أقامت جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية دورة تربوية قدمتها الأستاذة فاطمة مرتضى معاش/ اختصاصية في علم النفس للطفل، لمدة يومين بتاريخ 18 و19 شعبان 1443 هـ الموافق 22 و23 مارس 2022 م في مقر الجمعية.
بدأت حديثها بتعريف الحضور عن الفرق بين الابداع والذكاء قائلة: إن الفرق بين الابداع والذكاء يعود إلى نوعية التفكير، فالأشخاص الأذكياء يميلون بأن يستخدموا التفكير التقاربي (convergent thinking) بحيث إذا طُلب من هؤلاء الأشخاص حل مشكلة معينة، فإنهم يميلون إلى العقلانية عند التفكير ويفضلون المواضيع العلمية والمنطقية، إنهم مهتمون أيضًا بحل العديد من المسائل الرياضية باستخدام حل واحد، أما الأشخاص المبدعين فإنهم يميلون إلى استخدام التفكير التباعدي أو المتشعب(divergent thinking) بحيث إذا طُلب من هؤلاء الأشخاص الإجابة على مشكلة ما، فإنهم يميلون إلى التعامل مع المشكلة بشكل مباشر والتصرف بشكل أكثر تأملا، إنهم یحاولون إيجاد عدة حلول لمشكلة ما.
وأضافت معاش: الإبداع هو الإتيان بشيء جديد أو حلول جديدة غير مطروحة سابقا، الإبداع ليس فقط اختراع شيء جديد تمامًا بل هو قدرة الإنسان على إيجاد طرق جديدة من بين الطرق الموجودة أمام الجميع. الإبداع لا حصر له وأي شخص يمكن أن يكون مبدعًا بلا حدود لأنّ الله سبحانه وتعالى خلق لكل انسان بصمة فكرية خاصة حصرية بنفسه ولايوجد هناك شخصان يفكران بنفس الصورة ولكن يبقى علينا نحن أن نعرف هذه الطاقة في وجودنا وأن نجعلها تبرز بالصورة المناسبة.
ونحن اليوم كمسلمين شيعة موالين لأهل البيت (عليهم السلام) نحتاج إلى الإبداع أكثر من الماضي، لأن اليوم مع الأسف كثيرا ما يطرح أن الالتزام دينيا يكون مانعا لظهور الابداع، وهذا ليس صحيحا بل نحن نحتاج إلى طرق إبداعية جديدة لنعرض مفاهيم دين الإسلام بصورة عصرية على العالم، ونرى أن هناك ثغرة تعليمية تربوية كبيرة في هذا المجال، فما هي المناهج التعليمية التي وضعناها لأولادنا لكي يكونوا مبدعين ومؤمنين معا؟!
وتابعت حديثها بهذا السؤال أنه لماذا نحتاج إلی الإبداع في حیاتنا؟! نحن جميعا نمرّ بمشاكل في حياتنا ولكن طريقة تصرفنا مع المشاكل هي التي تعين مصيرنا، هل أستسلم أمامها وأعتبر أن حياتي انتهت مع المشاكل أم أني أبحث عن حلول جديدة غير مألوفة تساعدني على أن أتخطى المشاكل بنجاح؟! وفي بعض الأوقات نحن نجعل المشاكل والأزمات سلما للنجاح ونحولها إلى فرصة في الحياة، الإبداع يساعد في حل المشكلات بسهولة ويساعد على اكتشاف الذات، وفي نفس الوقت يرفع مستوى الثقة ويعزز الصحة النفسية ويساعد في زيادة الإنتاجية.
وأكدت معاش أنه لكي نربي أولاد مبدعين يجب عليك كأم أو كمربية أن لا تنسي أن تكوني مبدعة أولا وأن تربي ابنك علی الإبداع ثانیا.
الأطفال كلهم مبدعون ذاتیا أو كما أحب أن أسمیهم هم (علماء صغار) بشرط أن لانقتل هذا الابداع ونراعي بعض القوانين في التربیة، منها قانون حفظ الأمان، لأن الأمان هو الأساس لنمو أي صفة ایجابیة في الطفل.
وأوضحت الأستاذة الأمور التي تشعر الطفل بالأمان والأمور التي تهدم الأمان عند الطفل.
ومنها أيضا قانون حفظ الحرية، فقبل السبع سنوات يجب أن يكون الطفل حراً من دون ضوابط تربوية حادة وبعد السبع يجب اعطاءه الحرية ضمن الاطار الشرعي والعقلي، كما يقول أمير المؤمنين(عليه السلام): "يُرْخَى الصَّبِيُّ سَبْعاً وَيُؤَدَّبُ سَبْعاً وَيُسْتَخْدَمُ سَبْعاً."
ومنها أيضا قانون الحمایة العاطفية للطفل وحفظ المحبة، فالحریة لا تعني اهمال الطفل وتركه أن یفعل ما یحلو له من دون مراقبة، بل الطفل یحتاج إلینا وإلی دعمنا ومحبتنا في كل لحظة من حیاته، دعمنا وتخصيص وقت له سیقوي الابداع لدی الطفل.
وبعدها بدأت معاش بطرح طرق عملية لزيادة الإبداع في الطفل، منها تحفیز وادراك الحواس الخمسة، بحيث أن يدع المربي الطفل بأن يتعرف على الأشياء بلمسها وشمها، وليس فقط برؤيتها.
