قلوب أغشاها حب الدنيا، وهنالك قلوب قاسية، وقلوب قاطعت أرحامها، فما هذه القلوب التي توجد في صدورنا ونلتمس نبضاتها، ولم تلمس كلمات الآخرين وتقذفهم بسوء الكلام الجارح والحزين، لما قلوبنا أصابها الجفاء كالأرض التي لم يأتِ لها مطر، وكالمكان الذي لا يوجد فيه ماء.
وأيضا قلوب لا تملك إحساسا، أطلقتُ عليها قلوب تصدأ!
لكن عليَّ أن أقول بأن القلب كائن حي يمتلك فيضا من الحب والمشاعر ويتحمل الكثير الكثير، ويمتلك مساحة لا حدود لها من التحمل..
ولكن السؤال هنا هل تعلمون بأن القلوب تصدأ؟ وما معنى تصدأ؟
وهنا توجهت بهذا السؤال لإحدى صديقاتي فحينها كانت أجابتها لي:
إن الحديد اذا لم يستعمل غشيهُ الصدأ حتى يهلكه، كذلك القلب اذا تعطل من الحكمة غلب الجهل عليه حتى يميته، واذا صدِئ القلب عمي عن رؤية الحق وظل يسرح في خيال الباطل ولا يزال كذلك حتى يموت، وعندئذ فلا مطمع أن يدخله خيرا ابدا، فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، بل يكون همه من حياته شهوات نفسه واتباع هواه، فلا يبالي به الله في أي واد أهلكه.
وقالت أيضاً وأتمت كلامها..
أريحوا النفوس فإنها تصدأ كما يصدأ الحديد، إن للقلوب صدأ كصدأ النحاس وجلاؤها، الاستغفار وذكر الله، وأن للقلوب صدأ يعلوه، وذلك بكثرة الذنوب والمعاصي والغفلة والبعد عن ذكر الله، ولكل داء دواء والاستغفار هو العلاج إلى صدأ القلب..
كلما كان الإنسان قريب إلى ربه كان بأكمل الراحة والعقل الناضج والتفكير السليم.
خلق الله القلوب مساكن للذكر وجعل فيها العطف والحنان والطمأنينة وأحيى بها الضمير وجعل فيه روح الإنسان، فاذا مات القلب مات الإنسان ليس بالموت المعروف، أي مفارقة الروح للجسد ووقوف نبضاته وإنما اذا مات فيه الشعور بالحب العطف لأن كل المشاعر والأحاسيس يمتلكها القلب فإذا كان قلبك حي بذكر الله كنت إنساناً كاملا وعقلاً راجحاً وتفكيراً سليما وفعلاْ صحيحا، أما دواء القلوب فيكمن في خمسة أشياء ألا وهي:
1- قراءة التدبير.
2- وقيام الليل.
3- والتضرع عند السحر.
4- ومجالسة الصالحين لكي تحيي قلبك اذا كان ميتا وخيّم عليه الصدأ.
5- ودواء القلوب كذلك هو قلة الملاقاة أي ملاقاة من ماتت ضمائرهم وسيطر على قلوب وعقول الغير بتفكيرهم، لأن القلب اذا عطل من الحكمة غلب عليه الجهل حتى يميته واذا صدأ عمي عن رؤية الحق وظل يسرح..
حيث قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):
[إن في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله] ألا وهو القلب،
كان كلامها صحيح وتعبيرا جميل عن القلوب.
نعم صدأ القلب من الأمور المنتشرة في زمننا هذا، وخاصة الناس التي تتعالى وتتكبر على الغير بما لديها، فالقلب ليس بكثرة المال وليس بالحلال وليس قلة حياء وتجاوز على الغير فما هذه القلوب التي نمتلكها من حجر أظن ذلك، وكذلك الظاهرة المنتشرة بين الشباب يتظاهر بحبها وانه صادق بذلك وحينما تتعلق تلك الفتاة التي قد تكون لم تعرفه جيدا، فقط عرفت شكله ومظهره وكلامه الجميل لها، فتعلق قلبها به وبعد أيام، وربما أشهر يقول لها أنا ليس لكي فكل واحد في طريق، وانا لا أريدك فقط كنت أتسلى وأضحك عليكِ فحطم قلبها وانكسر..
فأي قلوب نمتلك نحن البشر وضعها لنا الخالق لنتعظ منها ولنسير في الطريق الصحيح ليس لخداع البعض.
ولهذا سأذكر هذه القصة: هناك طفل يبلغ من العمر 11 سنوات وضع كأسا من الماء وبدأ يضع لونا أسودا في ذلك الماء وفي كل ثانية يضع قطرة فيه ويقول هكذا هي قلوبنا تبدأ بعمل المعاصي والذنوب وقلوبنا لا تتوب.. لا تتوب.
وبعدها قام بأخذ كأسا آخر وقام بوضعه فوق ذلك الكأس الذي أصبح لونه أسود، وبدأ بوضع الماء فيه إلى أن فاض من الوعاء وبدأ يتغير لونه إلى الابيض فهنا تاب القلب حينما كثر استغفاره لله فأصبح قلبه ناصع البياض ونقي.
فيجب ان تكون قلوبنا هكذا. فيا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.. ونسأل الله أن يطهر قلوبنا وقلوب المسلمين أجمعين.
اضافةتعليق
التعليقات