قبل ثلاث سنوات تقريباً ورد بالأخبار وصول تنظيم داعش الى القضاء الذي يبعد 60 كم عن المدينة التي أسكن بها، وتمكن قواتهم من السيطرة على القضاء.
دب الرعب في أرجاء مدينتي، فقد تكون نيتهم التوسع والسيطرة على مدينتا، بدأت العوائل بالإسراع في ترك المدينة والتوجه الى المدن المجاورة أو القرى محتمين بالجبال وصلابتها من هذا التنظيم الهمجي وأسلوبه الوحشي في التعامل مع البشر.
وكان لي ولأفراد أسرتي نصيباً من ذلك الهرع، فبين جالس يحدق بالشريط الأحمر في شاشة التلفاز ويتابع الأخبار العاجلة أولاً بأول، وبين متصل يسأل من خرج عن الطريق وإمكانية الخروج والجهة المقصودة، جاء أمر الوالدة بأن نجمع المستمسكات المهمة والأشياء الثمينة في حقيبة واحدة ونكون على إستعداد لأي حادث طارئ قد يستوجب الخروج سريعاً.
بذلك الإضطراب والخوف والدقائق التي كانت تأبى السير، وجدتُ نفسي مُمسكة بعباءتي وكأنها الملاذ الذي أهرب اليه وبه، الهرب من عدو لا يعرف من الإنسانية حرفا، همّه سبي النساء والمساس بعفتهم.
عندما رأيت خوف والدي وإخوتي من المجهول، وقلقهم علينا نحن النساء تذكرت ذلك الموقف المروي عن مولانا الصادق عليه السلام..
لمّا أمر المنصور الدوانيقي عامله على المدينة أنْ يحرق على أبي عبد الله الصادق (عليه السّلام) داره، فجاءوا بالحطب الجزل ووضعوه على باب دار الصادق (عليه السّلام) وأضرموا فيه النار، فلمّا أخذت النار ما في الدهليز تصايحنَ العلويات داخل الدار وارتفعت أصواتهم، فخرج الإمام الصادق (عليه السّلام) وعليه قميص وإزار وفي رجليه نعلان وجعل يخمد النار ويطفئ الحريق حتّى قضى عليها، فلمّا كان الغد دخل عليه بعض شيعته يسلّونه فوجدوه حزيناً باكياً، فقالوا : ممّن هذا التأثر والبكاء، أمِنْ جرأة القوم عليكم أهل البيت وليس منهم بأوّل مرة؟
فقال الإمام (عليه السّلام): ((لا، ولكن لمّا أخذت النار ما في الدهليز، نظرت إلى نسائي وبناتي يتراكضن في صحن الدار من حجرة إلى حجرة، ومن مكان إلى مكان هذا وأنا معهن في الدار، فتذكّرت روع عيال جدّي الحسين (عليه السّلام) يوم عاشوراء لمّا هجم القوم عليهنَّ، ومناديهم ينادي: أحرقوا بيوت الظالمين)).
هنا تساءلت: هل نحن جعفرية حقاً؟
هل تعلمنا كيفية إستغلال كل الحوادث والظروف لبيان مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) وتعريف العالم بمقامهم وعظمتهم وتجرأ القوم عليهم؟.
لو لم يبكي الإمام الصادق في ذلك الموفق أو لو أنه بكى خفيةً عن الأنظار، لما ثُبِتت مصيبة حرق خيام آل الرسول في الطف وفرار المخدرات والأطفال.
ولما علموا أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) بمدى عظمة المصيبة التي جرت على مخدرات الحسين عليه السلام.
قد يتكلم البعض ويقول لماذا كل هذا التأكيد على المجالس الحسينية؟ لماذا هذا البكاء المستمر والعزاء المُقام في أغلب الاوقات؟
الجواب هو: إن ذكر أهل البيت وذكر مصائبهم هو السبيل الأكثر تأثيراً لجذب الناس اليهم وتعريفهم بهم سلام الله عليهم.
في الواقع هل تمكنا نحن من نقل ما جرى على أهل بيت النبوة كقضايا إنتهاك لحقوق الإنسان؟
بشكل جدي نحتاج ان نجعل أهل البيت عليهم السلام محور لحياتنا ورضاهم ونصرتهم أول اهدافنا.
ولنا بجعفر الصادق أسوة حسنة في أن نكون إعلاماً لمظلومية محمد وآله، وذكرهم وتقريب الناس منهم سلام الله عليهم.
اضافةتعليق
التعليقات