قال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ○ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، يقول احد الفضلاء: "ان الله تعالى لم يحثنا على الاكتفاء بأن نعرف اي طريق علينا ان نسلكه الذي هو {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}. ذلك الطريق الذي يتميز بانه الاسهل والاسرع للوصول بل بين لنا ان المؤمن عليه ان يعرف سالكيه لكي يتبع اثارهم...".
ذلك الطريق الذي لا يجعلك تضل عن هدفك الاصل كما انه اوصلهم للهداية، فأهل السماء كل طريق يسلكونه، وكل عمل يعملونه على هذه الارض، هو طريق مرتبط بصراط الله سبحانه مرتبط برب السماء وبمصيرهم الابدي؛ طريق لا قلق فيه ولا خوف من الناحية النفسية، بل رغم المشاق التي قد تواجهك وصعوباته هناك سلام وأمان وشعور بالامتنان في داخلك.
لذا طريق الاستقامة هو طريق يجعل نفسك مطمئنة وإن اشتدت المحنة، يجعل روحك في نماء وإن زاد البلاء وقلبك في تزايد وقرب وان طال الدرب ونفسك في تكامل وارتقاء وان كثر من حولك اهل الغدر والجفاء؛ فمعرفة الطريق جداً مهم ولكن الاهم هو ان عليك قبل ان تسلك الطريق ان تبحث عمن سلكه..
وان تعرف الى اين اوصله؟
وبماذا تزود وهو فيه فبلغ بذلك وجهته؟
ولو حاولنا فهم القرآن بالقرآن، لعلمنا من هم هؤلاء الذين عبرت عنهم الآية بأحسن الرفقاء بقوله تعالى: {...الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}
(النساء: ٦٩).
ففي طريقك الى الله احرص ان تقتفِ آثار الانبياء والصديقين، لذا قال كتاب الله على لسان نبينا الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم): {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ، وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (الأنعام: 153). ومن ثم الصديقين والشهداء والصالحين، لذا احرص على ان تطالع سيرة الشهداء ومرافقة الصالحين من الاولياء، فسيرتهم تجزي عن مطالعة الف والف كتاب في السير الى الله وفي طلب معالي الاخلاق، فسلوكهم حجة علينا ويعطي اثر بالغ في تغييرنا.
كل مؤمن يعرف ان ابلغ الدرجات هي بلوغ الشهادة، فحري عليه إذاً ان يعرف ما هي سلوكياتهم وطريقتهم التي سلكوها فوصلوا فإن لم تبلغ الشهادة وعملت وسلكت سلوكهم فالله اجل واعظم واكرم من ان لا يجازيك على سعيك فتكن بدرجتهم فتحتسب عنده شهيداً.
كذلك في اي مجال من مجالات الحياة؛ في دراستك ابحث عن اناس من حولك قد تميزوا بالعلم ورافقهم.. في حياتك المهنية اتبع الناجحين.. في مواهبك طورها بالتعلم من المبدعين.. حتى تجاربك المؤلمة اتخذها طريق [عِبرة] لكي لا تقع في الخطأ مرة اخرى، وتجاربك المفرحة اتخذها طريق [مُعبِر] تتذكرها فتقوى عند كل منعطف لتتجاوز بها كل عسر وتتخطى بها كل صعوبة.
لا تكتفي بالسير فقط بل كن مسايراً بإتخاذ رفقاء الخير، واعلم اخيراً ان اي طريق تسلكه لأي عمل او نجاح تحققه كإنسان ولا يجعل روحك سعيدة وتشعر بالبهجة والنشاط اعلم انه عمل بلا قيمة، ولن يوصلك للسعادة الابدية مطلقاً.. وليس هو صراط الله المستقيم.
اضافةتعليق
التعليقات