سيدي..
اختلاجات كثيرة تدور في خلدي، وأنا أقف على شرفة عيد ميلادك البهي. أعلم أنك زينة الدنيا والآخرة. وأعلم أن بتجليك لنا سندرك عالمٌ عصي على الإدراك، كالجنة تمامًا إذ لا عين رأت ولا أذن سمعت..
النصارى يعلمون أنّ مسيحهم -ذاته- مفتونٌ بك، منتظرًا لرؤيتك/ظهورك. يترقب في السماء هبوطًا هو صعودًا أكثر من كونه هبوط، ليصلي خلفك. فيعلم من يتّبعه أن عليه أن ينقاد لك، يُسلّم لك بدلاً منه.
فإذا كان المسيح (عليه السلام) يحيي الموتى؛ فأنت يا مولاي تحيي القرآن والدين والقلوب والأرض وكل شيء بظهورك.
إذا قال الخضر مخاطباً للنبي موسى لقلة صبره (هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) (مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا) لكن في حضرتك سيدي سيكون في خدمتك وتحت إمرتك وفخوراً انه سيكون مؤنسك في هذا العالم الموحش المظلم.
موسى كان منجي بني إسرائيل، أما أنت سيدي فستكون منجي البشرية جمعاء..
مولاي..
بلا مقدمات تترائى لي امرأة محنية الظهر مخاطبة ومعاتبة لي بل مخاطبة ومعاتبة لكل فرد من الشيعة في هذا العالم: "هل علمتم ما فعلتم بيوسفي؟
هل علمتم مافعلتم بيوسف الزهراء؟ هل علمتم ما جرى على مهديّنا خلال هذه السنوات الطويلة من غيبته؟ هل علمتم بدموعه المغتربة؟ ماذا تعلمون من محنه وقلبه الدامي؟ لِخلاصه من سجن الغيبة ماذا فعلتم؟! لماذا لا تدعون لخلاصه من هذه الغربة والغيبة والمظلومية؟!، إعلموا:
لم يكن هنالك قلب مكسور أكثر من قلبي في ذلك الزمان..
وفي هذا الزمان لا يوجد قلب مكسور أكثر من قلب إبني المهدي..."
ألا ليت أهل العالم يدركون الآية الكريمة:
"بقية الله خير لكم إن كُنتُم مؤمنين"
سيدي يا ليت شيعتك على الأقل يدركون ولو ذرة مدى غربتك ومظلوميتك!، وبأفعالهم وأقوالهم أن لا يسكبوا الملح على جراحات قلبك..
ليتنا كنّا نبحث عن الجواب خلف هذا السؤال:
هل غيبة بقية الله هو تقدير الهي محتوم؟ أو نحن الذين الى الآن لم نرده ولَم نطالب بظهوره؟
ليتنا ندرك أنّ قاعدة الظهور ليست بأمر صعب ومعقد بل إنّ هذه اليقظة والإدراك في أن تجعلنا نطالب وندعوا بالظهور قبل وقته المقدر هو مانرجوه وأنّ غفلتنا في سباتنا العميق هي من العلل الأساسية لتأخير ظهور ولي الله.
ياليتنا نعلم كم من أسرار وكرامات وبركات مخفية موجودة في الدعاء لظهورك المبارك؟
إذا كنّا نأخذ رسائلك على محمل الجد لم نكن الى هذه الدرجة من الغفلة التي امتدت لـ ١٢ قرن!
لا ادري مدى العظمة المكنونة في ظهورك المبارك حيث يعبّر جدك أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عن مدى شوقه لرؤية دولتك إذ يقول (عليه السلام): "وَيَا شوقاه الى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم". كفاية الأثر :٢٢٠.
يترائى لي صدى صوتك وأنت تقول لنا: "هل من معين يعينني..؟"
آهٍ آه.. سيدي.. لم تطلب أرواحنا لنفديك بها، بل كل مطلبك منّا هو فقط أن "ندعوا" لظهورك..
الخجل الخجل سيدي.. و وا أسفي علينا!
من هكذا واجب صغير قد فررنا! وصار أكبر همّنا مشكلاتنا! وأمورنا وحياتنا..!
عندما أصل لكلام مولاي الصادق (عليه السلام)، أقف لبرهة من الزمن أتأمل مدى عظمة وعجيب كلامه، إذ يقول (عليه السلام) في حقك: "لو أدركته لخدمته أيام حياتي". الصحيفة المهدية : ١٠٦.
يقول الإمام الجواد (عليه السلام) في حقك: "...فإنه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته". إعلام الورى ٤٠٩.
عجبا! أقول في نفسي هل من الممكن أن البعض ممن يكنّون لك الولاء أن ينقلبوا عليك وينسوك سيدي؟!
بل وأكثرهم!! ولكن الآن أرى هذا الأمر بوضوح، أنّ الإرتداد ليس بهذا المعنى فقط أي أن يصرخ أحدهم ويعلن إنكاره لك أو أن يمسك أحدهم قلمه ويكتب مقالاً وكتاباً ضدك.. لا بل هو أننا نسينا أمرك واعتدنا على غيبتك! وجالسين لا ندعوا لظهورك المبارك! وأننا لا نهتم بكلامك لنا ورسائلك.. يكفي أننا لا نشعر بوجودك وبحضرتك عندنا ولا نشعر بنظرتك علينا وعلى أعمالنا..! هو المصداقُ البارز لهذا الحديث النوراني..
لكن ما زلنا على قيد الحياة! إذاً لم يفت الأوان بعد، لدينا الفرصة الذهبية لاغتنامها، لنكون نحن السبب لتعجيل فرجه بأعمالنا، لندعوا جميعاً بصوت واحد لتعجيل ظهور صاحبنا ومنقذنا، لنجعل في كلّ بيت صورة عن الدعاء له وعن كلامه (عج) ولنعلّقها في بيوتنا وعلى أبوابنا، لنجعل في كل بيت مجلساً للحسين (عليه السلام) ونكتب على لافتة كبيرة هذا المجلس لتعجيل الفرج، لنفعل أموراً تذكرنا به طيلة الوقت وبأعمالنا لنعجّل في ظهوره المبارك..
الأمر و إن كان صغيراً بالنسبة لك لكنّه قد يكون عند الله كبير.. الإمام (روحي وأرواح العالمين له الفداء) حق من حقوق الله بل ومن أهمّ حقوقه!
"اللّهُمَّ عَجِّلْ لِوَلِيِّكَ الفَرَجْ وَالعَافِيَةَ وَالنَّصْر وَاجْعَلْنَا مِنْ خُلِّصِ أعْوَانِه وَأنْصَارِه وَالمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْه".
اضافةتعليق
التعليقات