الإمام علي بن الحسين زين العابدين اتّسم بالتّقوى والورع، وعُرف بـ"السّجاد" لكثرة سجوده، عاش فترة حرجة في تاريخ المسلمين، شهد مأساة كربلاء حيث استُشهد والده الحسين بن علي وأهله.
بعد هذه المأساة المؤلمة، تحمّل علي بن الحسين مسؤولية قيادة الشيعة وكرّس حياته للعبادة والتعليم. فأصبح منارة للعلم والتّقوى، مؤلفاً العديد من الأدعية والأعمال الدينية القيّمة، من أبرزها "الصحيفة السّجادية" التي تعكس عمق إيمانه وتجلّي تقواه.
وقد استشهد في نهاية حياته على يد الوليد بن عبد الملك، ليضيف بذلك صفحة مؤلمة أخرى في تاريخ الشيعة. لكن إرثه الفكري والروحي ظل حاضراً ومؤثراً في وجدان المسلمين على مرّ العصور.
في هذا المقال سنستحضر بعض أحاديث الإمام السجاد (عليه السلام) لنتعلم ونسترشد بها.
1_ قال الإمام السجاد (عليه السلام):
"يا ابن ادم انك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله عز وجل مسؤول، فاعد له جوابا".
هذا القول يذكر أهم الحقائق في العقيدة الإسلامية. فهو ينبه الإنسان إلى أنه فان وزائل، لا بد له من الموت الذي هو أمر محتوم. وبعد الموت، سيُبعث الإنسان من جديد للحساب والمساءلة أمام الله تعالى في يوم القيامة. وفي ذلك اليوم، سيقف الإنسان بين يدي الله ليحاسب على ما قدم في الدنيا من أعمال وأقوال وأفكار. وفي ضوء هذه الحقائق الثلاث (الموت، البعث، المحاسبة)، على الإنسان أن يستعد ويهيئ الجواب الذي سيقدمه أمام الله تعالى.
2_ قال الإمام السجاد (عليه السلام):
"إن المعرفة، وكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه، وقلة ريائه، وحلمه وصبره، وحسن خلقه".
• ينبغي على المرء أن يترك الكلام فيما لا يعنيه، أي أن يبتعد عن الحديث في الأمور التي لا تخصه أو لا تفيده، ويركز بدلاً من ذلك على ما هو ضروري ومهم.
• على المسلم أن يتحلى بقلة الرياء، فلا ينشغل بالظهور والتفاخر أمام الناس، بل يركز على الإخلاص في عبادته وأعماله.
• من سمات الكمال في الدين امتلاك صفات الحلم والصبر، فيتحلى المرء بضبط النفس ويصبر على المصاعب والابتلاءات التي قد تواجهه.
• على المسلم أن يتحلى بحسن الخلق، فيتمثل بالأخلاق الحميدة ويكون كريماً في تعامله مع الآخرين.
3_قال الإمام السجاد (عليه السلام):
"رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس".
إن قطع الطمع عن أموال الناس وممتلكاتهم هو في حقيقته جمع لجميع أنواع الخير والفضائل. فعندما يتخلص الإنسان من الطمع والحرص على ما عند الآخرين، فإنه يتحرر من الهموم والأحزان والغضب والحسد والبخل وغيرها من الصفات الذميمة التي تنشأ عن الطمع. وهذا الخلق هو أساس السعادة والطمأنينة النفسية للإنسان.
بتدبر وتأمل هذه الأقوال الإمامية، نستطيع أن نستلهم الدروس والعبر التي تساعدنا على تهذيب أنفسنا وتزكيتها، وارتقاء مستوى وعينا وسلوكنا بما يرضي الله تعالى. فهذه التعاليم الربانية هي المنهاج الأسمى الذي على المؤمن أن يسير عليه ليكون من أهل الفوز والنجاة في الدار الآخرة.
اضافةتعليق
التعليقات