ومنها تحفيز الفضول وحب الإستطلاع لدى الطفل لأنها صفة فطرية فيه فلاتقمعي فضوله بل أشبعيه باجابته على أسئلته برحابة صدر.
ومنها القصة، عرف الإنسان أهمية القصة في حياته منذ القدم، لما لها من سحر يؤثر على النفوس حيث اعتبرت وسيلة من وسائل العلمية التعليمية، فالقصة تعطي الطفل فرصة لتحويل الكلام المنقول إلى صور ذهنية خيالية، أي أنها تنمي خيال الطفل، ويتفاعل الطفل مع القصة ويتوحد مع شخصياتها فمن خلال تفاعله يكتسب العديد من الخبرات والقيم والاتجاهات وتنمية الجوانب المختلفة من شخصيته، بالأخص إذا كانت القصة بصوت الأم فإنّ مفعولها سيكون له تأثير سحري.
وعرفتهم معاش إلى استخدام القصة بصور مختلفة وطرق عملية في سبيل ذلك.
وأيضا من الطرق العملية لزيادة الإبداع هو الرسم، فالأطفال يرسمون للتعبير عما يشعرون ويفكرون به، عندما يرسم الطفل شيئا مألوفا، تكون لديه فرصة للتفكير فيما يعرفه وكيف يشعر تجاه الرسمة، إن الرسم بالنسبة للأطفال يساهم بشكل فعال في تنمية المهارات الحركية لليدين والكشف عن إمكانات الطفل الإبداعية من خلال التعبير عن الذات والمشاعر والعواطف.
ولزيادة الإبداع طلبت معاش منهم أن ينوعوا باستخدام النوعيات المختلفة للألوان وعرّفتهم على تلك الأنواع، ويجب أن يترك للطفل حریة التعبیر فیما یرسمه وما یستعمل من الألوان.
وأيضا من الطرق العملية لزيادة الإبداع هو اللعب بل أهمها، لأنّ اللعب هو لغة التفكیر عند الأطفال، واللعب من وسائل تنمية التفكير عند الأطفال الذين هم دون السادسة من أعمارهم، ولا يقتصر أثره على الجانب الحركي، وإنما يتعداه إلى سائر النواحي الأخرى المُكوَّنة لشخصيته، وهي: المعرفيَّة والعاطفية والاجتماعيَّة، ويسهم اللعب بصورة فاعلة في تنمية الجانب العقلي والإبداع لدى الطفل.
كما وعرفت معاش خصائص اللعب الصحیح والمفید للأطفال بأنه كيف يجب أن يكون، وأكدت أن يلعب الأطفال بعناصر الأربعة في الطبيعة: الماء والتراب والنار والهواء، فإن له أثرا إيجابيا على نفسية الطفل وفي نفس الوقت يزيد من ابداع الطفل، كما قال النبي ( صلى الله عليه وآله):" اِنَّ التُّرابَ رَبيعُ الصِّبْيانِ".
وفي الختام تكلمت عن الألعاب المناسبة التي يجب أن نشتريها للأطفال مع أمثلة والموارد العملية التي أوضحت الفكرة لهم.
وخلال المحاضرة ونهايتها طرحت الأمهات والمربيات مشاكلهن مع أطفالهن التي أجابت عنها الأستاذة.
وفي ختام الجلسة تم عمل استبيان حول الدورة: هل حققت الدورة طموحك؟
ما المعلومات التي نفعتك من الدورة؟
هل عرفت من خلال الدورة ما يعاني منه أبناءك ؟ وكيف تتعاملي معهم؟
هل توصلت لحل المشكلات التي تعانين منها مع أبناءك؟
ما التأثير الذي تركته مشاركتك في هذه الدورة ؟
فكانت الآراء ايجابية نعرض منها:
- معلومات الدورة حول التعامل الصحيح مع الطفل نعم كان تأثيرها ايجابيا ونشكر ادارة الجمعية على اقامة هكذا دورات.
- الدورة مفيدة وأهم المعلومات تحفيز الحواس، تخصيص الوقت مع أطفالي، وتعلمت التعامل مع الطفل الذي يبكي كثيرا والطفل الذي يطلب كل شيء.
- أشعر أنني كنت أماً مسيطرة ولم أجعل أولادي يبدعون ولم أعطهم الحرية الكافية، أقترح تخصيص دورات ثانية نستفاد منها ونشكر ادارة الجمعية على هذه الدورات الثقافية.
- دائما كنت أتوقع أن الأمومة تجربة عصيبة ومرعبة لكن الآن تغيرت نظرتي وبدأت أحب اللحظات التي سيرزقني الله تعالى بهذه الأمومة.
- تمكنت نوعا ما من السيطرة على الأطفال ومحاولة جعل أوقاتهم مثمرة ومفيدة من حيث اللعب الحر والمفيد واشباعهم بالمحبة والاهتمام والدعم المعنوي لهم وتوفير البيئة المناسبة لهم .
- تعلمت كيف أقضي وقتي مع طفلي أكثر وأن أبدأ بنفسي أولا وأن أعطي الفرصة لطفلي أن يظهر ابداعه.
ومن الجدير بالذكر أن جمعية المودة والازدهار تهتم في شؤون الأسرة وقضايا الطفولة لتنشأة جيل يؤمن بالأسرة المتماسكة والتي تنتج رجالا ونساءً ايجابيين في المجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات