساعات أوراقها، وأنفاس العباد ثمرتها، فشهر رجب أيام توريقها، وشعبان أيام تفريعها، ورمضان أيام قطافها، والمؤمنون قُطّافها.
من الأمور الموازية للاستعجال ما ورد بهذا القول، قال صديقي:
-نمر على الجامع ونخطف ركعتين لله.
ترددت الكلمة في وعيي بغرابة. نخطف ركعتين لله. يرتكب الناس ذنوبهم بإتقان وتأن ورسم سابق وخطط محكمة وإعداد قديم فإذا تعلق الأمر بالخالق خطفنا له ركعتين!.
فالصوم “أن نصوم عن ميلنا للأشياء.. أن نتجرد عنها وننخلع منها ونفطر على ذكر الله وحده”.
انغماسنا بالأمور الدنيوية الزائلة طوال العام تتطلب منا أن نبذل كل الجهد برمضان ونحاسب أنفسنا مرارا، رزقنا الله سلمه وسلامه وأمنه وأمانه في الخير والبركات.
اضافةتعليق
التعليقات