نقلت وسائل الإعلام أن مجلس الوزراء التونسي صادق يوم الجمعة على مشروع قانون الأحوال الشخصية، الذي يتضمن أحكاما بالمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، وقد أثار جدلا واسعا في تونس وخارجها، على اعتبار أنه يسعى إلى جعل المساواة هي القاعدة العامة، مع تمكين المواطنين الراغبين في الإستثناء منها، سواء لأسباب دينية أو غيرها، من خلال عقد لدى العدول.
وذكرت الناطقة الرسمية بإسم رئاسة الجمهورية، سعيدة قراش، أن هذه المبادرة "تكرس نضالات أجيال وحقوقيات يدافعن على الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للمرأة التونسية، وعلى ترسيخ عقلية المساواة التامة بين الجنسين"، وأضافت "تمت المحافظة على نفس المبدأ وهو ملاءمة المقترحات مع الدستور بإقرار المساواة في الإرث قانونا، مع ترك حرية الاختيار للمورث إن أراد في قائم حياته التنصيص على قسمة التركة وفق المنظومة الحالية"، وكانت قوانين الإرث في تونس، المستمدة من الشريعة الإسلامية، تقوم إجمالا على قاعدة "للذكر مثل حظ الأنثيين".
ويشار إلى أن النقطة المثيرة للجدل في مشروع قانون المساواة في الميراث بصياغته الحالية تتعلق بالسماح للمرأة بالمساواة مع الرجل في الميراث، طالما لم يوص الأب قبل وفاته بتقسيمه وفق أحكام الشرع، وهو ما اعتبره كثيرون تحويلا لأحكام شرع الله إلى إستثناء لتصبح المساواة في الميراث هي المبدأ وليس العكس.
وبإقرار الرئيس السبسي مشروع قانون المساواة في الميراث، يكون الرئيس التونسي قد أوفى للنساء التونسيات بأبرز وعوده الانتخابية، التي قدمها لهن في انتخابات الرئاسة، في ديسمبر/ كانون الأول 2014، لكنه يستهدف أيضا إحراج حركة "النهضة"، ذات المرجعية الإسلامية، بعد فك التوافق السياسي بينه وبين رئيس الحركة، راشد الغنوشي قبل أشهر، وضع السبسي حركة "النهضة" في مواجهة مع القوى الحداثية والديمقراطية، من جهة، ومحاولة ضرب التحالف السياسي الذي يجمع الحركة، في الوقت الحالي، في الحكومة الجديدة مع كتل سياسية ديمقراطية لا تشاطر مواقف "النهضة"، بشأن قضايا المرأة.
وكانت حركة "النهضة" قد أعلنت عن مواقف لينة، بشأن مشروع مسودة قانون المساواة، لكن مجلس شورى حركة النهضة شدد من موقفه، في سبتمبر/ أيلول الماضي، ودعا إلى تعديلات في النص المقترح، وتحوز حركة "النهضة" على الأريحية النيابية، في حال قررت تعطيل المصادقة على مسودة القانون المقترح.
وكانت لجنة الحقوق والحريات الشخصية التي شكلها الرئيس السبسي العام الماضي، قد قدمت مشروع تضمن سلسلة تعديلات على القوانين الخاصة بالمرأة والأسرة والحريات الشخصية.
وإضافة إلى المساواة في الميراث بين الرجال والنساء، يقترح القانون إلغاء الولي في الزواج بالنسبة للمرأة، وتمكينها من الزواج من الأجنبي، دون إجبار الزوج غير مسلم على إعلان إسلامه.
وهذا ينافي الحكم الاسلامي كما قال الله سبحانه وتعالى (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) سورة النّساء).
اضافةتعليق
التعليقات